كان هناك حكيم يمشي في طريق طويل، يربط بين مدينتين، فرأى غلاماً أمامه حفرة عميقة، فقال له: ياغلام إياك أن تسقط، فقال هذا الغلام كلمة حاسمة مفحمة، قال له: بل أنتَ إياكَ أن تسقط، أنا إن سقطتُ سقطتُ وحدي، وإنك إن سقطتَ سقط معكَ العالم!
الحقيقة إن العراق يعيش اليوم مرحلة مفصلية، تمثلت في قرب إنتهاء معارك التحرير، والجهاد في الموصل الحدباء، عليه وجب التهيؤ التام لمرحلة ما بعد داعش، لأنه مرحلة البناء الفكري، والوطني، والسياسي لعراق جديد، يضم مكونات العراق كافة، فالمرحلة القادمة يجب أن تحلق في سماء الأمل.
الشيء الذي يتمناه العراقيون الأحرار، وبشغف وطني خالص، هو تحرير المدن المغتصبة، وإعادة النازحين، وتوفير الأمن الوطني والمجتمعي، وتقديم الخدمات لجميع طوائف شعبنا الكريم، فما يعيشه البلد الآن، إنتصار عراقي، وإنكسار داعشي، لذا لن نسقط في بئر الطائفية مجدداً، فشدوا الرجال نحو المستقبل فهو يناديكم.
إعادة هيكلة أدواتنا ضرورة ملحة، لكننا لن نحيد عن أهدافنا، وعلى رأسها بناء دولة عصرية عادلة، تضمن للإنسان العراقي الحرية والكرامة، وقد شهد القاصي والداني دقة حساباتنا، بإستشراف مستقبل وطننا وشعبنا، وما مشروع التسوية الوطنية، إلا طريقاً إصلاحياً شاملاً وبلسماً شافياً، صوب عراق آمن مستقر.
إعطاء الفرصة للشباب، ومنحهم المساحة الكافية للعمل التنظيمي والسياسي، أمر مدروس بمهنية وحرفية عالية، ولأجل الوطن والمواطن، فالدماء الشابة التي حفظت العراق، وزودت الجبهات بالعقيدة الراسخة، وهي أيضاً مَنْ ستعيد بناؤه، وتقوده نحو المستقبل المشرق، فالعراق الجديد يستحق أن تُضخ في عروقه دماء وطنية شابة.
عندما يتم الإعداد لمرحلة ما، فلابد من وجود شعار لها، وكلماته الخدمة والشباب، فهما العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة، وإن كان الحشد المقدس وفتواه المباركة، أدهشا العالم بمعركة جهاد حسينية، في القرن الحادي والعشرين، فقد باتت معركة الشباب لخدمة الوطن والمواطن، ملحمة أخرى تضاف لملاحم العراق.
الوقفة النوعية التي وقفتها بعض القوى الوطنية المعتدلة للملمة الوضع الداخلي للبيت الشيعي أظهرة مقدرة فائقة بزعامته الشابة الحكيمة فالتحالف الوطني العراق شهد كثير من التداخلات والتقاطعات التي ضعفت من دوره وأدائه في القضايا الخطيرة لكنه الآن يتعافى بسبب حكيم لن يدع مجالاً للتراجع فهو يراجع ولايتراجع.
القيادة الحكيمة الشابة محط فخر وإعتزاز لكل عراقي، يؤمن بأن مشروع الوطن يكتمل بتظافر الجهود، مادام في الميدان رجال صدقوا، في عهدهم مع الله، ومع أنفسهم، ومع الآخرين، دون أن يحيدوا عن أهدافهم الأصيلة، في بناء الدولة العراقية العصرية العادلة، وهو عنوان مجدها ودليل عراقتها.