في تشرين الاول من عام 2014، ذلك الصباح المشؤوم الذي ضج العالم فيه ، وكان الريب والخوف فيه يقتل الحياة ،استيقظنا على إخبار تفيد بان تنظيم داعش الإرهابي استولى على مدينة الموصل بأكملها ، وان الجيش العراقي قد انهار.
بعد أيام قليلة أصدر المرجع الديني أية الله العظمى السيد علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي ، التي دعت من يستطيع حمل السلاح الدفاع عن ارض المقدسات والحضارات.
لم أنسى ذلك الموقف ،حين رأيت جموع الإباء والأمهات والأطفال ، وهي متجمعة حول المركبات التي حملت شيبان رسمت تجاعيد الزمن على وجوههم ، وشباب بعمر الورود يذهبون إلى مصائر مجهولة ، ودموعهم المترقرقة في أعينهم وهم يودعون ويفارقون الأحبة،
لم أنسى نداء تلك إلام وهي تقول لابنها يابني :
انك لم تبلغ الحلم بعد ؛ لمن تتركني ؟ وأبوك في السابق أيضا تركني ورحل .
بين بكاء وعويل بقيت النساء والأطفال فقط تسكن الدور .
رجال العراق اليوم يستردون الأرض والعرض بعد مخاض ثلاث سنوات من تاريخ ذلك الصباح ، إبطال دخلوا التاريخ بكلمات من نور وذهب ، لن نقول بطل حشد شعبي ولا بطل الجيش العراقي ولا بطل أشوري ولا مسيحي ، نعم أبطال فقط ، ضحوا بأرواحهم وبعوائلهم، بالغالي والنفيس .
الذين اثبتوا للعالم إن حضارة وادي الرافدين لم ولن تندثر ، حضارة سومر وأكد وأشور ، ومازالت ارض العراق خصبة ولادة لرجال كتبوا مجد أخر لأرض العراق ، لا يهم من يريد إن يلوث ذلك بأقلام قذرة وهابية وإعلام مغرض ، فالبندقية تشهد لكم .
الكل يعلم ويشهد إن المنقذ والمخلص الوحيد للعالم اسود العراق ، فلولاهم لانتشر الورم السرطاني الداعشي ليصيب كل الدول المحيطة والأوربية الممولة لداعش ، التي تمرد عليها وخرج عن سيطرتها ، وهذا ماتثبته التفجيرات التي تتبناها داعش في تلك الدول .
لاحت بشائر نصرهم ، وإزهاقهم لأرواح نجسة دنست طهارة العراق , ضحوا بدمائهم لتبقى كل امرأة عراقية شامخة الرأس حرة , ليبقى كل طفل يتيم مبتسم ،ليستردوا حق شهداء سبايكر وكل شهيد مازالت روحه بيننا تطالب بدمائها ، فلترقد أرواحكم بسلام .
رجال في سوح القتال اسود ثائرة غير آبهيين للحر الشديد والعطش ونقص الغذاء ،تارة تجدهم خلف السواتر وتارة أخرى يسطرون أروع صور الإنسانية للنازحين .