18 ديسمبر، 2024 4:12 م

إحذروا تخريب التظاهرات :

إحذروا تخريب التظاهرات :

في الفكرالإستراتيجي التخريبي الذي اعتمتده مدارس سياسية كثيرة في صراعها ضد إعدائها كانت نظرية ” دع عدوك يتآكل من الداخل ” هي الأكثر فاعلية لحد الآن كما علمتنا تجربة البشرية في تاريخها الطويل. فمثلما تفتت البلدان الواحدة الموحدة بإثارة نزعات إنفصالية عنصرية ” كلام حق يراد به باطل”.ومثلما تفتت المجتمعات بتقسيمها إلى طوائف متناحرة ” سنة وشيعة مثلا”.ومثلما تفتت الأحزاب السياسية عن طريق الإندساس وزرع العملاء داخلها وتشجيع شتى أنواع التوجهات ذات المغازي الإنشقاقية الخطيرة. كذلك تجري محاولات تفتيت التظاهرات الوطنية العراقية عن طريق :

1- الحرص الشديد على عدم وجود قيادة موحدة للتظاهرات مما يبعدها عن وحدة فعالياتها ووحدة شعاراتها ووحدة مواقفها ويضعف من قوة تأثيرها على الخصم الألد المتمثل في النظام السياسي القائم وألاعيبه , الأمر الذي يبقيها مشتتة وعشوائية يسهل اختراقها كما في تظاهراتنا العراقية اليوم.

2- ظهور قيادات جانبية لمجاميع معينة من المتظاهرين راحت تتنافس فيما بينها بالرغم من عدم خبرة الكثير منها وضعف إمكانياته القيادية والتوجيهية وحتى النضالية.

3- الدفع باتجاه تعدد الشعارات إلى حد التناقض مما يساعد على أن تتلاعب الحكومة في مواقفها مستغلة هذه الحقيقة.

4- خداع الناس من قبل بعض محدودي البصر والبصيرة في أن هدف المتظاهرين ينحصر في القضاء على ظاهرة الفساد أو إزاحة المفسدين. في حين الحقيقة هي أن الهدف الوطني المركزي هو إسقاط النظام الذي أنتج وينتج وسوف ينتج الفساد ما دام حيا.

5- استخدام سياسة التخدير باتخاذ إجراءات ترقيعية غير حاسمة وغير جوهرية ولا تتعلق بجوهر الأزمة التي تتمثل : بموت تام للإقتصاد العراقي بصناعته وزراعته وتجارته وخدماته وثرواته البشرية والوطنية والطبيعية مما خلق جيوشا من العاطلين عن العمل رافق ذلك انهيار شبه تام في الأمن الفردي والجماعي واستفحلت معها ظاهرة نهب المال العام بحدود غير مسبوقة. وانعكس كل ذلك على كافة مناحي حياة المجتمع وتفكك متواصل لمؤسسات الدولة.

6- في محاولة لاحتواءها وتجييرها لصالحها وتجنب الحساب لاحقا راحت القوى والأحزاب التي خرجت المظاهرات ضدها بالذات وضد فسادها تشارك فيها وتتصدرها.

7- زرع المندسين لتغيير بوصلتها الوطنية إلى طائفية صرف يعلو فيها صوت طائفة واحدة وتحت شعاراتها هي فقط وتحت رايات مفكريها فقط مما يدفع بأبناء الطوائف الأخرى إلى الإنسحاب منها والإنكفاء عنها لأنها ” ما عادت تمثل الجميع”.

8- استخدام أساليب غير سليمة بل ومرفوضة في التعامل مع الصور الشخصية لرموز الفساد الأمر الأمر الذي يبعد المظاهرات عن أساسها الأدبي الراقي وأساليبها الحضارية الرفيعة التي تتحلى بها الجموع الكبيرة من المتظاهرين.. إن استخدام الأحذية والحاويات والأصوات الغريبة والهتافات التي تحتوي على كلمات غير لائقة يسيء جدا

لصورة المظاهرات والمتظاهرين ويسهل للخصم الطعن في أخلاقيتها واعتبار هذه الممارسات هي الوجه الحقيقي لها ويسفه محتواها وجوهرها الوطني الثوري.

