23 ديسمبر، 2024 11:18 ص

أِيران تدافع عن المالكي ! لماذا ؟

أِيران تدافع عن المالكي ! لماذا ؟

يُعَد الأسلام كشريعة هي من أفضل الشرائع التي أكدت على حسن الجوار وفصلت بشكل دقيق الحقوق والواجبات المترتبة في هذا المبدأ، يقول تعالى في كتابه الكريم:(وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا).(النساء :36).

وعن الرسول محمد (ص) في حديثه الشريف أِذ قال (أن الله تبارك وتعالى أوصاني بالجار حتى ظننت أنه يرثني)، والأحاديث التي تخص حسن الجوار الواردة عن النبي وأهل بيته(ع) كثيرة، فقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه) والمقصود في احاديث الرسول (ًص ) ليس فقط جارك في السكن القريب انما ايضا الجار من الدول المحيطة .

ويعَد مبدأ حسن الجوار من أهم المبادئ الأساسية المعتمدة في تنظيم العلاقات السياسية بين الدول المتجاورة التي تتشارك في الحدود الجغرافية ، وأي إخلال بهذا المبدأ ينعكس سلبياً على استقرارالبلدان المتجاورة بشكل خاص و المنطقة بشكل عام . والكثير من الحروب التي تندلع بين الدول ترجع إلى عدم احترام هذا المبدأ الذي أقرته وأكدت عليه الديانات السماوية والقوانين والمواثيق الدولية.

ونتبجة للحاجة الفعلية لأحترام جسن الجوار لما له من انعكاس ايجابي على الأستقرار والسلم الدولي نجد أن جميع الفقهاء في القانون الدولي يجمعون على ان بناء علاقات حسن الجوار تتطلب احترام مبدأ السيادة بشكل كلي لأنه جزء لا يتجزأ من مبدأ حسن الجوار, ولهذا فان الأصل في العلاقات الدولية هو إقامة علاقات طيبة وفقا لمبدأ حسن الجوار استنادا لمبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات بين الدول والتي أعلنت عنها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1970 وأوضحت فيها إن على كل دولة واجب الامتناع في علاقاتها الدولية عن التهديد بالقوة أو استخدامها ضد الوحدة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة أخرى.

مبدأ حسن الجوار ومايتبعه من أحترام للدول وسيادتها واحترام الأنسان وحقوقه كان مثار التزام كامل بين الدول الأوربية ودول امريكا ودول اخرى من جنوب شرق اسيا وحتى أفريقيا . وكان من نتاج ألتزام تلك الدول بهذا المبدأ أَن ازدهرت وتطورت وأصبحت في أفضل حالاتها . وفي الأتجاه المعاكس تماما نجد أن دول اخرى مارست تدخلاً سافراً في شؤون دول أخرى فكان نتاج ذلك خرق كبير في العلاقات أدى الى حروب وصراعات أكلت الضحايا من البشر وبأرقام كبيرة .

للأسف الشديد كان بلدنا العراق ضحية من ضحايا التدخلات الخارجية فدخل حروب مجانية أثقلت كاهله وجعلته يعيش حالات من البؤس والفقر رغم ثرواته الطائلة .

أيران كانت واحدة من تلك الدول التي تدخلت بشكل كبير في شؤون العراق الداخلية خاصة بعد الأحتلال الأمريكي وماخلفه من خراب كبير في البنى التحتية والبشرية للعراقيين . وكان البعض يتصور ان ان تدخل ايران كان ايجابياً وفيه خدمة لأبناء الشعب ! ولكن يوم بعد آخر يثبت أن ايران لاتهتم أِلا بمصالحها وكيفية درء الأخطار عنها وهي المهددة دائماً من قبل الدول الكبرى كونها تسعى لأمتلاك سلاحاً نوويا . ولذا فأنها جعلت العراق كحديقة خلفية لها تستطيع من خلالها تصفية خصومها بعيداً عن أراضيها وكان واضحاً من سياساتها في تنظيم عدد من المليشيات ودعم بعض الأحزام من أجل الأبقاء على حالة عدم الأستقرار بعد أن ساهمت بشكل فعلي في تدمير الصناعة والزراعة في العراق وأغراق اسواقه بالبضاعة الأيرانية بهدف تخفيف حدة الحصار الأقتصادي الذي فرض عليها منذ اكثر من 10 سنوات .

