استغرب المعنيون بالشأن العراقي ومنهم الوسط الثقافي من قيام وزارة الثقافة العراقية بابعاد السيد شفيق المهدي عن ادارته العامة لدائرة السينما والمسرح بسبب عرضا مسرحيا للفرقة الألمانية المشاركة في فعاليات دائرة السينما والمسرح بحجة ان العرض قد ( تجاوز منظومة القيم الوطنية والاخلاقية والثقافية ) ، والغريب في الأمر هو رد الفعل السريع الذي اتخذته الوزارة بحق واحد من الرموز الثقافية والفنية والذي يفسرعلى انه جاء خشية من هياج بعض القوى المتطرفة التي تتصيد مثل هذه الحوادث الصغيرة لتلوي وجهة مسيرة الثقافة العراقية نحو كهوفها المظلمة ولم يراع مجهود هذا الرجل في انعاش الحراك الثقافي بعد سنوات من التوقف والاهمال ، وربما يفسر ايضا على انه محاولة اقصاء الرموز المعتدلة في توجهاتها واستبدالها بأخرى قفزت الى السطح عن طريق المحاصصة الطائفية رغم تاريخا المشوب بالانتهازية وخدمة الدكتاتورية .
لقد جاء قرار الوزارة اعلاه تزامنا مع قيام احد قادة الميليشيات القريبة من الحكومة بالقاء خطاب هدد فيه كيانات وافراد ممن سماهم بأعداء العراق دون ان تكون لهذا (القائد) اية صفة رسمية او امنية تجعله فوق القانون و خارج دائرة المحاسبة عن مثل هكذا تهديد يربك الشارع ويسبب القلق لقطاعات كثيرة من المجتمع بعدما اثبتت عصاباته انها قادرة على تصفية من تشاء دون ان تجرأ الحكومة على كشف جرائمها ومحاسبتها .
وبالرغم من خطورة مثل هكذا تهديد على السلم الأهلي والوضع الأمني الذي بات يتأثر بأبسط التصريحات والحوادث البسيطة الا ان الحكومة لم تحرك ساكنا ازاءه ولم يكن هناك رد فعل مثل الذي كان عليه في واقعة العرض المسرحي على الرغم من الفارق الكبير بين خطورة الفعلين . فالتهديد المذكور اشعر المواطن انه ماتزال السلطة باجهزتها المتعددة غير قادرة على كبح جماح العصابات والميليشيات وبالتالي فهو مهدد من قبلها ، أو يعطي انطباعا ان ما تقوم به من تصفيات هو من تخطيط الحكومة وبعلمها او بمباركتها ، اسوق كل هذا وأقول ايهما اخطر على المنظومة الوطنية والثقافية مشهدا مسرحيا لايتعدى العشرات من شاهده واجمع العديد منهم بعدم مخالفته للآداب والنظام العام أم تهديد من على شاشة التلفاز وأمام الملايين يجعل كل فرد يشعر ان الكواتم ستناله عاجلا ام آجلا .
وبالتالي ايهما اخطرعلى العملية السياسية والديمقراطية وعلى أمن العراق وهيبته ( الخزعلي) أم ( المهدي ) .