في العراق .. بلد المفارقات والعجائب .. يدور في مجالس اهله هذه الايام .. جدل عبثي عقيم .. الخائض فيه .. كحاطب ليل .. والناس فرقتين .. فمنهم من يدعوا الى المشاركة في الانتخابات المقبلة .. ومنهم من يرفض ذلك .. ولكل وجهة نظر وهؤلاء يمثلون جزء يسير من عامة العراقيين .. فالاكثرية صامتون يائسون من التغيير .. مستسلمون لقدرهم الاسود .. بعد خيبات المجالس السابقة .. ولو ناقشنا وجهتي النظر .. نرى : ان العزوف عن الاشتراك في الانتخابات ,لايخدم سوى الحيتان المهيمنين على الساحة منذ التغيير .. حيث لاتوجد مادة دوستورية تحدد نسبة مئوية مقبولة للمشاركة لكي تكون نتائج الانتخابات شرعية دوستوريا , ودون هذه النسبة تعتبر العملية الانتخابية باطلة … وعلى العكس .. تساهم المشاركة المتدنية للمصوتين .. في تدني سعر المقعد الواحد من الاصوات في المجلس القادم .. او مايعرف بالعتبة الانتخابية .. والتي تمّثل الحد الادنى لعدد الاصوات التي توصل المرشّح للحصول على كورسي في مجلس النواب .. فقانون الانتخاب ( سانتليغو المعّدًل ) .. يخدم الكتل الكبيرة والمتوسطة ويقصي الصغيرة … ويتيح هذا العزوف الفرصة واسعة الابواب امام الكتل والاحزاب ( الحيتان ) .. عن طريق الايعاز لجمهورها والمنتفعين منها للمشاركة الفاعلة او عن طريق شراء الاصوات او التزوير , أو التلاعب بمشاعر وعواطف البسطاء بالدعاوى الفارغة المعروفة ( نصرة الطائفة او المذهب والقومية , والتخويف من الاخر ) .. كما هو حاصل في كل دورة انتخابية .. حيث يحضر المال السياسي بقوة … فلا قانون احزاب يخشى … أما في وجهة النظر الداعية للمساهمة في الانتخابات والتفحص والتدقيق في اختيار الاصلح والنزيه – الكفوء .. ووفق معطيات مصلحة الوطن , وليس اية مصلحة اخرى .. فهي دعوة للاصلاح عن طريق تغيير الوجوه السابقة , والتي تصدت للمشهد السياسي طيلة السنوات السابقة وكانت فاشلة بامتياز , ومنع اعادة تدويرها .. لكن وقائع الامور تحكي خلاف هذا الطرح .. فلا بديل قوي يمتلك مال سياسي كما عند الحيتان .. ولا قانون انتخابي عادل يدعم صعود هذه القوى .. ولا وجود لارادة شعبية واعية لابعاد هذه الوجوه المعتادة … وفي هذه الدورة الانتخابية تم الالتفاف على القانون الانتخابي بتعديله ( المعدّل ) والدخول بقوائم عدة قوائم متوسطة لكل كيان من الكيانات المنبوذة شعبيا .. للحصول على اكبر عدد من الاصوات .. فلا ننسى .. أن البرلمان الحالي فيه فقط 16 راس من اصل 325 استحق الدخول الى قبة مجلس النواب بعدد الاصوات التي حصل عليها هو شخصيا .. فالباقون دخلوا البرلمان باصوات رئيس القائمة .. وهذا الرئيس – القهرمان .. هو الذي يحرّك هؤلاء عند طريق الايماء او الهاتف .. فالمجلس يديره الزعماء ذوو الاسماء المعروفة .. والباقون خشب مسندة .. لم نر منهم فاعلا في النقاشات تحت القبة الاّ القليل ( اقل من عشرين فردا ) وتحت انظار القهرمان ( السيد ) .. وبعد هذا الاستعراض لم نصل الاّ الى نتيجة واحدة هي : المشاركة في الانتخابات واختيار الاقل سوءا من ( مسلوبي الارادة ) سيئي القوائم التقليدية او دعم القوائم ذات التوجّه الليبرالي ان توفرت .. لان العزوف اكثر ضررا للبلاد والعباد . السلام عليكم .