18 ديسمبر، 2024 11:00 م

إرهاب قانون مكافحة الإرهاب ومخالفته للمعايير الدولية ومبادئ القانون الجنائي

إرهاب قانون مكافحة الإرهاب ومخالفته للمعايير الدولية ومبادئ القانون الجنائي

الى مؤتمر جمعية الحقوقيين العراقيين عن إنتهاكات حقوق الانسان في العراق اليوم
          لعل مفهوم او مصطلح (الارهاب TERRORISM ) هو من اكثر المفاهيم التي كانت وما زالت عرضة للتلاعب والاستخدام المزدوج من اطراف عديدة في مقدمتها الولايات المتحدة والغرب والصهيونية، والعديد من الانظمة التسلطية والتعسفية والدكتاتورية، في تطويع هذا المفهوم واستخدامه ذريعة للبطش بالمناوئين والمعارضين والتنكيل بحركات التحرر من الاستعمار والظلم والعبودية. وجاءت احداث الحادي عشر من سبتمبر2001 في الولايات المتحدة لتكون ذريعة لحملة عدائية سياسية شرسة و منظمة ضد العرب والمسلمين هدفها ربط الارهاب بالعرب والمسلمين، كما ان سلطات الاحتلال الصهيوني الغاشم تستخدم ما يسمى بـ ( مكافحة الارهاب) ذريعة لتصفية المقاومة والانتفاضة الفلسطينية الجهادية المشروعة. وفي العراق مازالت السلطة واجهزتها القمعية تستخدم تهمة الارهاب للايقاع بالمناوئين
يقول احد القانونيين: (في العلاقات الدولية المعاصرة قلما استعملت كلمة او اسيء استخدامها، او استعملت على نحو تعسفي اكثر من كلمة الارهاب!).
مطالبات الحراك الشعبي بالغاء قانون الارهاب:
      تدور الأزمة السياسية الحالية في العراق، ومطالبات المتظاهرين المعتصمين في عدد من محافظات العراق، احتجاجا على إجراءات الحجز والاعتقال والتوقيف والملاحقة التي تطول مواطنين تحت غطاء المادة 4 إرهاب .. حيث يرون أنها اصبحت سلاحا بيد السلطة القمعية لاستهداف مكوّن معيّن دون غيره، كما انها هي ذات المادة التي تُسند إلى السياسيين المناوئين الذين طالتهم تهم الإرهاب بموجبها، واصبحت أداة بيد السلطة للاستهداف والانتقام والتصفية..
فما قصة المادة 4 إرهاب؟ وما هو قانون مكافحة الإرهاب العراقي؟ وما هي أبرز عيوب هذا القانون ؟
بعض الحقائق قبل الولوج في الموضوع
–       لا يُنكر أن العراق مثل غيره تعرّض ويتعرض إلى أعمال إرهابية أودت بحياة مئات الألوف من أبناء العراق..
–       يجب التفرقة بين أعمال المقاومة المشروعة ضد الإحتلال وبين الإرهاب حيث أن المواثيق الدولية أخرجت أعمال المقاومة من وصف الجرائم الارهابية.
–       نحن نناقش الموضوع من وجهة نظر قانونية متجردة بعيداً عن السياسة والعاطفة،من أجل تلبية مطالب المعتصمين المنادين بإلغاء قانون الارهاب ومادته الرابعة سيئة الصيت.
