الزراعة والصناعة طرفي معادلة كونية متوازنة , فالذي لا يزرع , أي الذي لا يوفر الطعام للعيش والحياة لن يصنع , لأن البطون الجائعة تعطل العقول.
والعلاقة بين اللون الأخضر وقوة الحياة مؤكدة في مسيرات البشرية عبر العصور.
فكلما زادت مساحات اللون الأخضر , تقوت المجتمعات المتنعمة به , والعكس صحيح , ويمكن معرفة إمكانيات أي دولة من المقارنة بين اللون الأخضر والأصفر في مواطنها.
دورة الحياة تبدأ باللون الأخضر الذي تصنعه الشمس , ومنه تنطلق أساسيات الطعام والإطعام.
إذا إختفت الشمس يسود اللون الأصفر وتنتفي الحياة , ولهذا كان للشمس من يعبدها في سالف الأزمان , لإدراكهم بأنها منبع الحياة ومبعثها الخالد.
مَن لا يزرع لن يصنع , لأنه سيستهلك وقته وجهده لتوفير لقمة الطعام , وعندما يشبع البشر يفعل عقله ويبدأ بالإبداع والإبتكار , فكل شيئ يأتي بعد الطعام ووفرته , ولهذا إهتمت المجتمعات بالثروة الزراعية والحيوانية بأنواعها , وإنتشرت الصناعات الغذائية في الدنيا , وما أكثرها في المجتمعات التي تقدر قيمة الطعام وأهميته للحياة الحرة الكريمة.
المجتمعات الجائعة بلا سيادة ولا عزة ولا كرامة وطنية , وهي عالة على غيرها , مهما توهمت بثرائها وما لديها من الثروات الطبيعية.
الزراعة والثروة الحيوانية لها الأولوية في المجتمعات المعاصرة القوية , ولا يمكن لها أن تفرط بها أو تتجاهلها وتصيبها بالإهمال.
ولو أصيبت مصادر طعامها بضرر لأقيمت الدنيا ولن تقعد , ولسقطت حكومات وعوقب مسؤولون , وفي بعض مجتمعاتنا يتم إهمال الزراعة وتدمير الثروة الحيوانية , والإعتماد على الغير في توفير أبسط المنتوجات الزراعية والحيوانية.
فهل ستستعيد بعض مجتمعاتنا رشدها , وتدرك أن الحياة في الزراعة وتوفير الطعام اللازم لتأمين قدرات التصنيع والإبتكاروإعمال العقول , وتخميد أنفاس النفوس السيئة ؟
زراعتنا لنا رفدٌ كبير
وعزتنا بها يسعى الوفير
فلا تنسى نباتا في حياةٍ
وعش زمنا بإثمارٍ يجير
كرامتنا بلا زرعٍ هباءٌ
سيادتنا يجافيها الصغيرُ
د-صادق السامرائي