18 ديسمبر، 2024 7:42 م

إحنّه السَبَبْ … صرخة ضمير في زمن التطرف ..

إحنّه السَبَبْ … صرخة ضمير في زمن التطرف ..

مَسْرَحَةْ الواقع ،، هكذا يمكن ان نصف المَشاهِد التي سحبتها احلام عرب على خشبةٍ بَدَتْ واسعة جداً أكبر من جراحنا ونكباتنا التي لاتُعَد ،، وبامكانيات بسيطة ، مجموعة من الممثلين الهواة وخبرة مخرجة مسرحية متمكنة سحبت جلّ جراحنا دفعة واحدة تنبض
فوق المسرح ،،
تكثيف زمني ومكاني لجدلية الوطن والمنفى عبر مجموعة من المشاهد المتداخلة دون ان تشعرك بتباعد الاحداث أو جسامَتِتها،، انتقلت برشاقةٍ بين شوارع بغداد وبيروقراطيتها وفساد مسؤوليها لتعود في مشهد آخر لتظهر تناقض المثقف وازدواجيته المقيتة …افكار
ومُثُل عليا تفضحها ممارسات بدوية متخلفة داخل أسوار بيته ، فضيحة صدمتنا لانها ليست بعيدة منا … !!!
مشهد اخر تسحب فيه الوعي السياسي السوقي السائد نحو بقعة ضوء فوق المسرح لنرى هذا الافتقار البائس لاي رؤية حضارية لأدارة البلد ،،
المشاهد السريعة جعلتنا نلهث خلفها لنرى حجم الآثار السلبية الجانبية التي أحدثها التغيير في بُنيَّة المجتمع العراقي…
انتهازيي ( الطبقة الدونية ) كيف يتسلقون نحو الواجهة ….
عوائل تتفكك وأخرى تواجه العاصفة بكرياء ،،،
مشهد آخر ينقلنا الى معاناة العراقيين في المهجر عبر نص كوميدي ساخر يظهر محاولة البعض في التحايل على القانون للحصول على أقامة توفر لهم الامن والكرامة …
لتعود بنا مرة أخرى الى معاناة الداخل ومشهد درامي مؤثر من بغداد لعملية ارهابية تستهدف المواطنين وتنشر الموت في الطرقات
ليخرج لنا حمدان ( غالب جواد الممثل المحترف الوحيد في المسرحية التي أجاد فيها الجميع )
في حوار متصاعد مع زوجتهِ عبر اداء رائع ومميز إسْتَطاع غالب بمهارتهِ المسرحية ان يقترب من معاناة العراقيين اليومية وانتهاك السلطات لحقوق المواطن وعدم اكتراثها بمصيره لينتهي المشهد بقرار الرحيل والهجرة ( الوطن الذي لايحترم ابناءه لايستحق ان نعيش
فيه ) ،، هذا المشهد باعتقادي كان يمثل رسالة غير موفقة لانها تضع الهجرة كخيار وحيد للعراقيين في الخلاص من واقعهم السيء دون ان تطرح الخيارات الاخرى التي يمارسها العراقيون على ارض الواقع في التظاهر والمطالبة السلمية باسترداد الحقوق والوطن من
الفاسدين،،)
احلام عرب وفي محاولة ذكية أشْرَكَتْ أحَد الحاضرين من الجمهور وأدخلتهُ الى المسرح ليردّد ( إحنه السبب ) في محاولة لتحميل المسؤولية للجميع في ما آل اليه وضع البلد ، مَنْ تَحَزَّبَ ،، ومَنْ صَمَتَ وَوَقَفَ على التل ، ومَنْ هادَنَ ومَنْ تآمَرَ على الوَطن ،، ومَنْ
تاجَرَ بآلام شعبهِ ،،
حميدة العربي ، مثلما تتمتع بحرفية عالية في كتابة النص كانت نَجْمَةْ المسرحية بامتياز وأدَّتْ جميع الادوار كما انها نجحت في تقديم شخصية ( بنت الريف ) بشكل مُتقَنْ ..
الشاعرة ريم قيس كبة رغم تجربتها الاولى في المسرح الا انها أبدَعَتْ وتألقت في التمثيل عبر اكثر من دور أَدَّتْهُ ببراعة وعفوية كاملة ..
فائزة المشاط ، عبَّرَتْ في تجربتها الاولى عن طاقة فنية، تَحَرَّكَتْ برشاقةِ على المسرح ونجحت في المشاهد الكوميدية كما أبدعت في الدور الجاد ،،،
لمسات الملحن المبدع نامق اديب كانت واضحة في بعض المقاطع الغنائية التي أضافت الى النص الدرامي بُعداً وجدانيا مؤثراً ،،
اعترف انني لست مختصا في النقد المسرحي ولكني كتبت انطباعاتي عن مسرحية جادَّة تصدت بجرأة ووعي لكل التناقضات التي يشهدها الوطن ،
شكر وتقدير لكل من ساهم في هذه الرسالة الانسانية التي تمثل صرخة ضمير صادقة في زمن التطرف والتَرَدي ،