محتويات  قانون الارهاب العراقي رقم 13 لسنة 2005
      القانون يتألف من 6 ستة مواد فقط. بخلاف كل القوانين العربية والاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب. حيث تضمنت المادة الأولى منه ما يلي المادة الأولى   تعريف الإرهاب بأنه كل فعل إجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة استهدف فرداً أو مجموعة أفراد أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية أوقع الإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بغية الإخلال بالوضع الأمني أو الاستقرار والوحدة الوطنية أو إدخال الرعب والخوف والفزع بين الناس أو إثارة الفوضى تحقيقاً لغايات إرهابية
        في حين أن الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب التي انضم إليها وصادق عليها العراق عرفت الجريمة الارهابية في مادتها الأولى بأنها هي أي جريمة أو شروع فيها ترتكب تنفيذاً لغرض إرهابي في أي دولة متعاقدة أو على ممتلكاتها أو مصالحها أو على رعاياها أو ممتلكاتهم يعاقب عليها قانونها الداخلى، وكذلك التحريض على الجرائم الإرهابية، وطبع أو نشر محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أيا كان نوعها إذا كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها، وكانت تتضمن تحريضا على تلك الجرائم. ويعد جريمة إرهابية تقديم أو جمع الأموال أيا كان نوعها لتمويل الجرائم الإرهابية مع العلم بذلك
        نصت المادة الثانية من قانون الإرهاب العراقي رقم 13 لسنة 2005 على أن تعد الأفعال الآتية من الأفعال الإرهابية
1.   العنف أو التهديد الذي يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو تعريض حياتهم وحرياتهم وأمنهم للخطر وتعريض أموالهم وممتلكاتهم للتلف أياً كانت بواعثه وأغراضه يقع تنفيذا لمشروع إرهابي منظم فردي او جماعي.
2.   العمل بالعنف والتهديد على تخريب أو هدم أو إتلاف أو أضرار عن عمد مبان أو أملاك عامة أو مصالح حكومية أو مؤسسات أو هيئات حكومية أو دوائر الدولة والقطاع الخاص أو المرافق العامة والأماكن العامة المعدة للاستخدام العام أو الاجتماعات العامة لارتياد الجمهور أو مال عام ومحاولة احتلاله أو الاستيلاء عليه أو تعريضه للخطر أو الحيلولة دون استعماله للغرض المعد له بباعث زعزعة الأمن والاستقرار.
3.   من نظم أو ترأس أو تولى قيادة عصابة مسلحة إرهابية تمارس وتخطط له وكذلك الإسهام والاشتراك في هذا العمل.
4.    العمل بالعنف والتهديد على إثارة فتنة طائفية أو حرب أهلية أو اقتتال طائفي وذلك بتسليح المواطنين أو حملهم على تسليح بعضهم لبعض وبالتحريض أو التمويل.
5.    الاعتداء بالأسلحة النارية على دوائر الجيش أو الشرطة أو مراكز التطوع أو الدوائر الأمنية أو الاعتداء على القطاعات العسكرية الوطنية أو إمداداتها أو خطوط اتصالاتها أو معسكراتها أو قواعدها بدافع إرهابي.
6.    الاعتداء بالأسلحة النارية وبدافع إرهابي على السفارات والهيئات الدبلوماسية في العراق كافة وكذلك المؤسسات العراقية كافة والمؤسسات والشركات العربية والأجنبية والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في العراق وفق اتفاق نافذ.
7.    استخدام بدوافع إرهابية أجهزة متفجرة أو حارقة مصممة لإزهاق الأرواح وتمتلك القدرة على ذلك أو بث الرعب بين الناس أو عن طريق التفجير أو إطلاقة أو نشر أو زرع أو تفخيخ آليات أو أجسام أياً كان شكلها أو بتأثير المواد الكيمياوية السامة أو العوامل البايولوجية أو المواد المماثلة أو المواد المشعة أو التوكسنات.
8.    خطف أو تقييد حريات الأفراد أو احتجازهم للابتزاز المالي لأغراض ذات طابع سياسي أو طائفي أو قومي أو ديني أو عنصر نفعي من شانه تهديد الأمن والوحدة الوطنية والتشجيع على الإرهاب.
ونصت المادة الثالثة من القانون على الآتي
تعتبر بوجه خاص الأفعال التالية من جرائم امن الدولة
1.   كل فعل ذي دوافع إرهابية من شانه تهديد الوحدة الوطنية وسلامة المجتمع ويمس امن الدولة واستقرارها أو يضعف من قدرة الأجهزة الأمنية في الدفاع والحفاظ على امن المواطنين وممتلكاتهم وحدود الدولة ومؤسساتها سواء بالاصطدام المسلح مع قوات الدولة أو أي شكل من الأشكال التي تخرج عن حرية التعبير التي يكفلها القانون.
2.    كل فعل يتضمن الشروع بالقوة أو العنف في قلب نظام الحكم أو شكل الدولة المقرر في الدستور.
