18 ديسمبر، 2024 8:09 م

• إدبار الدولة
“وإنما يُؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، وإنما يُعْوِزُ أهلها لإشرافِ أنفس الولاة على الجمع، وسوء ظنهم بالبقاء، وقلة انتفاعهم بالعبر”. (علي بن أبي طالب ع)

السؤال الذي يدور في ذهن ووجدان الأعم الأغلب من المواطنين العراقيين، وتجد صداه عاليا على لسان المطحونين بالأزمات ..هو ؛ هل فشلت الحكومة المؤقتة فى حلحلة وضع متأزم واحد على الأقل مما يكابده المواطنون من سلسلة أزمات، على صعيد الخدمات أو البطالة أو الكشف وثم الحد من الفساد المستشري في دولة مثقلة ببيروقراطية ومحاصصة، مسيرة حزبيا، فالمسؤول الذي يأتي عن طريق حزب ما يكون ولاؤه الديماغوجي لولي نعمته وكتلته وليس للدولة، لترتهن المؤسسة بكافة قدرتها اليه ليصادرها كاملة غير منقوصة … فلا غرابة ان تشهد حملة اجتثاث لن يتورع معها عن توزيع مناصب ومراكز وفقا لمحاصصة حزبية – طائفية – مناطقية. تعود على المؤسسة بالفشل والعجز والتردي.
بدهيا .. لايصلح حال مؤسسة وصولا لعموم دوائر الدولة الا إذا احسنت اختيار من يتولى مسؤوليتها.. وتأكيد ذلك في جواب شاف عن سؤال يستطيل الى اسئلة:
هل يعاني العراق من فشل حكومي؟ وهل تم اعتماد قواعد وشروط ملزمة لتولي المناصب الهامة والحساسة والقيادية .. وهل تقدمت الخبرة والمهنبة على حساب الولاءات الموقوتة.. وماذا عن ارتفاع وتائر التذمر والحيف والظلم في تغييب المهنية والشفافية ومصلحة الوطن والمواطن. وهل تمدد الوضع ليشمل القطاعات الأعلى في المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية.. من خلال السعي إلى تحجيم او الغاء وتغييب دور كتلة ما ومصادرة استحقاقها وتأزيم الوضع الى درجة الأختناق او الانسداد السياسي الذي شكل نتيجة حتمية لما هو عليه الوضع العائم اليوم؟؟.
لا مندوحة من الإشارة الى تناقض قريب وهو رفض ثم إقرار قانون الأمن الغذائي على أساس التخفيف من حد الفقر والارتقاء بالمستوى المعيشي وخلق فرص العمل وتعظيم استفادة العراقيين من موارد الدولة.!!! أينها اليوم؟ لا ندري
وبالمقابل عزت اطراف سياسية رفضها للقانون استنادا الى الالتزام بالدستور وبقرارات المحكمة الاتحادية وتفسيراتها الباتة والملزمة للجميع والدفع باتجاه ايجاد الحلول الحقيقية والواقعية وحفاظاً على تقنين صرف المال العام بطرق دستورية لمشروع خصث له أكثر من 35 تريليون دينار عراقي (24.1 مليار دولار).
الجواب عن ذلك كله يقودنا الى استنتاج يقول ان الحكومة التي تعرف ما عليها من استحقاقات تجاه الشعب الذي يفترض ان تنبثق عنه، وتقصر عن اداء واجبها تجاه مواطنيها عليها أن تقدم استقالتها لا لشىء إلا لأنها يجب عليها أن تعرف قدراتها القاصرة من جانب، وان تستجيب للالتزام الاخلاقي تجاه مواطنيها من جانب ثان.
الكانتونات التي توالت على رئاسة الحكومة بُعيد مجلس الحكم، لم تعتمد المهنية أساسا في توزيع حقائب الاستيزار، إذ لم نشهد على مدى ١٨ عاما من تولي هذه الكانتونات اعتراف بفشل تعقبه استقالة طواعية ( إلا بإستثناء ومائز استقالة مجحفة ومجبرة لحكومة عادل عبد المهدي) لأن الرجل وضع ملفات مهمة على طاولة (الشروع) فكان له رصيداً أخلاقياً مع الإشارة الى عدم وجود مايشي بفشل ليعترف به، ويجعله يستقيل طواعية دون أن تُفرَض عليه الاستقالة، على عكس غيرها من حكومات (موزاييك) جمعت في خلطة عجيبة بين القومي المتطرف، والليبرالي الفاسد، والاسلاموي الذي يعولم الدين والرأسمالي بقفزة، والاشتراكي فكرا وبورجوازي سلوكا. بوسم الفشل والفساد، والأكثر ترسيخا لكل هنّات الكانتونات السابقة هي الحكومة التي لا تسمع ولا ترى، ولن تحرك ساكنا بشللية زاحفة على أركانها، أظهرت بجلاء عجزها عن اتخاذ اجراء ملزم، لحفظ هيبة الدولة والسلطة التشريعية كما يحصل اليوم من اعتصامات ومظاهرات بلغت شأوا بعيدا في تأكيد هذه الشللية.
بماذا نفسر الوضع العائم منذ استقالة حكومة السيد عادل عبد المهدي حتى اليوم؟ ومن المؤكد ان عين المراقب والمحلل ترى أن الوضع يستطيل لفترة متواصلة لاحقة… سيكون لنا فيها رأيا في مقال لاحق.