مجتمعات الأمة ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى تمثلها بضعة أفرادلا غير , في البدء تأسست أنظمة حكم دستورية ذات وكالات رسمية بتأمين مصالح الأسياد , ومنذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين , إنطلقت مسيرات الحكم الإستبدادي التي يكون الشعب بموجبها يساوي فردا وحسب.
وأدت تلك الأنظمة مهماتها على أكمل وجه , وتدحرجت نحو نهاياتها المأساوية , وكأنها بالونات تم نفخها حتى حان وقت إنفجارها.
وعند مطلع القرن الحادي والعشرين برزت لعبة الديمقراطية , فصارت دول الأمة ممثلة بعدد من الأشخاص المرهونين بإرادات القوى التي يتبعونها , فتأسست أنظمة فردية متنوعة , فالمجتمع في أي بلد يمثله نسبة من الأفراد المحكومين بإرادات الطامعين بالبلاد والعباد.
أي أن أنظمة الحكم لم تتغير كما نتوهم , بل تعددت مصادرها ومنطلقاتها والهدف واحد , وأدت خدمات كبيرة للآخرين , لأنها أذكت فتيل الصراعات البينية , وأشاعت القتل والفساد في المجتمع , ووضّفت الدين ليكون من أعتى أسلحة التدمير الشامل , فصار الهدف يأكل نفسه.
وفي هذه التوليفة الإفتراسية العجيبة , أصبحت الكراسي في عالم والشعوب في عالم آخر , والقوى تتعامل مع الكراسي ولا يعنيها أمر الشعوب , وما يصيبها تحسبه أمرا داخليا , وترى أنها تتمتع بأنظمة ديمقراطية , فلا يجوز التدخل بما تقوم به الكراسي لأنها تمثل الشعب وتجسد إرادته.
والكراسي لا تستعين بالشعب , لأنها لا تستمد قوتها منه , بل من أسيادها وكفلائها الذين يحافظون على بقائها في سدة الحكم.
ومعظم الكراسي تترجم شعار ” دعني أفعل ما أشاء وخذ ما تشاء” , ولكل منها عمر محدد وفقا لتقويم المصالح والأجندات.
فالملايين من أبناء المجتمع , بدت أمام الآخرين على أن عدد محدود من الأشخاص يمثلونها , وبهذا يتحقق إختصار الشعوب , بأفراد حريصين على مصالح أسيادهم , وناكرين لمصالح شعوبهم.
وهذا يفسر معاناة المواطنين في دول الأمة , ومقاساتهم شظف العيش والحرمان من أبسط حقوق الإنسان.