3.   كل من تولى لغرض إجرامي قيادة قسم من القوات المسلحة أو نقطة عسكرية أو ميناء أو مطار أو أي قطعة عسكرية أو مدنية بغير تكليف من الحكومة.
4.   كل من شرع في إثارة عصيان مسلح ضد السلطة القائمة بالدستور أو اشترك في مؤامرة أو عصابة تكونت لهذا الغرض.
5.    كل فعل قام به شخص كان له سلطة الأمر على أفراد القوات المسلحة وطلب إليهم أو كلفهم العمل على تعطيل أوامر الحكومة.
ونصت المادة الرابعة 4 ارهاب على الآتي:
1.   يعاقب بالإعدام كل من ارتكب بصفته فاعلاً أصلياً أو شريكاً عمل أياً من الأعمال الإرهابية الواردة بالمادة الثانية والثالثة من هذا القانون،
ويعاقب المُحرّض والمُخطط والمُمول وكل من مكن الإرهابيين من القيام بالجرائم الواردة في هذا القانون بعقوبة الفاعل الأصلي
2.   يعاقب بالسجن المؤبد من أخفى عن عمد أي عمل إرهابي أو آوى شخصاً إرهابياً بهدف التستر
المادة الخامسة حالات الاعفاء من العقوبة
          ونصت المادة الخامسة منه على الإعفاء والأعذار القانونية والظروف القضائية المخففة :
1.   يعفى من العقوبات الواردة في هذا القانون كل من قام بإخبار السلطات المختصة قبل اكتشاف الجريمة أو عند التخطيط لها وساهم إخباره في القبض على الجناة أو حال دون تنفيذ الفعل.
2.    يعد عذراً مخففاً من العقوبة للجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون للشخص إذا قدم معلومات بصورة طوعية للسلطات المختصة بعد وقوع أو اكتشاف الجريمة من قبل السلطات وقبل القبض عليه وأدت المعلومات إلى التمكن من القبض على المساهمين الآخرين وتكون العقوبة بالسجن.
ونصت المادة السادسة على الأحكام الختامية
1.   تعد الجرائم الواردة في هذا القانون من الجرائم العادية المخلة بالشرف.
2.   تصادر جميع الأموال والمواد المضبوطة والمبرزات الجرمية أو المهنية لتنفيذ العمل الإجرامي.
3.   تطبق أحكام قانون العقوبات النافذ بكل ما لم يرد به نص في هذا القانون.
4.   ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية
الملاحظات العامة على القانون:
1.   إن المادة الاولى من قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 ألزمت القضاء بتعريف الارهاب، وهو كل عمل إجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة استهدف فرداً أو مجموعة أفراد أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية أوقع الإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بغية الإخلال بالوضع الأمني أو الاستقرار والوحدة الوطنية أو إدخال الرعب والخوف والفزع بين الناس أو إثارة الفوضى تحقيقاً لغايات إرهابية . ويلاحظ توسيع التعريف وعدم انضباطه وشموله كثير من الأفعال أو التهم التي يمكن أن تأوّل بأنها إرهابية. فضلا عن أنه لا يتوافق مع تعريف الإرهاب بالاتفاقيتين العربية والإسلامية اللتين صادق عليهما العراق واصبحتا ملزميتين للاتباع. وبمثابة قانون داخلي.
2.    صياغة المادة الأولى من قانون الارهاب العراقي تؤكد أنه كتب بشكل فضفاض وغير دقيق الى درجة خطيرة. فهو يعرف “الإرهاب” بأنه “كل فعل إجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة يستهدف فرداً أو مجموعة أفراد أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية ويسعى إلى الإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بغية الإخلال بالوضع الأمني والاستقرار والوحدة الوطنية وإدخال الرعب والخوف والفزع بين الناس وإثارة الفوضى تحقيقاً لغايات إرهابية”. لاحظ انه يكفي مثلاً ان يعتبر المرء “ساعيا للاضرار بالممتلكات العامة او الخاصة” وأنه كان يبغي “الاخلال بالوحدة الوطنية ”, وهي تعابير حمالة اوجه، ليصبح ارهابياً في نظر القانون. أما الجرائم التي تمس أمن الدولة والنظام السياسي فتشمل حتى ” كل فعل يقصد به تعطيل أوامر الحكومة» هنا تصبح القضية مهزلة حقيقية تصعب مناقشتها.
