18 ديسمبر، 2024 7:06 م

إذا كنت محباً فإلزم الصمت!

إذا كنت محباً فإلزم الصمت!

عن النبي محمد (صلواته تعالى عليه وعلى آله): (يا علىّ إنّ فيكَ مثلاً من عيسي بن مريم، أحبّه قوم فأفرطوا في حبّه فهلكوا فيه، وأبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا فيه، وأقتصد فيه قوم فنجوا، وعن الإمام علي (عليه السلام):(سيهلك فىَّ صنفان: محبّ مفرط يذهب به الحبّ إلى غير الحقّ، ومبغضٌ مفرط يذهب به البغض إلى غير الحقّ، وخير الناس فىَّ حالاً النمَطُ الأوسط فإلزموه).
الحياة تتجدد والأسماء تتغير، لكن القواعد والسنن باقية هي ذاتها، مهما تغيرت الأزمنة والأمكنة، لأن البارئ (عز وجل) يقول في كتابه العزيز: (فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً)، على أن الصيغ التوافقية لحل الإختلافات، التي قد تحدث هنا وهناك، بين الأصدقاء المخلصين ضمن المجموعة الواحدة، هي الأساس الذي يجب أن ننطلق منه لرأب الصدع، حول طاولة حوار مشترك يتقدمه إحترام، يجوب كل أطراف المحاورة، فطرح الهموم والهواجس، تنتهي عندما تهدأ النفوس وتطمئن القلوب.
الحكمة والموعظة الصادقة سُّنة حسنة، تشعر جميع أطراف الحوار بالإحترام، والمشاركة، والإحتواء، فهناك حكمة تقول:(أحياناً يكون أقوى إنجازاتك بالحياة، هو أنك ما زلتَ بقواكَ العقلية، وما زلتَ تتعامل بأخلاق، مع أنكَ محاط بكمية لا تحصى من الحمقى، الذين يفرطون في طرح ما يريدون)، وهذا ما ينطبق على بعض البشر، حين ينسون أن إبليس كان صريحاً معنا منذ البداية، وأخبرنا بأنه سوف يضلنا في الدنيا، ويتخلى عنا في الآخرة.
عندما نقول إن أسعد إنسان على وجه الأرض، هو مَنْ يمتلك عزة نفس، لا تمثل لساناً ساخراً أو طبعاً متكبراً، بل الإبتعاد عن كل ما يقلل من قيمتك، ولا ينتظر من أحد شيئاً إلا من الواحد الأحد، وهنا سنكون قد فهمنا الحياة على حقيقتها، وعرفنا أن الناس معادن كثيرها يصدأ، وقليلها على بريقه يحافظ.
أبواب السعادة والتفاؤل كثيرة، ولكن البشر أحياناً يقفون عند الباب المغلق، في تصريح مبطن يؤخذ بنية السوء قد يسمعونه من شخص، ولا ينتبهون الى الأبواب الأخرى المفتوحة، فتراهم يتشبثون بردود آنية قاسية، وقد تكون قاتلة في محاولة بائسة لتزييف الحقائق، أو لإيصال رسائل مشوشة، تلقي بظلالها على الجماعة الصالحة، فيختلط الحابل بالنابل.
ختاماً: علينا أن نكون حذرين من هفواتنا، التي نقع بها بداعي الحب والولاء، فيطبق علينا المثل القائل: (يريد يكحلها عماها)، وهنا يستفيد المبغضون من هذه الغفلة، ليتصيدوا بالماء العكر، ويلحقوا ضرراً بالمشروع والمسيرة على حد سواء، وإلا فلنحسن الظن بالناس، ولنعش بلسان لا ينطق إلا خيراً.