في سبعينيات القرن الماضي أراد رجل معمم يدعي انه له قدسية أراد السفر الى بريطانيا للعلاج فعندما وصل المطار واراد ان يدخل انفتح الباب الزجاجي له وإذا به يدعى بافتخار وبصوت عال ان ما حدث نتيجة قدسيته وبعضهم صدق ما حدث في ذلك الحين.
هل خطر ببال أي منا وهو في لحظة خلو لماذا تفوقت علينا أمم أخرى في اسيا وحتى في افريقيا ناهيك عما يجري في الغرب من تطورات تخدم صالح الانسان في كل الميادين تقريبا وبقينا نحن أبناء الامة المقسمة نخوض في أمور تافهة ونعيش في الماضي ولا يهمنا شيء سوى العلاقة بين المرأة والرجل وهيمنة الأخير على مناحي الحياة واستضعاف الجنس الاخر. بالتأكيد خطر ببالنا مسالة فرقتنا ومسالة كوننا ابناء امة مقسمة ومنقسمة وليس دولة امة واحدة (Nation State) تهابنا الدول.
الم نر دولة كبرى مثل روسيا تحتل القرم وهو جزء من أوكرانيا ولم يحرك العالم ساكنا. وقياسا على ذلك هل استطعنا ان نوقف الإدارة الحالية في واشنطن من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفاراتها الى القدس بالرغم من كل الأعراف والمواثيق الدولية ذات العلاقة التي تدعم موقفنا. لو كنا دولة واحدة قوية لما تجرأت دول أخرى على غبن حقنا وقتل ابناءنا.
لو خطر ذلك ببالنا وكنا في لحظة حقيقة لقلنا اننا نحن السبب وراء ضعفنا. اننا أولا وقبل كل شيء نتفاخر في امجاد ماضينا نعم لا عيب في ذلك ولكن يجب ان نتجاوز حدود الماضي ونفكر في المستقبل أيضا ولا نتماهى مع الماضي وننسى اننا في الالفية الثالثة. الا يخطر بالبال اننا نلقي اللوم على جهة أخرى كالاستعمار ودسائسه نعم الدول الكبرى التي تكالبت علينا في الماضي لها علاقة بذلك لأنه لا يهمها الا مصالحها لكن الم يحن الوقت ان نصحو ونبني ونستثمر. الا يخطر ببالنا ان مناهج التعليم عندنا بقيت على حالها لقرون ولا تتناسب مع متطلبات العصر فيما دول أخرى صغيرة لا يتعدى حجمها حجم مدينة من مدننا ((City State مثل سنغافورة كانت اهم بدايات تقدمها موائمة مناهج التعليم مع التغيير الزمني لخدمة الأجيال.
ان مفهوم الثقافة عندنا هو التزود بالمعلومات واللغات والمهارات وبهذا المعيار الرجل المتعلم عندنا يقال له مثقف. الثقافة ليس كل ذلك فقط. الثقافة مفهوم شامل ولا يقتصر على التعليم. الثقافة أيضا هي ما يتربى عليه الفرد في بيئته الطبيعية الاجتماعية ما اردت قوله هنا لابد من السعي لجعل ثقافتنا تتناسب مع متطلبات التغير الزمني وتقبل الاخر وتعليم أولادنا مبدا التسامح مع منا يعيش معنا. لنوظف الفكر الناقد ونناقش مفردات الخطاب اليومي. بموجب ثقافتنا لغتنا تتحكم في سلوكنا. فمثلا كلنا معجبون بالشاعر المتنبي ويتخذه الكثير قدوة واشعاره للبعض حكمة فمن شعره مثلا هذا البيت
إذا اتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي باني كامل
أولا هذا دعوة لعدم قبول الراي الاخر وثانيا هذا تجاوز على الذات الإلهية (الكمال لله فقط). يبدو ان الشاعر معذور لأنه عند ما قال ذلك كان في حالة غضب وكان هذا الامر مقبول حيث ان السياق يختلف ولكن الطامة الكبرى لايزال البعض يتمسك بذلك ويستشهد به.
والامثلة في الثقافة العربية التي تتطلب الفكر الناقد كثيرة وتربينا عليها.
كل ما اردت قوله في هذا المقال ان الأمم قوية قوتها بوحدتها ولتحقيق ذلك لابد من إدراك الحاجة للتغير والسعي لتحقيقه. ولكن لايزال هناك امل والامل بالله اقوى.