22 نوفمبر، 2024 9:17 م
Search
Close this search box.

إرادة الملوية!!

“هي الملوية الشمخاءُ تبقى….منارةَ أمةٍ تحيا وترقى”
الملوية تعبير عمراني أصيل عن ذروة ما بلغه الوعي الروحي والإدراك العقلي في زمن التألق والإرتقاء الفكري والثقافي والإقتداري , الذي وصلت إليه طاقات الأمة بعروبتها ودينها , ومنطلقات ما فيها من جواهر الرؤى وروائع الإبداع.

فكانت الملوية منطلقا لثورة عمرانية تواصلت في أرجاء الدولة العباسية , ولا تزال تأثيراتها واضحة في الزمن المعاصر , حيث البنايات والأبراج المستوحاة من فكرة الملوية الشماء.

وجوهر الفكرة ينبثق من الإلتواء والإرتقاء , فالإلتواء يعني تخزين الطاقة وعصرها لتكون ذات تأثير أكبر , وكلما إزداد الإلتواء تكثفت الطاقة وتعاظم الإقتدار , وإمتلك الملتوي إمكانية الإنطلاق إلى مسافات أبعد وفقا لبوصلة الإتجاه.

وبما أن الملوية إلتواء متجه نحو السماء , فهي ذات دلالة روحية تشير إلى أن الإنسان عليه أن يكنز من الطاقات الإيمانية الصافية النقية , ما يؤهله للإنطلاق نحو فضاءات الكون المتسع الفسيح , بمعنى أن الإنسان لكي يتخلص من تمسك الأرض به عليه أن يجتهد , ويُعمل عقله وروحه وقلبه ويهذب نفسه ويتخلص من رغباتها وإنفعالاتها , ويكون خالص الإنتماء لذات الوجود الكبرى , فيكون متشوقا ومنبثقا من كينونته ومتجها نحو خالقه العظيم.

والملوية تلخص جوهر فكرة الإسلام ومعنى الحياة , وتختصرها بأن على الإنسان أن يكنز من الفضائل ما يؤهله للفوز بمصير قويم.

ولهذا فأن بعض الجهلة المسعورين من ذوي العاهات النفسية والفكرية والعقائدية , من الأصوليين والدوغماتيين , والتابعين القابعين في أقبية الضلال والبهتان , والذين يتوهمون أنهم يعرفون الإسلام , وهم لا يفقهون لا في الدنيا ولا الدين ولا التأريخ , فينطلقون بسذاجتهم المدججة بالأحقاد والكراهيات ويعادون ما لا يفهمون , ويترجمون نوازع طائفية هذيانية حمقاء , تريد النيل من كل ما يشير إلى الحضارة العربية الساطعة الأنوار في زمن الدولة العباسية , التي كانت سيدة الأرض لأكثر من خمسة قرون. بل أن روح الشعوبية تسري في عروقهم , تلك التي حاربها الجاحظ إبن البصرة الأبي الغيور على العروبة والدين.

فالملوية رمز عروبة سطعت ودين توهج ككوكب دري في فضاءات دولة لا تغيب عن ربوعها الشمس , وستبقى منارة شموخ ودليل عزة وكرامة وإباء وكبرياء عربي مجيد!!

“فقلْ تحيا بأعماقٍ وقلبٍ…إرادةُ نهضةٍ سُبِكتْ فكانت”

أحدث المقالات