حجيه راحت للانتخابات
كلت لموظف الاقتراع
اشرلي على فلان.. اشرلها
كلتله اشرلي هماتين على فلان
كلها حجيه ميصير
كلتله انت شعليك ورقتي وحرة بيها
اشرلها
كلته واشرلي على فلان هماتين
كللها حجيه والله ميصير
كلتله شنو هل طلابة وانت شعليك
اشرلها
كلتلة اشرلي على فلان هماتين
اشرلها وكللهة حجيه ترة الورقة خربت
كلته تخرب الورقة ولا اخرب ويه العباس
ذو كلهم أخذت منهم فلوس وحلفتلهم بالعباس انتخبهم
***
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى / رئاسة الجمهورية العراقية رئاسة الوزراء رئاسة مجلس النواب
م / طلب نفي خارج البلاد
أقر وأعترف بأني مواطن غير صالح في مجتمعكم العراقي الديمقراطي المثقف والواعي والإنساني وأنا لا أستحق العيش في بلاد مزدهرة ورائعة مثل العراق ولهذا أطلب أن تنفذوا بحقي حكم النفي خارج الوطن ومن المستحسن ان ترسلوني إلى هذه البلاد ..
السويد ‘ النرويج ‘ كندا ‘ المانيا ‘ النمسا ‘ الدنمارك
والتي يوجد فيها طقس يصعب العيش فيه فأنا أستحق أشد العقوبات واقصاها
أنتظر ردكم بفارغ الصبر فلا تأخذكم بي رحمة ولا شفقة ..
اخوكم
(( مواطن غير صالح ))
إن أبرز مهمة للانتخابات هو تهيئة سبل الاستقرار السياسي القائم على مبدأ التداول السلمي للسلطة. فالسلطة الحاكمة تستطيع عن طريق الانتخابات أن تبرر وجودها من خلال منطق الإرادة الجماعية، كما أنها تحقق المشاركة السياسية التي تتيح للأفراد والجماعات آليات التعبير عن آرائهم في اختيار المشاريع السياسية والممثلين عنهم في السلطات، وكلما زادت المشاركة السياسية كلما زاد الاستقرار الداخلي وأعطى الشرعية للسلطة السياسية. لكن في الأنموذج العراقي تبدو الأمور أكثر تعقيدا، فالمعضلة العراقية الانتخابية تحديدا لا تتعلق بسلوك الناخب فحسب، وإنما تتعدى إلى ما هو أبعد من ذلك.
تتجه الأنظار المحلية والإقليمية والدولية نحو حدث الانتخابات العراقية النيابية المبكرة، المؤمل إجراؤها في تشرين الأول/أكتوبر من العام الجاري، لما لنتائجها من تأثيرات حيوية في الاستقرار الداخلي وآثاره الخارجية، إذ بات العراق مصدرا من مصادر أزمات المنطقة وعاملاً من عوامل اللااستقرار المؤثر في التفاعلات الإقليمية والعلاقات الدولية، وهو ما يؤكد مركزية العراق في المعادلة الاستراتيجية للمنطقة التي تستقر باستقراره وترتبك بارتباكه، فمنذ ٢٠٠٣ والبيئة الإقليمية مضطربة حين شهدت خروج بغداد من الميزان الإقليمي للقوى المتنافسة.
على الرغم من تصويت البرلمان العراقي على القانون الانتخابي، إلا إنه تضمَّن عدة إشكالات جوهرية وشكلية تصل إلى ٣٢ ثغرة، وهو أمر معيب وغريب في الوقت نفسه ويضع العملية الانتخابية في محل شك وجدل، لعل من أهمها عدم إقراره للبطاقة البايومترية (الأحيائية) طويلة الأجل بوصفها الوثيقة الوحيدة المسموح بها للتصويت وسماحه بالتصويت بالبطاقة الإلكترونية قصيرة الأمد والقابلة للتزوير مع ادعاءات عدة من أحزاب ومراقبين بفقدان الملايين منها وذهابها إلى الأحزاب مع إمكانية استخدامها لأغراض التزوير، فضلًا عن إسناد مهمة تقسيم الدوائر الانتخابية إلى البرلمان وهو ما يقود إلى ظاهرة تعارض المصالح التي تحققت بالفعل بعد ذلك
تختلف الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في العراق في العاشر من تشرين الأول المقبل عما قبلها من مناسبات انتخابية، وستجرى بنظام وآلية انتخابية لم تعهدها الحياة السياسية منذ العام 2003. فقد شرّع البرلمان العراقي قانونا انتخابيا يعتمد نظام الدوائر المتعددة لكل محافظة، وهذا ما سيفرض واقعا تنافسيا أقسى بين الطبقة السياسية قد يغير من خارطة التحالفات المستقبلية ويؤسس لواقع سياسي جديد مغاير لقواعد التوافقية السياسية التي حكمت العراق طوال 18 عاما ماضية.
