يقال إذا بُليتم فاستتروا وهو توجيه يحمل في جوهره دعوة إلى ستر العيوب وحجب المآخذ عن العلن اتقاءً للفتنة وصونًا للسمعة فالإنسان قد يبتلى بما يعيبه وليس في ذلك ما يضر الآخرين بالضرورة غير أن المجاهرة به تلحق الأذى بالنفس والجماعة والمؤسسة التي ينتمي إليها .
من هنا تبدو الحاجة ماسة إلى التذكير بهذا القول الحكيم في واقعنا الرياضي حيث نشهد في غير مناسبة ما يُشبه نشر الغسيل على الملأ سواء من خلال البيانات المتبادلة أو عبر الفضائيات التي تتخذ من الأزمات مادة للجدل والإثارة وما يزيد الطين بلة أنّ أطرافا قيادية في بعض الاتحادات والأندية الرياضية تتصدر المشهد فتتحول الخلافات إلى مادة فضائحية مفتوحة أمام الجمهور بدلاً من أن تعالج في إطارها المؤسساتي .
إن هذه الظاهرة التي برزت بشكل أوضح في اتحاد الكرة على خلفية الانتخابات وما تبعها من نزاعات لم تعد خافية على أحد بل باتت المخاطبات الداخلية والخارجية والمذكرات الرسمية تنشر على الملأ وكأنها أوراق صحفية والحقيقة أن اتحادات رياضية أخرى لا تقل سوءًا في ممارساتها بل قد تكون أشد إضرارًا بالعمل الرياضي .
ورغم هذه الصورة القاتمة يلوح في الأفق جانب إيجابي يتمثل في تنامي وعي الجمهور الرياضي الذي صار أكثر إدراكا لطبيعة ما يجري خلف الكواليس من صراعات على النفوذ والمصالح تحت غطاء الرياضة لقد بات واضحا أن بعض المناصب الادارية لم تُعَد تُدار لخدمة الرياضة بقدر ما أضحت مطمعا لمن يسعى وراء المال والسفر والظهور الإعلامي .
ومن الإنصاف القول إن رئيس اللجنة الأولمبية الدكتور عقيل مفتن كان من أوائل من شخصوا هذه المظاهر السلبية بجرأة ووضوح مؤكدا أن لا يصح إلا الصحيح وأن الرياضة العراقية قادرة على استعادة ألقها متى ما نُقيت مؤسساتها من أصحاب المصالح الشخصية .
همسة …
معركة انتخابات اتحاد الكرة ما زالت في بداياتها والأضواء الإعلامية منصبة على مرشحين بارزين يتبادلان الظهور والتصريحات غير أن المرشح الثالث اختار موقع المراقب من بعيد متجنبا الضوضاء ومفضلا قراءة المشهد بدقة قبل أن يتحرك هذا الغياب المقصود عن الإعلام قد لا يعني ضعفا أو تراجعا بل ربما يعكس استراتيجية قائمة على الصمت والعمل الخفي في انتظار اللحظة المناسبة لتقديم خطة محسوبة والدخول إلى السباق بقوة فالحكمة أحيانا أن تستتر لتصل إلى الهدف دون أن تستنزف مبكرا .
