جدّت الحكومة العراقية مؤخراً في تطبيق إجراءات قانون المسائلة والعدالة ضد البعثيين الموظفين في دوائر الدولة مما أدى إلى ظهور أزمة سياسية جديدة في البلد بسبب رفض بعض الكتل السياسية ومجالس المحافظات تطبيق هذا القانون .
والعجيب أن المعترضين على تطبيق قانون المسائلة والعدالة الآن كانوا في السابق ضمن من شرع وصوت وأقر هذا القانون والأعجب من ذلك أن الحكومة سكتت عن تفعيل هذا القانون في السابق على الرغم من أنها هي كانت صاحبة هذا المشروع والمثقفة له والشيء الغير مفهوم أيضا أن قانون المسائلة والعدالة يطبق الآن في بعض الوزارات دون البعض الآخر وكأن الوزارات الأخرى لا تنتمي إلى الحكومة العراقية ولا إلى الدستور العراقي ؟
الكل يعرف أن الحكومة إستثنت الكثير من كبار البعثيين من إجراءات الإجتثاث وإجراءات المسائلة والعدالة في جميع الوزارات ومن ضمنها الداخلية والدفاع وأسندت إليهم إدارات رفيعة وحساسة ( وفي كل مرة تحصل فيها إنفجارات وإغتيالات نجد الحكومة أول من يصرخ بوجود إختراقات بعثية وإرهابية في صفوف الأجهزة الأمنية ) فلماذا تم إستثناء هؤلاء البعثيين بالأصل ولماذا رُقوا إلى مناصب أعلى وأكثر حساسية ؟ هل كان ذلك بسبب أن الكفاءة والمهنية إقتصرت فقط على هؤلاء البعثيين دون غيرهم أم أن المحسوبية والقرابة لعشائرية لعبت دورا مهما في ذلك !
بالنسبة لنا نحن عراقيو الداخل نعرف جيدا كيف كانت بلادة وغباء معظم البعثيين أبان النظام البائد وكيف كانت الدولة تدار من قبل موظفين أكفاء وبسطاء غير بعثيين يعملون بإمرة الموظفين الأغبياء الكبار البعثيين وأذكر لذلك جاري السابق والذي كان بعثياً بدرجة عضو شعبة ومدير هيئة في شركة نفط الجنوب ولم يكن يحسن القراءة والكتابة ولا حتى التكلم بمنطق مفهوم وآخر أيضا كان مديراً عاما ً لإحدى المؤسسات المهمة في البلد ولم يكن يحسن الكتابة بدون أخطاء إملائية ؟!
المشكلة أن القيادات الشيعية ( باعتبارها الأغلبية الحاكمة الآن ) لا تثق بنفسها ولا بالكوادر الشيعية الغير بعثية في إدارة شؤون البلاد وكأنهم ينظرون لأنفسهم نظرة الأدنى ، وهناك فكرة خاطئة منتشرة مع شديد الأسف بين أوساط القيادات الشيعية حتى وصلت إلى عامة الشعب مفادها أن الشيعة غير كفوئين في إدارة البلاد لأنهم حرموا من الحكم 1400 سنة ولا نعرف إن كان تبني هذه الفكرة من بعض القيادات الشيعية ( حتى باتوا يثقفون لها في مجالسهم وندواتهم ) قد جاء نتيجة التسليم بالفشل أم تبرير الفشل أم أنهم شربوا ولاكوا هذه الفكرة وهم مغمضي العينين دون أن يدركوا المعنى الحقيقي الذي وراءها ؟؟
لقد آن الأوان للقيادات الشيعية الحاكمة أن تفعل دور الكفاءات الشيعية الوطنية في إدارة الدولة وأن تثق بقدراتها المهنية خصوصا ً الكفاءات الوطنية العائدة من خارج العراق رغبة منها في بناء العراق الجديد والعمل أيضا ً على تطوير الكفاءات الوطنية من خلال إدراجهم باستمرار في دورات تطويرية حقيقية ( ليس إيفاد لغرض النزهة والفائدة المالية للأقارب والمحسوبية ) على أن تنعقد هذه الدورات في الدول الأجنبية المتطورة إذ من غير المعقول أن تكون الأغلبية الشعبية وكذلك السياسية الحاكمة في العراق من الشيعة وتستعين الحكومة بكفاءات مدسوسة في إدارة الدولة .
أتمنى أن تصل رسالتي هذه إلى دولة رئيس الوزراء والقيادات الشيعية الحاكمة في العرق خدمة للصالح العام .