كانت الانتخابات السابقة تعتمد المحافظة كلها كدائرة انتخابية واحدة، يتحرك المرشح في أقضيتها ونواحيها ويحاول استقطاب الجمهور وبناء قواعد جماهيرية يجمع فيها أصواته، ولكن اليوم بموجب القانون الجديد فلن يستطيع المرشح الراغب بالحصول على مقعد نيابي إلا أن يركز جهد حملته الانتخابية على دائرة انتخابية واحدة، تضم بضعة أحياء سكنية ويصل تعدادها لقرابة 400 ألف نسمة في أحسن الأحوال، مما يُصعّب المهمة على المرشح المستقل ويزيد حظوظ المرشح الحزبي نظرا لتمتعه بوسائل التأثير المختلفة على مزاج الناخبين في الدائرة الانتخابية، والتي سيستخدم فيها بلا شك المال السياسي والورقة العشائرية وسطوة السلاح، لاسيما في المناطق التي تخضع لسيطرة الميليشيات المسلحة.
إن عملية تقسيم الدوائر الانتخابية في أي دولة تدَعي الديمقراطية، شغل بال الفقهاء والمشرعين الساعين لتحديد الضمانات المتعلقة بنجاعة العملية الانتخابية، لأن التقسيم الجديد استُغِل عملياً للتأثير في مشاركة الناخبين في مناسبات انتخابية سابقة لاستئِثار فئات معينة من الجمهور الحزبي يكون لهم تمثيل يوازي ثقلهم الجماهيري. إن عملية تقسيم الدوائر بشكل عادل يعتبر ركيزة أساسية وأولى في أي عملية انتخابية نزيهة، يشعر الجمهور بالاطمئنان لحقه في التصويت وفي اختيار من يمثله، ومن هنا إذا كان توزيع الدوائر منصف وأخذ الجميع حقوقهم العادلة فسنكون قد وضعنا اللبنة الأولى من لبنات نزاهة الانتخابات وقبول نتائجها.
عند قراءة مسودة القانون العراقي لانتخابات البرلمان، لم يُشر في أي مادة من مواده إلى آلية ترسيم الدوائر الانتخابية، مما جعل الأمر مثار شك لدى بعض الجماعات السياسية والمواطنين على حد سواء، ففي معظم القوانين الانتخابات تخصص فقرات أو قانون منفرد للجهة المخولة بترسيم الدوائر لأهمية الموضوع، ومن الشائع بالنسبة للقوانين الانتخابية في كثير من البلدان أن هناك أطرافا تضطلع بمهمة ترسيم الدوائر الانتخابية وهي: هيئة أو لجنة خاصة تضطلع بمسؤولية ترسيم الدوائر الانتخابية، منفصلة عن هيئة إدارة الانتخابات.
قسمت الأحزاب السياسية والجماعات المسلحة الدوائر الانتخابية على أساس مصالحها وقواعد تضمن فوز ممثليها في الانتخابات المقبلة، وخضع موضوع تقسيم الدوائر إلى المساومة السياسية والتوازنات الطائفية بالتراضي بين الفواعل المتنفذين، ولم يخضع موضوع التقسيم إلى معايير موضوعية تتعلق بالحدود الإدارية للمدن والأقضية والنواحي، أو التعداد السكاني أو البطاقات الوطنية والتموينية أو التمثيل الديمغرافي أو حتى الصلات الجغرافية ما بين المناطق، وهذا بطبيعة الحال سينعكس سلباً على حقيقة التمثيل السياسي للسكان ومصالحهم.
يمثل قرار اعتماد البطاقة الانتخابية الالكترونية قصيرة الأمد والتي صوت بها الناخب في الانتخابات العراقية العامة عام ٢٠١٨، أزمة حقيقية ستؤثر في نزاهة عملية الاقتراع عام ٢٠٢١، فقد أكدت الانتخابات العامة الماضية أن البطاقة القصيرة الأمد كانت من وسائل التزوير وتم بيعها وشراؤها من لدن العديد من الشخصيات والكيانات السياسية بأثمان بخسة، فهي تفتقر إلى التقنية والحداثة ويمكن استخدامها في التصويت وملئ صناديق الاقتراع من غير أصحابها الشخصيين والمفوضية كانت قد أعلنت عن فقدان 1.5 مليون بطاقة ناخب إلكترونية ستستخدم بلا شك في تزوير الأصوات.
