نظرة سريعة ومختصرة إقتباساً أكاديمياً لمفهوم الاسطورة الدينية: هي قصة أو مجموعة من القصص التي تتعلق بالآلهة، والروحانيات، والخوارق، وغالبًا ما تُستخدم لتفسير الظواهر الطبيعية، وتقديم القيم الأخلاقية، وتوجيه السلوك البشري. تختلف الأساطير الدينية من ثقافة إلى أخرى وتشمل العديد من العناصر الرمزية والرموز التي تعكس معتقدات الشعوب وتقاليدها. واحدة من عناصر الاساطير الدينية هي رحلة البطل. هنا ووفق البحث الأكاديمي أستطيع أن أستخدم عبارة الاسطورة العاشورائية وعلاقتها بالتوجيه السلوكي ( الجمعي ) من حيث خطورتها على المجتمع. كان يمكن أن أتطرّق الى الاسطورة العاشورائية او الاسطورة الحسينية نسبة الى بطل القصّة او الشخصية الرئيسية وهو الحسين بن علي من حيث أن تكون لها تأثيرات إيجابية، مثل تقديم الدعم النفسي والمعنوي للأفراد، وتعزيز القيم الأخلاقية، وتقوية الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع لكن الواقع شيء مختلف تماما. ولهذا أنا مجبور من ناحية الأمانة العلمية او الأمانة الأخلاقية وجزء من مسؤوليتي الوطنية طالما أعتبر نفسي معارضا وطنيا للنظام السياسي الفاسد في العراق ، أقول يجب عليَّ أن أتحدث عن خطورة الاسطورة العاشورائية ( الحسينية ) على المجتمع:
أولا / أنها تعزز من الانقسام والتعصّب على اعتبار انها قد تؤدي إلى تقسيم المجتمعات على أسس دينية او طائفية، وتعزز التعصب والكراهية بين الأفراد الذين يعتنقون معتقدات مختلفة.
ثانيا / إعاقة التقدّم العلمي ففي بعض الأحيان، يمكن أن تعيق الاسطورة العاشورائية التقدم العلمي وتمنع التفكير النقدي، خاصة إذا ما تمسك الناس بالسرديات المثيرة مثل قتال العباس بن علي للجيش الذي منعه من الوصول الى النهر لجلب الماء الى الأطفال ودغدغة مشاعر الجمهور بدلاً من البحث عن تفسيرات علمية لتلك الرواية او كيف وصلت كل التفاصيل وكأنك كنت معهم منذ خروجهم من مكة الى ماحدث في كربلاء قبل أربعة عشر قرنا!.
ثالثا / توجيه السلوك الاجتماعي والسياسي. مثل يمكن أن تؤثر على السياسة والتشريعات الاجتماعية بطرق قد تكون ضارة، مثل تبرير العنف أو القمع أو التمييز ضد مجموعات معينة من الناس. الآن المصالح المجتمعية معطّلة ، خدمات الدولة التي هي غير دولة أيضا معطّلة عن تقديم الخدمات الى المجتمع وموظّفة لهذه المناسبة الطائفية علما أن الحقيقة التاريخية هي ضمن الصراع الأموي الهاشمي ( من اصول اجتماعية واحدة ) والحسين ويزيد بن معاوية أحد ورثة الصراع السياسي المغلّف بالاطار المذهبي.
رابعا/ الحد من حرية التفكير. الاسطورة العاشورائية تحد من حرية التعبير والتفكير النقدي، مما يمكن أن يقيد الإبداع والابتكار. الآن لو كنتُ في العراق وبسبب كتاباتي كيف سيكون مصيري؟ اجتماعيا ، أمنيا وحتى عشائريا؟
خامسا / استغلال الدين لأهداف سياسية أو اقتصادية. استغلال هذه المناسبة لتبرير تصرفات معينة من قبل القادة السياسيين أو الدينيين، مما يمكن أن يؤدي إلى استغلال الناس والسيطرة عليهم. لاحظتم كيف أن رئيس الوقف الشيعي كان يمجّد بالنظام السياسي الفاسد والمشترك في جريمة ارتهان العراق ضمن الهيمنة والاحتلال الاجنبي ( الايراني ، الأمريكي ، التركي ) إضافة الى تورطهم في ملفات الفساد المالي والاداري.
موقفنا السلبي ممايحدث الآن هو الاستمرار في دق ناقوس الخطر على مستقبل الأمن الوطني للعراق. دعونا نكون صريحين ، كل ما يجري من ممارسات وطقوس خرافية في عاشوراء هي تدخل ضمن احتقان طائفي ممن لايؤيدون هكذا طقوس متخلفة بعيدة عن منطق الانسان السوي فلو أخذنا مفهوم القيم الأخلاقية وطبقناها على سلوك من يمارسون تلك الطقوس العاشورائية سنجدها بعيدة عن تحقيق القيم الاخلاقية في المجتمع.كاصدار أصوات غنائية ، الزحف على البطون ، مسح الأحذية والمساج مع ظاهرة انتشار المخدرات، تطبير رؤوس الأطفال الرضع او القاصرين، وهذه ليست اتهامات مني إنما بعض علماء الشيعة تطرّقوا اليها منذ سنوات والطقوس المبتدعة مازالت تتطور سنويا بالاتجاه المنافي للقيم الأخلاقية والنفسية. تُنتج لنا مجتمعا او جيلا ممسوخا لاعلاقة له بما يريده البعض القلّة من علماء الشيعة. الفوضى السلوكية والاخلاقية تُنتج لنا مجتمعا مفككاً يسهل قيادته وهذا ماتريده المرجعيات الدينية كالسيستاني ( محمد رضا السيستاني ) علي الخامنئي ، التيار الشيرازي وغيرهم. السؤال هل من وسائل يمكن أن نقوم بها في مواقع التواصل الاجتماعي لتحصين أنفسنا وجيل الشباب ؟ نعم بالامكان ذلك منها ، التركيز على نشر المعلومات الفكرية عن التاريخ الحقيقي الأكاديمي وليس المذهبي. أي ليس من الحكمة مثلا يتحدث ناشط من المذهب السني عن بدع عاشوراء لأن هذا يخلق موقفا معاندا ومتشجنا من الطرف المقابل. يجب التركيز أكاديميا حول قضايا تتعلق بالتاريخ الاسلامي لتنشيط البحث والنقد التاريخي. لاحظت عشرات من يدعون ناشطين ماينشرونه يدل على فكرهم الطائفي أيضا وهذا خطأ. كذلك نشر المواضيع المتعلقة برؤيتنا المستقبلية في السياسة وشكل النظام السياسي والتشريعات المهمة لاعادة بناء الدولة أرضا وشعبا. وترك التحليل النقدي الطائفي الى المختصين أكاديميا دون تكراره كي لايُحسب النشاط استهدافا متعمدا. تحفيز الشباب على المواظبة في التنظيم النقابي السري بانتظار مرحلة تاريخية فاصلة وذلك لضمان عدم تشتيت أفكارهم عن القضية الوطنية الأسمى وهي تغيير النظام السياسي وتحرير العراق منه ومن تبعاته.