أين موقع إسرائيل من تشابك الاستراتيجيات الدولية في الواقع السوري والمصيدة لزج الفصائل المسلحة العراقية في المعارك؟

أين موقع إسرائيل من تشابك الاستراتيجيات الدولية في الواقع السوري والمصيدة لزج الفصائل المسلحة العراقية في المعارك؟

مقدمة:

تلعب إسرائيل دورا” استراتيجيا” في معادلة الصراع السوري إذ تراقب التطورات عن كثب وتسعى لتحقيق أهداف أمنية وسياسية بعيدة المدى. تقع سوريا على حدودها الشمالية وبالتالي فإن أي تغييرات في المشهد السوري تثير مخاوف أمنية مباشرة لها. من هذا المنطلق تتقاطع المصالح الإسرائيلية مع قوى إقليمية ودولية وسط تشابك معقد يضم إيران، الميليشيات العراقية، تركيا، روسيا، والولايات المتحدة.

الأهداف الإسرائيلية في سوريا:

  1. منع تعزيز النفوذ الإيراني:
    تُعتبر إيران العدو الاستراتيجي الأكبر لإسرائيل في المنطقة. ومن خلال دعمها للنظام السوري والميليشيات الشيعية تسعى إيران لإنشاء ممر بري يوصلها الى لبنان عبر العراق وسوريا مما يُعزز من قوة “حزب الله” اللبناني. تدرك إسرائيل أن هذا الممر يُشكّل تهديدا” وجوديا” لذلك تنفذ ضربات جوية متكررة على مواقع إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله داخل سوريا.

  2. الحد من قوة الميليشيات الشيعية العراقية:
    ترى إسرائيل في الميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران تهديدا” إذ قد تستخدمها طهران لتعزيز نفوذها العسكري بالقرب من الحدود الإسرائيلية. أن تورط هذه الفصائل في سوريا يُعطي إسرائيل المبرر لشنّ ضربات استباقية تُضعف قدراتها، كما تسعى لسحبها الى مستنقع يستهلك مواردها ويُبعدها عن الحدود الإسرائيلية.

  3. تقويض قدرة النظام السوري:
    بالرغم أن إسرائيل لا تتدخل مباشرة لإسقاط النظام السوري فإنها تستفيد من إضعافه لضمان ألا يعود كقوة إقليمية تهدد أمنها. يهدف هذا الموقف إلى إبقاء سوريا ضعيفة ومنقسمة، ما يمنع أي تهديد مستقبلي من جبهة شمالية قوية.

  4. التحالفات غير المعلنة:
    سعت إسرائيل خلال السنوات الأخيرة لتعزيز علاقاتها مع بعض الدول العربية المناهضة لإيران مستفيدة من الصراع السوري. هذه التحالفات تُشكّل جزءا”من استراتيجيتها الأوسع لاحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة.

الموقف من توريط العراق في الصراع السوري:

  1. استنزاف إيران عبر العراق:
    تدرك إسرائيل أن زجّ الفصائل العراقية في الصراع السوري يُضعف إيران على المدى البعيد.أن انخراط هذه الفصائل في معارك طويلة يُشتت جهود طهران ويقلل من قدرتها على التركيز على مواجهة إسرائيل مباشرة.

  2. استراتيجية “الفخ الإقليمي”:
    ترى إسرائيل أن تورط العراق في المستنقع السوري قد يؤدي إلى خلق توترات داخلية تُهدد الاستقرار العراقي وهو ما يصبّ في مصلحة تل أبيب إذ يقلل من قدرة العراق على أن يكون حليفا” لإيران.

  3. إبعاد التهديد عن حدودها:
    من خلال دعم ضربات جوية أو عمليات سرية تُحاول إسرائيل إبعاد خطر الميليشيات العراقية والإيرانية عن الحدود الإسرائيلية وضمان عدم تمركزها في الجنوب السوري خاصة في القنيطرة والجولان.

التنسيق مع القوى الدولية:

إسرائيل تنسق مع الولايات المتحدة لضمان مصالحها في سوريا. أن التحالف بينهما يُتيح لتل أبيب تنفيذ ضربات ضد الميليشيات المدعومة من إيران دون مواجهة رد فعل قوي. في المقابل، تحاول روسيا الحفاظ على توازن دقيق فهي تتجاوز عن الضربات الإسرائيلية في بعض الأحيان مقابل ضمان مصالحها مع النظام السوري.

الخاتمة:

تُعتبر إسرائيل فاعلا”رئيسيا” في الصراع السوري رغم أنها تُفضل التدخل غير المباشر. ويقف الكيان الصهيوني موقف المراقب الفاعل حيث تستغل تورط الميليشيات العراقية في سوريا كوسيلة لإضعاف إيران وتقويض أي تهديد محتمل. أن تل أبيب تخطط من خلال ضرباتها الجوية وسياساتها الإقليمية إلى تحويل سوريا والعراق إلى ساحة استنزاف دائمة لخصومها مما يضمن لها التفوق العسكري والسياسي في المنطقة.