3.   تقسمُ بنودُ القانونِ الى اعمالٍ ارهابية وجرائمِ امنِ الدولة والعقوبات والاعفاءِ والاحكامِ الختاميةِ وجميعُ هذه المواد مرتبطة بالأعمالِ الارهابية التي تهدفُ الى اثارةِ الفوضى وزعزعةِ الوضع الامني في البلاد. علماً بأن ((ربط جرائم امن الدولة بالجرائم الارهابية وهذا مسلك غريب شاذ لم تتبعه اي دولة … ومناقض للاتفاقيات الدولية بشان الارهاب حيث ان جرائم امن الدولة لها قوانينها واحوالها واوصافها واحكامها) وليس كل فعل من افعال جرائم امن الدولة هو عمل ارهابي
4.   إن القانون لم يرد فيه تعريف مباشر ومحدد لمفردة الإرهاب وإنما جاء بتوصيف لما أسماه أفعال إرهابية وان تحليل النص يقودنا الى اتجاهات ثلاث: الأول أن يكون هناك فعل إجرامي بمعنى أن يرتكب الفرد أو المجموعة أو المنظمة أي نشاط إنساني جرمه القانون النافذ ووضع له العقاب، مثل جرائم القتل والتسليب والتهديد وغيرها مما نصت على تجريمها القوانين العراقية النافذة، فإذا لم يكن هناك ما يشكل خرقا للقانون العقابي فانه لا يدخل ضمن منظومة الأفعال الإرهابية. الثاني أن يكون قد أحدث نتيجة جرمية للفعل، أي أن يترتب على هذا الفعل أما ضرر مادي أو بشري، ويقع على الأفراد أو المؤسسات الرسمية وغير الرسمية او يرتب الفوضى وعدم الاستقرار، وان العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة متصلة غير منقطعة أي إن الأثر المتحقق هو نتيجة مباشرة للفعل الذي حصل. الثالث أن يكون هذا الفعل (الذي رتب الأثر المشار إليه في أعلاه) يجب أن يكون يسعى لتحقيق غايات إرهابية، أي إن الفعل حينما يقع بنشاط فردي أو جماعي ولم يكن الهدف منه تحقيق غايات إرهابية فانه يقع خارج نطاق نص قانون الارهاب العراقي ويندرج ضمن منطوق أحكام القوانين العقابية النافذة.
5.   لم يعرف القانون ماهي الغايات الإرهابية، وما الفرق بينها وبين الغايات الجنائية العادية، تركت عائمة!.
6.   كما أن هذا القانون يتنافى مع ضمان الحقوق والحريات التي نصت عليها الدساتير العربية ومنها الدستور العراقي النافذ كحق إبداء الرأي وحرية الفكر وحرية البحث العلمي وحرية الصحافة والنشر وغيرها من الحقوق الأساسية والحريات التي كفلتها أيضا المعاهدات والاتفاقيات والإعلانات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان
قلق الأمم المتحدة من قانون الإرهاب العراقي
       ورد في تقييم رئيس لجنة مجلس الأمن لمكافحة الإرهاب حول القانون العراقي الحالي لمكافحة الارهاب التقييم الآتي:
    ((على العراق مراجعة قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2005 وإنشاء آلية لمكافحة الإرهاب بصورة جدية في القانون المحلي باعادة النظر في القانون لتخليصه من الضبابية, واقتراح أحكام مضبوطة وتعريفات دقيقة للأفعال الإرهابية كي لا تنزلق مستقبلا في محاكمات سياسية وحسب تقييم أولي لهذا القانون هناك أحكام فضفاضة لا سيما في الماده الرابعه تتيح تأويلات واسعة, ومن شأنها أن تهدد الحريات العامة إلى أنّ “القانون وقعت صياغته بطريقة تسمح بمحاكمة كل شخص يخالف النظام)).
