الإحتلال النفسي ضروري لإنطلاق قدرات الحياة وإنفتاح آفاقها وتنامي تفاعلاتها وصياغاتها الجوهرية , ويعني التمكن من إدارة الذات بما فيها من المؤهلات والطاقات وإستثمارها للصالح الذاتي والموضوعي.
وكلما نتناول ما يجري في واقعنا , يكون رأي الكثيرين أن القوة الفلانية تريد إعادة إحتلال البلاد ولكن بصيغة تعالوا أنقذونا!!
وفي واقع السلوك الذي تم تقديمه منذ مطلع القرن الحادي والعشرين وحتى اليوم , أن مَن يسمون أنفسهم قادة وساسة أثبتوا أنهم غير قادرين على حل أبسط المشاكل , وإنما يتصرفون بأساليب يندى لها جبين البُقلاء!!
تم الطلب من قوة كبرى أن تحتل وطن وتدمر دولة وتحلّ الجيش , وتمحق ما تمحق وتفعل ما تفعل والكثير جدا من المخفي الأعظم , وبعد مسيرة عقد وبضعِ سنين , وقف المطالبون يرفعون رايات العجز والفشل والمشاركة في تدمير شعب ووطن , ويطالبونها من جديد , ويلومونها لأنها لم تسلح ولم تفعل كذا وكذا , والفساد الفظيع ينخر وجودهم من رأسه حتى أخمص قدميه.
ماذا تريدون من القوة الكبرى أن تفعل؟
إنها كأية قوة كبرى أخرى , تفكر بمصالحها أولا وأولا وأولا!!
العيب ليس في القِوى الكبرى , العيب في الذين لا يفكرون بمصالح شعوبهم وأوطانهم , ويتمتعون بالتبعية والخنوع والفساد والحماية من قبل القوى الأخرى , التي لا ترى إلا مصالحها الوطنية في جميع ما تقوم به من أفعال , مهما أوهمت وضللت وخدعت , فهذا في عرف السياسة سلوك وطني , فالذي يستطيع أن يخدع نظاما سياسيا ويحقق مصالح وطنية يُحسب بارع القدرات الحوارية والسياسية.
فلا يمكن لأية قوة في الأرض أن تساعد مَن لا يعرف كيف يساعد نفسه!!
ومَن يرى غير ذلك فهو مجنون وبحاجة للدخول في مصحة عقلية وسلوكية!!
لماذا يُلام الآخرون ولا تُلام النفس الآثمة المرتكبة لحماقات وخطايا ستراتيجية فظيعة؟
إنّ الذين أسهموا فيما وصلت به الأحوال إلى هذا الحضيض , عليهم أن يفكروا بإحتلال أنفسهم والتمكن من إدارتها , وتحريرها من الخنوع والتبعية والمكر والغدر والجور , ومن عقائد الدمى المتحركة عن قرب وبعد , وبعدها سيدركون حماقات ما فعلوه وإرتكبوه وصنعوه من خطايا وطنية , وإنسانية ودينية وتأريخية وحضارية مروعة!!
فهل يلد التطرف غير تطرفٍ أشد منه؟!
وهل تنجب الوقاحة إلا وقاحة أفظع منها؟!
فلكل فعل غبي رد فعل يعاكسه بالإتجاه ويتفوق عليه بالمقدار!!
فهل سيرعوي ذوي العاهات الفكرية والسلوكية والنفسية؟!!