9- محاولة بعض القوى السياسية السيطرة عليها وفرض شعاراتها هي مما يجعلها تظاهرات ذات صبغة حزبية ضيقة ينعزل فيها ممثلو الأطراف الوطنية العديدة الأخرى. بل عمدت هذه القوى إلى عزل الآخرين والإيحاء بأنها هي من يقف وراء التظاهرات وتقودها ولو من وراء الستار. لكن الشمس لا تغطى بغربال. فالشعب هو الذي انفجر غضبا وجوعا وظلما. ولعل هذ القوى المقصودة أدركت حقيقة أن التظاهرات لا قيادة لها فقررت ركوب الموجة وتجيير الحدث التاريخي الهائل لها ولنضالاتها.

10- محاولات الإستحواذ على التظاهرات بإدخال عناصر ” شقاوات ” أو ” بلطجية ” مأجورة من قبل بعض الأطراف مهمتهم التعرض للشخصيات التي اختلفت لأي سبب كان معهم في يوم ما.

11- حصر التظاهرات في وقت محدد واحد وفي مكان محدد واحد. والأكثر ضررا هو أن تكون المدة الزمنية الفاصلة بين أوقات التظاهر طويلة ( أسبوعا كاملا ) وكذلك قطع الطرق المؤدية إلى مكان التظاهر.

12- المشاركة في التظاهرات على أساس غير نضالي إنما الحضور للنزهة والتقاط الصور كما يجري عادة في الكرنفالات والأعياد والمناسبات. لا بل دأب البعض على توزيع أفلام فيديو لمجاميع وإن كانت صغيرة ترقص وتلعب بعيدا تماما عن مغزى المظاهرات وتوجهاتها.

13- يجب الإعتراف هنا أن بعض وسائل الإعلام قد أساءت بدورها أيما إساءة إلى التظاهرات والمتظاهرين من خلال التبني المباشر لها ولهم والإصرار على إلإيحاء المتعمد بأنها هي والقائمين عليها من يدير ويقود المظاهرات ويحدد شعاراتها وتوجهاتها. الأمر الذي عكس على التظاهرات هوية هذه الفضائيات السياسية وأثار حفيظة خصومها ليوجهوا نيران حقدهم على المتظاهرين ويسهل لهم عملية إتهام المظاهرات بشتى التهم التي ساهمت بتراجعها وانحسارها عددا ونوعا.

14- زرع وترسيخ مفهوم خطير يتمثل في أن هذه المظاهرات ” ليست سياسية بل مدنية فقط” . إن هذا الفهم الجاهل لمفهوم السياسة جعل البعض يمهد لتخدير المتظاهرين وإقناعهم بلعبة بعض الإجراءات الترقيعية وكأنها إنجازات حققت مطالبهم. بل ذهب البعض ( وساهمت بعض الفضائيات في ذلك ) إلى إعتبار شخصية مثل حيدر العبادي بطلا قوميا ومنقذا تاريخيا فمنحوه ما سمي بالتفويض الشعبي !!!!..

15- إن بعض المحللين السياسيين وبعض القوى المتضررة من التظاهرات تعمد إلى الإساءة لها من خلال الإحياء من طرف خفي حينا وعلني حينا آخر بأن الصهيونية تقف وراءها وتمدها بشتى أنواع الدعم. ونحن إذ لا نستبعد أبدا محاولات الكون كله الإستفادة من أية حالة سياسية قائمة نذكر أن اصل المظاهرات وطني طاهر وغيور وسندافع عنها كإنجاز هائل حققه شعبنا العراقي ونتصدى لأية محاولة لاحتوائها وتوجيهها وفق بوصلة أخرى. لكننا نذكر أيضا أن من دفع الشعب إلى الثورة هو ظلمكم وفسادكم ايها الطغاة ولم تخشوا أبدا من أن الصهيونية سوف تستغل هذا الظلم وهذا الفساد.. طبعا

لأنكم في كل ما قمتم به إنما قدمتم للصهيونية الخدمة الأكبر في تدمير العراق دولة ومجتمعا على حد سواء.

لكن ورغم كل ما تقدم فإن المظاهرات العراقية هي ظاهرة وطنية جبارة تلخص روح الغضب لدى الشعب وخاصة شرائحه الأكثر فقرا والأكثر تضررا من غيرها وتبقى أيضا تجربة ثورية يجب عليها أن تنتظم في أطار وطني واحد ذي بوصلة وطنية بناءة نحو أهداف كبرى عامة لا تتعلق لا بطائفة ولا بحزب معين.

المجد للعراق القادم من رحم التظاهرات.