وجوب اشارة القانون الى المواثيق الدولية ذات الصلة بالارهاب:
        ان جودة القوانين الداخلية للدولة أصبحت تقاس بمدي توافقها واتساقها مع القانون الدولي وعدم تعارضها معه وان المواثيق الدولية المتصلة بالارهاب حتى الآن هي:
أ الاتفاقية الدولية ضد احتجاز الرهائن لسنة 1979
ب. اتفاقية الحماية الجسدية من المعدات النووية لسنة 1980
ج. اتفاقية قمع الأفعال الغير مشروع ضد سلامة النقل البحري لسنة 1988
د. برتوكول قمع الأفعال الغير مشروع ضد الأرصفة الثابتة في الجرف القاري لسنة 1988
هـ. اتفاقية معالجة المتفجرات البلاستيكية والكشف عنها لسنة 1991
و. الاتفاقية الدولية لقمع التفجيرات الإرهابية لسنة 1997
ز.الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب لسنة 1999
ح.الاتفاقية الدولية لقمع أفعال الإرهاب النووي لسنة 2005
ط. تعديل اتفاقية الحماية الجسدية من المعدات النووية لسنة 2005
ي. بروتوكول عام 2005 الملحق باتفاقية قمع الأفعال الغير مشروعة ضد سلامة النقل البحري
ك. بروتوكول 2005 الملحق ببروتوكول قمع الأفعال الغير مشروعة ضد سلامة الأرصفة الثابتة في الجرف القاري لسنة 1988
في الختام نقول، وبشكل عام, القانون سلاح بيد الحكومة يُمكنها توجيهه بدرجة أو بأخرى الى الجهة التي تشاء,  لذا يحرص القانونيون دائما أن تصاغ القوانين بأدق ما يمكن من الدقة، لتحد من امكانية الحكومة من توجيه اجراءاتها باتجاهات تخدم مصالحها دون مصالح الشعب, ولغير الأغراض التي سنّ القانون من أجلها.
قضاة شجعان:
       لابد لي وللتاريخ من تقديم التحية الى قضاة محكمة جنايات الموصل الذين اصدروا قرارا عام 2006 بالافراج عن اثنين من المتهمين بمقاومة القوات الامريكية حيث تمت احالتهما للمحكمة بتهمة الارهاب وفق قانون الارهاب سئ الصيت الا ان المحكمة افرجت عنهما لعدم وجود جريمة واستندت في حكمها الى مصادقة العراق على الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب التي تتضمن مادة تنص على ان افعال مقاومة الاحتلال لاتعد جريمة وانها من الافعال المباحة.
توصيات ومقترحات البحث:
1.   ضرورة إعادة النظر بالكامل في قانون الأرهاب العراقي رقم 13 لسنة 2005 من قبل خبراء القانون العراقيين استرشادا بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية والاسلامية والعربية  وبما ينسجم مع القواعد العامة للقانون الجنائي ولايتعارض مع مبادئ حقوق الانسان.
2.    اعتماد تعريف واضح وقانوني للارهاب والجريمة الارهابية بعيد عن الغموض والضبابية.
3.    ينبغي أن يتضمن القانون اشارة الى التوازن المطلوب بين أمن المجتمع وحماية الحقوق والحريات كأن يكون عنوانه قانون الأمن والحرية كما هو القانون الفرنسي. كما يجب أن يتضمن مادة استهلالية تفيد بأنه لن يترتب على تطبيق أحكامه الاخلال بحقوق الانسان وحرياته الاساسية على النحو الوارد في الدستور والتشريعات الاخري ذات الصلة.
4.   توجيه القضاة والمحققين بوجوب التقيد بالتفسير الضيق لنصوص التجريم الواردة في القانون. وليس في هكذا اقتراح بدعة. فقانون العقوبات الفرنسي الصادر في 1994 يتضمن نصا عاما يوجب الالتزام بالتفسير الضيق للنصوص التي يتضمنها هذا القانون
5.   وجوب خضوع إجراءات التحقيق في قضايا الاتهام بالارهاب الى رقابة الادعاء العام، وان تراعى فيها كل اشتراطات المشروعية.
6.   كما ننادي بوجوب النأي عن الأساليب غير المشروعة لانتزاع الاعترافات الباطلة كالتعذيب والمعاملة المهينة والابتزاز واعتقال العوائل للضغط على الهاربين للتسليم وغيرها من الأساليب التعسفية.