كان لابد لإدوارد أن يقوم بدوره، فقد عول عليه الدكتور هانز وأهل القرى المجاورة والقرية التي أصابها الوباء إلا هو وعدد قليل من البيوتات المتنانثرة على أطرافها، فقد أوصاه طبيب القرية أن يتوخى الحذر حال خروجه خلسه من حراس العمدة الذي أمر بعزلهم عن العالم الخارجي كي لا يتفشى الوباء الى علية القوم… فالقرية أغلبها عمال وخدم لتلك العلية التي أخذت لنفسها مكانا مميزا يقطعها عن مربع القرى المحيطة التي اغلب أناسها يعملون في مصنعي السيد كلاوس بدينغتون والسيدة فران بدينغتون شقيقته اللذان يديران مصنع للجلود والآخر لتصنيعه هما معروفان بتعاليهما ونظرتهما الدونية الى كل من يعمل عندهما غير أن اصحاب القرى لا يبالون فجلهم لا يرى آل بدينغتون إلا في المناسبات النادرة جدا… ولعل الطبيب هانز هو حلقة الوصل كون لديه مركز صغير بين المصنعين للطبابة الصحية فكان مثل البندول دائما بتداول مستمر غير أن قلبه وضميره مع العمال فهم من يتعرضون الى المرض خاصة ان تعاملهم مع الحيوانات بعد قتلها وأخذ جلودها، الى أن جاء اليوم الذي تعرض فيه أحد العمال الى وعكة صحية لم تمهله وقت طويلا حتى فارق الحياة فيها، استغرب الجميع فهم يعرفون ان ترافيس عامل فحل لا يمكن لأي مرض أن يهلكه وهذا ما دعى الطبيب هانز لأن يجري بعض الفحوصات دون علم أحد بعد ان أرسل عينة الى احد المختبارات في المدينة فجاءت النتيجة سلبية جدا مع تحذير كبير بأن كل من زامن الشخص المتوفى عليه أن يعزل وهو عرضة للإصابة بنفس الوباء الذي سيكون فيه هلكته ففإن ترة حضانته هي خمس عشر يوما… لذا يبدو المتوفى قد أصيب منذ فترة لكنه لم يشعر بذلك لسبب ما حتى فتك به الوباء فقتله…
دب الرعب بين الجميع العديد من العمال وبعد ان تحدث الدكتور هانز معهم بضرورة تذكر من كان مع او لامس وشارك ترافيس في الجلوس او قضاء المساء وعلى عائلته فورا ان تلزم نفسها البيت ولا تخرج حتى اقوم بزيارتها بعد هذا اللقاء… تسارعت الاحداث بدا الخطب كبيرا لم تتسع العيادة للمرضى الذين اصيبوا كانوا يتساقطون عن دفة الحياة بعجالة لقد تفشى الوباء إلا هانز الذي ألم ببعض العلاجات الوقائية التي اطالت اعمار وبقاء البعض ولعل السلطة بعد ان علمت بالوباء من السيد والسيدة بدينغتون طلبوا العزل غير ان اصحاب السلطة والمقربين نصحوهم بالمغادرة واللجوء الى المدينة حتى يتم أحتواء والسيطرة على الوباء… كان لابد لإدوارد ان يخرج ويصل الى المدينة كي يجلب الترياق الذي عرضه صديق للدكتور هانز ويدعى مالكوم، فقد زامن مالكوم مثل هذا الوباء في فترة ما واستخدم الترياق المزمع عنده على المصابين الذين تعرضوا في تلك الفترة ولا يدري إن كان سيشفي هؤلاء العمال ام لا لكن يبدو له أن الاعراض تكاد تكون مشابهة او متقاربة خاصة ان فترة الحضانة واحدة وبعض الاعراض… طلب الدكتور هانز من اصحاب المصنع ان يذهب بنفسه لإحظار العلاج لكنهما رفضا بناء على أوامر عمدة المدينة الذي وعد انه سيقوم بالاتصال والذهاب معهم الى المدينة لأخذ الموافقات الرسمية والاحترازات اولا ومن ثم سيجدون حلا او وسيلة لعلاج المصابين… عالم غريب ان ترى أصحاب النفوذ يسحقون بأقدامهم من هم اقل منهم شأنا صرخ وقاوم دكتور هانز معارضتهم وهدد بأنه سيلجأ الى فضحهم في الصحف كما قال الخوف ليس على هذه القرية فقطط وناسها بل الخوف من تفشيه فقد جاء وغادر العديد من الناس أثناء تواصلهم بالمعامل والموظفين وحتى العمال اثناء نقل الطلبيات… لكن السيد بدينغتون والعمدة لم يسمعا له وفرض عليه الحراسة المشددة والحصار… فكان لابد من وسيلة وهنا جاء دور إدوارد المساعد للدكتور هانز في الكثير من الأمور هو ليس طبيبا لكنه متدربا ملم بكثير من الاشياء بعد أن اخذ بيده هانز ودعاه للعمل معه كي يحظى ربما الرغبة مستقبلا في دخول كلية الطب خاصة انه أنهى دراسته الثانوية غير ان المادة كانت المانع… عرض إدوارد على الدكتور ان يذهب هو لقد خبر عن ظهر قلب بواطن القرية مخارجها ومداخلها.. كان من الصعوبة الخروج من الحصار المفروض على القرية لكن أدوارد استطاع الخروج بكل سهولة ومع العمدة والسيد بدينغتون بعد ان وضب نفسه في الوصول الى القصر الكبير