23 ديسمبر، 2024 1:12 ص

إتفاقية كيري – ظريف لتقسيم المنطقة

إتفاقية كيري – ظريف لتقسيم المنطقة

تؤكد كل المعطيات في المنطقة والعالم المحيط بنا.. أن هناك كيانات جديدة على وشك أن تُولد في المنطقة , وأن دول كبيرة وذات شأن ستختفي , وستظهر بدلاً عنها دول حديثة بمسميات جديدة ,ذات بعد ديني وآثني, تقوم على آثر الدولة الأم التي خرجت من رحمها..أو تستكمل فترة الإنشطار إلى كونتانات لاتحمل مقومات الدول بقدر حملها لصفة مفاعيل دولية صغيرة , لاتستطيع سوى مشاغلة بعضها البعض, وتدفع إلى مزيد من التناحر والتقاتل.

تحركات أمريكية – أوربية , ومعها على نفس المستوى تحركات أمريكية – إيرانية، تحمل نذّر شؤم لنا نحن أبناء دول منطقة الخليج تحديداً,التحركات الأمريكية تجري على إيقاع سقوط 50% من أرض العراق بيد تنظيم الدولة الإسلامية, وتدخل إيراني سافر بموافقة أمريكية، وبدعم مباشر منها في شئونه, فضلاً عن تنسيق علني في مشاكل المنطقة الأخرى, في لبنان وسوريا واليمن وفلسطين ..وكل هذه الدول باتت منذ عام 2003 ساحة لتحرك إيراني نشط ،لم يكن ليجري لولا موافقة أمريكية مسبقة ومدروسة وغطاء روسي – صيني , ينظر لمصالحه أكثر من أية توجهات أخرى.

لم يكن مايجري في العراق وسوريا واليمن ولبنان نتيجة لتخبط أمريكي , أو لسياسة يتبعها الديمقراطيون الحاكمون للبيت الأبيض, أحداث الشهور التسعة التي أعقبت سقوط الموصل العراقية, يؤكد بمالايقبل الشك , أن الأتفاق الأمريكي- الإيراني لحل مسألة النووي الإيراني بات قاب قوسين أو أدنى من التوقيع,فضلاً عن إطلاق يد إيران وحلفائها في المنطقة لإستكمال مشروع الفوضى الخلاقة, وتقسيم المنطقة من أجل السيطرة على مشاكلها.

التصريحات والتحركات والأقوال التي كان يستحيّ الأمريكان من قولها في العلن, باتت عواجل بنشرات الأخبار تنقل لقاءات ممثل الشيطان الأكبر أمريكا, ومهدد السلام العالمي بالإرهاب, والعضو القديم في محور الشر إيران..لقاءاتهم أصبحت تتصدر التقارير الأخبارية, والوجوه الباسمة والضحكات هي مايمكن رؤيته من قبل كيري وظريف والوفود المرافقة,تعبيراً عن إتفاق بينهما على مايجري في منطقتنا المبتلاة, بدواعش الإرهاب , وبميليشيا الحشد الأشد تطرفاً من داعش بإعتراف سيد العراق السابق الذي كان يقاسم سليماني منذ عام 2007 وحتى 2009 الحكم , ونقصد الجنرال دايفيد بترايوس ..مالذي يجري ؟ , هل نحن العرب مغفلون لهذا الحد ؟أم أننا سقنا لصفقة بيع بالجملة من قبل الرئيس أوباما للخلاص من مشاكل باتت تطرق سيد البيت الأبيض ؟

في الطرف المقابل تسعى السعودية الدولة الخليجية الأكبر والمتضرر الأقرب مما يجري في سوريا والعراق واليمن من غيرها , كونها الأقرب جغرافياً لسوريا

والعراق واليمن ..ولكونها هدف إيراني طاله التخريب والتهديد والتأمر على مدى سنوات طويلة منذ سقوط نظام الشاه 1979,ولكونها تحتضن على ترابها أقدس حرمين (الحرم المكي والحرم النبوي) ,فأنها تدرك جيداً أنها الهدف الأمريكي- الإيراني القادم , لذلك يسعى ملكها سلمان بن عبد العزيز إلى إتخاذ جملة إجراءات سريعة وذات مغزى , تدل على مدى قدرته في التعامل السريع مع الظروف لمواجهة التهديد القادم..

تغيرات وزارية شهدتها الحكومة السعودية الجديدة, ولن تتوقف عند هذا الحد, وتحركات لإعادة ترتيب البيت الخليجي الذي يعاني من خلافات كبيرة لاأحد يتحدث عنها, تبادل زيارات ولقاءات سعودية – قطرية , ماكانت تجري بسهولة لولا خطورة الوضع , فضلاً عن سعيها لبناء تحالفات مع أضداد, كتركيا الأخوانية التي لاتسعى في الوقت الحاضر لفتح جبهة مواجهة مع إيران, ومصر المتحررة من حكم الأخوان والمهددة بإرهابهم وتحالفاتهم مع إيران في السر ,والباكستان التي تتعرض هي الأخرى لهجمات تقودها القاعدة فرع باكستان, وربما يضم الأردن والمغرب, اللذان بدأ جولة من المحادثات وتبادل الغزل مع إيران , فزيارة وزير الخارجية الأردني ناصر جودة ليست ببعيدة, والرسائل المتبادلة بين حسن روحاني والملك محمد السادس بعد قطيعة طويلة بسبب إتهام المغرب لإيران بنشر التشيع في المملكة السنيّة – المالكية المذهب ..

نحن أمام منطقة يتغيير شكلها ومضمونها وخطوط طولها وعرضها, السؤال هنا هل نحن أمام إتفاقية كيري – ظريف, تشبه في مضمونها ومحتواها إتفاقية سايكس- بيكو1916 تلك الإتفاقية التي خان بها البريطانيين والفرنسين الشريف حسين,حيث قسمّوا المنطقة إلى دول نفوذ ومصالح؟,لقد نجح البريطانيين والفرنسيين في إنجاح مشروع نشأة دول من خلافة تركيا – رجل المنطقة المريض , وساعدت ثورة الشريف حسين 1914من أجل الإجهاز على أخر دولة خلافة ,ولكنها أنجبت دول كبيرة في حجمها ومساحاتها , فماذا ستنجب لنا إتفاقية يستعجل الأمريكان والأوربين في سلقها , بحجة التفرغ لمواجهة داعش, فهل ستكون دول المنطقة الشريف حسين المغدور بإتفاقية كيري- ظريف ؟.