يشكل سلاح الميليشيات وسلاح العشائر وسط وجنوب العراق، التهديد الأمني الأكبر على سير العملية والوصول الآمن لمراكز الانتخاب في محافظات وسط وجنوب البلاد، وكذلك محافظات ديالى ونينوى والأنبار وصلاح الدين، بالإضافة إلى مناطق حزام بغداد ومناطق أخرى خاضعة أمنيا لسيطرة تلك المجموعات المسلحة.
إن نزول أغلب الجماعات السياسية وأجنحتها المسلحة بمسماها الصريح أو البديل في دوائر انتخابية محدودة الناخبين والجغرافيا، بعد فشلها في الاتفاق على تقاسم الدوائر ومرشحيها فيها، قد يُحدث نزاعا مسلحاً بأبعاده السياسية والعشائرية والميليشياوية، وهو ما قد يحاول الجميع تجنبه بالدفع نحو تأجيل الانتخابات، لكونه يمثل حرباً أهلية بمعناها الحقيقي وما تمثله من تداعيات يمكن مشاهدة ملامح آثارها بصورة يومية في المدن التي ينشط فيها سلاح الميليشيات المنفلت.
أفرزت الاغتيالات الأخيرة في العراق، فكرة مقاطعة الانتخابات والنظام السياسي في العراق، خاصة مع مقتل الناشط في كربلاء، إيهاب الوزني، في 9 أيار/مايو، ما أدى إلى أن تعلن قوى ناشئة عن احتجاجات تشرين مقاطعة الانتخابات، لأن “البيئة غير آمنة” لإجراء الانتخابات في العراق، فضلًا عن سيطرة ما أطلقوا عليه “السلاح المنفلت”.
تبدي كتل سياسية مخاوفا من استخدام السلاح من طرف بعض الجهات للتأثير على نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، ففي 27 مايو/ أيار الماضي، حاصرت فصائل مسلحة مواقع عديدة في المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط العاصمة بغداد، بينها منزل الكاظمي، ومبنى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، رفضا لاعتقال قيادي في الحشد.
هذه الشواهد تعضد مخاوف الجماهير والفعاليات السياسية من أن تكون الفصائل المسلحة وسلاحها، المحدد الأكثر تأثيرا في الانتخابات المقبلة، من جهة تحديها للحكومة والابتزاز السياسي والضغط على المواطن ومصادرة حريته في اتخاذ القرار وغيرها من التحديات التي تمس جوهر الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان في التعبير عن آرائهم.
تشير أغلب الدراسات إلى أن سيناريو المقاطعة الشعبية الواسعة التي شهدتها انتخابات 2018 ستتكرر وبصورة أشد في انتخابات 2021 نظرا لسوء إدارة الشأن القانوني الانتخابي والانقسام والاستقطاب الحادين في داخل المكون الواحد، وضغط السلاح على الرأي العام وضعف السلطات في حماية المواطن وفشلها في تنفيذ القانون على الفاسدين والمتهمين بارتكاب جرائم ضد المتظاهرين.
يمثل انسحاب قوى سياسية ونوايا مقاطعة الجماهير وفعاليات تشرين للانتخابات البرلمانية المبكرة بمثابة رسائل للمجتمع الدولي، بأن وضع العراق غير مستقر وغير مهيء لإجراء العملية الانتخابية، وأن إجراءها في هذا الظرف يعرّضها للطعن في نزاهتها، كما أن استمرار إعلان جهات وشخصيات سياسية مقاطعتها للانتخابات المبكرة، قد يدفع بشكل حقيقي إلى تأجيل موعد هذا الاستحقاق، وربما هذا التأجيل، بناء على مطالبات دولية، وتوصيات ترفع من قبل جهات وأطراف دولية لها تأثير على الوضع العراقي الداخلي.
يستعد العراق لخوض الانتخابات التشريعية الخامسة، التي من المقرر أن تُجرى في 10 أكتوبر المقبل؛ استجابة للاحتجاجات التي شهدتها البلاد عام 2019، في ظل تعقيدات سياسية وأمنية وإدارية يصعب تجاهلها، تتعلق بتأمين البيئة الانتخابية، وإقناع الناخب العراقي بجدوى المشاركة، واحتدام الصراع السياسي بين الكتل والأحزاب، وعدم سيطرة الحكومة على سلاح الميليشيات، فضلاً عن ارتفاع وتيرة الاغتيالات ضد الناشطين والإعلاميين، وصعوبة إنفاذ القانون ضد مرتكبي الجرائم من أتباع الساسة ورجال الميليشيات. ويلاحظ اتساع مظاهر التدخل الخارجي، وتململ التنظيمات الإرهابية وتزايد نشاطها في الآونة الأخيرة.
