يعاني الواقع العراقي وخصوصاً بعد الأحتلال من أزمة صراع مركب ومستمر يمتاز بانعدام فرص السلام فيه وعدم رغبة القوى المتصارعه في التخطيط لاستراتيجيات الحلول والمنع الوقائي بل يستمر تجذير الازمات وترحيلها او تحويلها منذ ان تم هندسة النظام الحاكم الحالي من قبل دولة الاحتلال على ضوء ما اقره مؤتمر لندن للمعارضة العراقية في العام ٢٠٠٢ والذي كان الاطلاقه الأولى في فضاء متصارع لم يتم الوصول الى تسويته الا بقبول المحاصصه وهي احدى استراتيجيات الحل وتسمى باستراتيجية تقاسم السلطة والنفوذ فكان الذي كان واصبح رئيسنا كردياً ورئيس سلطتنا التشريعية سنياً ورئيس وزراءنا شيعياً .
مع ان الصراع يعتبر تفاعلاً ايجابياً لانه يفضي الى تحقيق للأهداف ولكن عدم معالجة جذوره يؤدي الى استفحال أسبابه ورسوخها شيئاً فشيئاً الى ان يجعل امر تسويته مستحيلاً الا بتقسيم الفرق المتصارعه وعزلها كما حدث في بلدان عديده كيوغسلافيا الاتحاديه .
الطبقة السياسية التي كانت من مخرجات عملية اسقاط النظام السابق هي طبقة متصارعة وغير منسجمة ومنقسمة اساساً الى تروبيكا تعلن عن نفسها دون وجل او خجل وقامت هذه الطبقة السياسية بترسيخ انقساماتها وصراعاتها في المجتمع خلال العقدين الماضيين إضافة الى فعالية الفاعل الخارجي الإقليمي والدولي كمحرك للصراع وغياب او تعطيل الفاعل المحلي ( الطرف الثالث ) الذي يرسم استراتيجية تسوية الصراع ووقوفه متفرجاً في اغلب الأحيان اما استجابة لضغوط خارجيه او للحفاظ على المغانم مع ان كلمة منه في أحيان كثيرة كانت ستؤدي الى إيقاف شلال الدم واستباحة الممتلكات والهدر والاستحواذ .
الصراع هو ضرورة إنسانية لأحداث التغيير والإصلاح كما يذكر ذلك عالم الاجتماع كونيسي رايت وهو قد يكون ظاهراً وعلنياً فياخذ صور معينة كالعدوان والقتل والحصار والحرب الكلامية والإعلامية واحياناً يصل الى مستويات عالية من العنف المدمر وقد يكون كامناً كالحقد والكراهية والصورة الذهنية السلبية عن الآخر والتمييز والطائفية والتي هي صفة مقبولة وطبيعية ان كانت عاطفية مجرده فالطائفي حينما يعتز بانتماءه وينخرط بممارسات تعزز ذلك الانتماء لا يؤثر على المجتمع ولكن الطائفية ان تحولت الى سلوك طائفي يتبعه مكون من اجل جعل كل الامتيازات تصب في خندقه تتحول الى صراع وجود ونضال ضد التمييز .ان مايعاني منه العراق اليوم هو صراع محتدم بشكل علني في السقف المجتمعي والطبقة السياسيه وانتقلت عدوى هذا الصراع الى المجتمع الذي اصبح يعاني من شكل آخر منه بطبيعة خفيه ودليل ذلك مايحدث عقب كل انتخابات والتخندق المكوناتي للناخبين وتغييب الهوية الوطنية التي يتم تعطيلها وتخديرها طيلة فترة الانتخابات ويعاد انعاشها صورياً بعد ظهور النتائج فتسمع الجميع ينادي بالوطن والوحده الوطنية وهو قبل أسابيع كان يستنصر المذهب والمكون ومهما بلغ التزويق وبلغت الجمل والعبارات والشعارات بلاغتها في التآخي والمصير المشترك الا ان كل تلك البراقع تسقط حينما يواجه المستفيد اي نشاط جماهيري يطلب التصحيح والتغيير وتجدد الفواعل المتحكمه تحذيرها من ذهاب الحكم الى الآخرين وطالما لا زلنا اسرى التفكير بنحن والآخرين فأعلم اننا نعيش في ذروة الصراع مبتعدين عن كلمة الجميع التي تلغي هم ونحن . ان جذور الصراع الأربعة وهي السلطة والنفوذ والتمييز والحقوق والهوية متأصلة واقعياً ولم نتوصل الى تسويات حتى اليوم واينما وجدت ان الحكومات تتشكل وفق مصطلحات حكومة وحدة وطنية او حكومة اغلبية او حكومة توافق وطني فأعلم ياسيدي انك في قلب الصراع وماهذه الكلمات الا ترحيل للتسوية فلا تدفن رأسك في الرمال وتحلم بحكم رشيد وبلد مستقر فلو كان العراق بلداً مستقراً لما كان هناك داعي لوجود ممثلاً للأمين العام للأمم المتحده الذي ينحصر تواجده في البلدان غير المستقره التي تعاني من أزمات ونزاعات تندلع في اية لحظه وعد الى رشدك وتخلص اولاً من عباءة محركات جذور الصراع وانطلق في فضاء التحرر عبر التغيير الشامل الذي لن يكتب له أي نجاح ان لم يبدأ في عقلك وسلوكك واعتزازك بالهوية الجامعه الموحده وهي العراق .