السلوك البشري مقنَّع , وكتب المفكرون والفلاسفة والشعراء عنه , وبرع الرسامون بتأكيد مفهوم القناع الذي يرتديه البشر في تفاعلاته مع الآخرين , فإحساسه بأنه في الغاب يملي عليه التثعلب السلوكي؟
وما نسميه “النفاق” أو ” التقية ” وغيرها من المسميات ذات المعنى الواحد الذي خلاصته , أن لا تظهر على حقيقتك , وعليك بإرتداء قناع يقيك من مخالب وأنياب وحوش الغاب فلا تراك كما أنت .
وفي زمن الكورونا يصح القول ” إخلع كمامتك حتى أراك” , فالكمامة أصبحت حاجزا بين البشر , وأغرقت الناس في محاولات وعي ما تنطق به العيون ولغة الجسد.
ومن أخطر الأقنعة , ومنذ الأزل , قناع الدين فهو مُطهَّر ويسهل التحرك خلفه بما يرضي رغبات النفوس الأمارة بالسوء.
وعندما يسقط القناع تنكشف العورات فلا تسترها ورقة التين.
وفي بعض المجتمعات تحول الدين إلى مصنع لإنتاج الأقنعة بالمفرد والجملة , وأصبح الناس رهائنها , وقطعانا مذعنة مخنعة بها , وإتخذت الأقنعة المؤدينة مسميات وعناوين تجاوزت التقديس إلى التأليه وأكثر , وصار بعض البشر أشبه بالآلهة.
فدونهم الرسل والأنبياء , وأقوالهم قوانين , فلا ينطقون عن الهوى وإنما يأمرون رب العالمين , فهم الخالق والمخلوق , وعندهم مفاتيح الغيب وسلطة كن فيكون.
هؤلاء إنتشروا في أرض أخذت تضج من بشرها , فهذا مرشد وذاك أمير وولي وفقيه , ونائب الرسل والأنبياء , وذاك لسان الله وصوت الحق , ولكل مرحلة قناعها وأسماؤها , التي تؤدي مهمات النيل من الأمة والدين , والناس يتراكضون خلف حفنة مجانين يتمنطقون بأوهام وهذيانات يسمونها دين , ودينهم تأمين رغباتهم وسيادتهم على الآخرين.
فهل هم طغاة أو أدعياء دين؟
ولماذا الناس وراء كل ناعقٍ يهرولون؟!!