وأدخل نفسه مع عربة الحقائب التي كانت ترافق السيد والسيدة بدينغتون والعمدة… ساعده في ذلك روز الفتاة التي تعمل كخادمة مقيمة في القصر وهي تميل الى أدوراد والتقيا مرات قليلة لكنها تكن له الود فما ان عرض عليها مساعدته حتى بادرت بالموافقة بعجالة… الطريق شاق وطويل غير أن عزيمة ادوارد قللت من تعبه حتى التقى ادوراد بالدكتور مالكوم دار حديث عن كيفية النقل والكمية التي يمكن ان يحملها معه.. والتي ربما لا تكون كافية لذا اوعز ان يرافقه الى القرية ويقوم بتحضير الترياق هناك بعد ان اخذ ما يلزمه معهما… شكر ادوارد صنيع ومرافقة الدكتور له، فقط طلب منه ان يفعل ما يقوله له ولا يستغرب مما قد يفعله مضطرا ليس إلا للضرورة.. وافق دون معرفة ما يعنيه، بعد عناء ودهاء، خلسة ومكر كانت عربة صغيرة تحمل نعشا فخما يرافقها الدكتور مالكوم ويقودها أدوارد، كانت الوضع شبه فوضى في المدينة فهم سمعوا بالوباء الذي قد يتفشى ويصل اليهم، لكن السلطة احكمت مداخل ومخارج المدينة ولا تسمح بدخول او خروج اي أحد… حتى وصلا الى نقطة بعيدة نادرا ما تستخدم كطريق للسير استوقفهما عدد من الحراس طالبين من ادوارد العودة وإلا، جدال طويل بالرفض دون ان يسمح لهم بفتح النعش والتفتيش اكراما للسيدة المتوفية خاصة أنها من الذوات ولايوجد خوف فهو وزوجها سيقومان بدفنها… وهذا لا يتعارض مع اي من الحماية لكن رئيس الحراس قال بالتأكيد ستعودان وربما ستتصلان او تلامسا احد ما فتصابا وعند عودتكما تكون قد حملتما الوباء معكما.. أخرج رأسه الدكتور قائلا: حسنا إذا كان خوفك من ذلك اعدك بأننا لا نعود سنبقى في الخارج، لا تحزن سنجد مكان ما نقيم فيه فبعد زوجتي الحبيبة لا يهم اي مكان خرب او موت اكون فيه… خجل من نفسه رئيس الحراس وسمح للعربة بالخروج بعجالة، سارا طويلا بعد ان اتخذ من الالتفافات العديدة ادوراد لتحاشي العيون التي تراقب والطرق الرئيسية في آخر وصلة منها لدخول القرية لمحهم الحرس المتجول فصاحوا بعد ان رفعوا السلاح بالتوقف وإلا سيطلقون النار، توقف ادوراد ونزل الدكتور هانز، طلبا اوراقهما الثبوتية لكن لم يقدما شيء فقد قالا نحن فرقة تفتيش سرية جئنا نستطلع الوضع لنقله الى السلطات لكن يبدو ان خطتنا فشلت.. كادت تنطلي عليهما تلك القصة غير ان احد الحراس عرف ادوارد فقال: إنهما كاذبان فهذا الشخص اسمه ادوارد يعمل مع الطبيب هانز وهو من اهل القرية، كان هنا بالامس ترى كيف خرج منها؟ هاهو يعود مع شخص لا اعرفه، كان لزاما على الحارسين ان يفتشا العربة والتابوت ومن ثم يعتقلاهما.. فما ان انشغل احدهما بالتفتيش همس ادوراد ارجو ان لا تفزع وتعمل على مساعدتي… اخرج من بين ثيابة قطعة صلبة ضرب بها من عرفه على رأسه فأسقطه ثم سارع الدكتور مالكوم للإمساك بالاخر قبل ان يقوم بالحراك فهجم إدوارد عليه وضربه ايضا… بسرعة البرق وارا الحراس ودخلا الى القرية وهما يحملان ما بداخل النعش بعد أن اوقفا العربة في مكانها على ظهرالحصان لوعورة الطريق بعد ان تعذر السير معها..
ايام مضت انهكت دكتور هانز و دكتورمالكوم في العمل ليلا ونهارا دون مساعدة إلا القليل من الذي يعدون على الاصابع كانت روز وبعض من الخدم ابوا إلا ان يشاركوا في إنقاذ اهل القرية فهم بالتالي منهم وعليهم ولهم فيها اقرباء.. لم يستطع اي احد منعهم حتى ان العصيان للأوامر قد اصاب الحرس فتخلوا عن واجب حماية المداخل والطرق، نزلوا حيث المساعد .. كان للترياق اثر جيد على المصابين بعد ان نهب الوباء الكثير ممن أتقن فيهم وتأصل… لكن بمساعدة وإيمان هانز ومالكوم وتضحية ادوارد شفى اغلب أهالي القرية استخدم هذا الترياق على عموم البلاد بعد ان وصل الخبر الى السلطات في المدينة، عزلوا العمدة وأدانوا فعل السيد والسيدة بدينغتون اللذان ساؤا العمل ولم يقيهم ما فعلوا بأن يصاب بدينغتون بالوباء ويموت وتبقى اخته وحيدة بعده، أما العمدة فطلبوا منه المغادرة وعائلته فهم ليسوا جديرين بالإحترام بعد الآن.
زاد تواصل روز بإدوارد هاهما بعد سنين عدة حيث الدكتور هانز وصديقه الدكتور مالكوم يقفان على شرفة المنزل حيث يقيم الدكتور ادوارد وزوجته روز يتذكران أحداث الوباء وانتصارهم عليه.