هذه الحقائق تزداد وضوحاً عندما نعرف أن العراق وبرغم كل الموازنات الأنفجارية التي تقدر بأكثر من 1000 مليار دولار لم يتمكن من أنجاز مشروع اقتصادي أو صناعي أو زراعي يخدم البلاد ويسعف العباد بل على العكس تماماً نجد أن العراق وخاصة في مناطقه الجنوبية الشيعية يعيش حالة من البؤس والفقر وأزمات كبيرة في السكن والتي ادت الى انتشار العشوائيات واحياء الصفيح وسوء الخدمات في كافة مناحي الحياة . ومع كل تلك المليارات العراقية نجد ان الأمن غائباً والأرهاب يعيث فساداً وتخريبا ويحتل مدن بأكملها !

وتبعاً لذلك يتضح بما لايقبل الشك أن ايران تستغل العراق فقط من اجل مصالحها وتوجيه ثروات البلد نحوها من خلال برامج اعدتها مع رجالات تتسم بالطائفية مرتبطة بالحكومة العراقية أذ اصبح واضحاً للشارع ان اي عملية لتشكيل حكومة لاتقبل بها ايران لايمكن ان ترى النور وعلى هذا حصل المالكي على دعم أيران في ولايتين كارثتين أشيعت خلالها الطائفية بشكل مخيف ودمرت العراق وبددت ثرواته . ولو كان الأمر بيد أيران كلياً لكانت قد أعطت للمالكي الولاية الثالثة لكن حراكاً داخلياً عراقياً معارضاً كان أقوى من تدخل أيران هذه المرة ما أدى الى تنحي المالكي مكرهاً بالرغم من أن سلفه قد جاء من نفس الحزب الذي شارك في تخريب العراق وتبديد ثرواته .

وبالرغم من كل الذي حصل من كوارث نجد أن ايران تدافع وبقوة عن المالكي وتريد له ان يكون صاحب قرار في العراق رغم فشله المتعمد في ادارة شؤةن العراق على مدى اكثر من 8 سنوات كانت كافية لتجريمه على انه ساهم بقتل العراقيين وتسليم مدنهم للأرهاب دون قتال وكان أسمه مرتبطاً بجرائم كبيرة مثل سبايكر والمعتقلات السرية والتصفيات السرية لمواطنين ابرياء ! لكن أيران تدافع عنه والسؤال هنا لماذا ؟

هل لأن ايران كانت جهة من الجهات التي استولت على ثروات العراق في ظل حكم المالكي ؟ وهل هي متروطة معه في فضائع ومخططات أقليمية ؟ أم ان المذهب وأدعاء حفاظها عليه هو السبب . انا شخصيا اعتقد ان ايران كانت مستفيدة من تبديد أموال العراق والأستيلاء عليها وضياع سنوات من عمره ليكون بفضل تدخلها وبعض الدول الأخرى بلداً خاوياً مفلساً ليس فيه سوى العملاء والخونة وأن يومهم بات قريباً بأذن الله . فالشعب العراقي في الجنوب قبل الوسط والشمال أخذ يرفض تدخل أيران في شؤونه ومن خلال التظاهرات العارمة التي تخرج الآن اخذنا نسمع أن على أيران ان تخرج عن العراق .

حمى الله العراق وأهله وأفشل مخططات أعدائه والعزة للشعب العراقي الأصيل والخزي والعار للخونة والمتآمرين …