وتعد الانتخابات إحدى الوسائل الديمقراطية التي تعبر عن إرادة الشعب، وهي أحد أبرز مطالب الاحتجاجات الشعبية الرافضة لأداء النظام السياسي، والداعية إلى الحد من انتشار الفساد والمحسوبية، ومعالجة فقدان الخدمات الأساسية الضرورية، والكفّ عن سياسة الخضوع والإذعان لإملاءات الدول الإقليمية وميليشياتها المسلحة، التي أضحت تتدخل في الشؤون الاقتصادية والسياسية والأمنية في العراق، فضلاً عن تفشي البطالة وتردِّي الواقع المعيشي، وتراجع دخل المواطن البسيط، وارتفاع الأسعار بشكل كبير؛ نتيجة للسياسات المالية التي اتبعتها الحكومة مؤخراً؛ ما قد يفجر الأوضاع بشكل غير مسبوق.
وكان البرلمان العراقي قد أقر قانون الانتخابات التشريعية، الذي يضم 50 مادة، في 24 ديسمبر 2019، بعد مخاض عسير خاضت خلاله الكتل السياسية مفاوضات كثيرة، قبل أن يتم التصويت على المواد الخلافية التي أدت إلى مقاطعة الكتل الكردية جلسة التصويت، إضافة إلى بعض النواب السُّنَّة. هذا ويختلف القانون الجديد من حيث إقرار الدوائر والقوائم عن القانون السابق، ولكنه يشابهه في السياق العام.
ليتبعها بعد ذلك تعديل قانون المحكمة الاتحادية وإكمال نصابها، تمهيداً لاختيار قضاة جدد لعضويتها. وتعدُّ هذه المحكمة أعلى سلطة قضائية في العراق منوط بها جملة مهام وصلاحيات اتحادية حصرية. وبالعودة إلى النصوص الدستورية المنظمة لعمل المحكمة الاتحادية، تنص المادة (93) أولاً “إن المحكمة تختص بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة”، كما تختص أيضاً – كما ورد في الفقرة سابعاً – بالمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب.
وقد كثفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق استعداداتها لضمان نزاهة الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر المقبل، بإجراءات “غير مسبوقة”؛ لمنع تكرار سيناريو عام 2018 عندما تعرضت العملية الانتخابية إلى هزة كبيرة نتيجة التزوير الواسع الذي لحقها. وفي آخر الإجراءات المتخذة، تقرر إجراء المصادقة لأصحاب البطاقة الإلكترونية القصيرة الأمد، باستخدام بصمات الأصابع العشرة، فضلاً عن سحب تلك البطاقات من الناخبين بعد انتهاء عملية التصويت؛ وذلك لمنع استخدام هذه البطاقات في الاقتراع مرة أخرى، وهو إجراء يحصل لأول مرة في البلاد].
وشددت مفوضية الانتخابات العراقية على أن موعد إجراء انتخاب مجلس النواب العراقي في 10 اكتوبر 2021 (حتميٌ لا تراجع عنه)، مشيرة إلى أن “المفوضية تواصل خطواتها وتحضيراتها وفق توقيتات زمنية لا تحتمل التغيير، وصولاً إلى تحقيق انتخابات تحظى بثقة الشارع العراقي”، وتأمل في أن تكون الجماهير متفاعلة مع الحدث الانتخابي المرتقب، لما للانتخابات المقبلة من أهمية بالغة، للاستقرار وتمثيل إرادة الناخبين عبر صناديق الاقتراع.
ولكن في ظل الظروف السياسية المعقدة، من المحتمل أن تؤجَّل الانتخابات مرة أخرى لتُجرى في وقتها التقليدي عام 2022 ، وخاصة مع التصدعات الحاصلة بين الفصائل المسلحة والحكومة العراقية، وصعوبة إنفاذ القانون، وإنهاء الظواهر المسلحة.
ووفقاً لمفوضية الانتخابات العراقية، فقد أغلق باب تقديم الترشيحات وتسجيل الكيانات والتحالفات السياسية، للتنافس والمشاركة في الانتخابات العامة العراقية المبكرة المقرر إجراؤها في يوم 10 أكتوبر من العام الجاري، وصادقت المفوضية العليا للانتخابات على 44 تحالفاً و267 حزباً ، وبلغ مجموع المرشحين نحو 3523 مرشحاً، منهم 1002 مرشح قدمتهم التحالفات، بينما قدمت الأحزاب 1634 مرشحاً، أما المرشحون المستقلون فبلغ عددهم 887 مرشحاً، ومن ضمن العدد الكلي للمرشحين تضمنت “الكوتا” النسائية بواقع 25 في المئة، حيث تم تسجيل 963 مرشحة من العنصر النسوي، ضمن العدد الكلي للمرشحين.
ويتنافس المرشحون على 329 مقعداً نيابياً، منها 83 مقعداً للنساء و9 للأقليات، وهم المسيحيون والشبك والصابئة واليزيدون والفيليون، وتسيطر القوى السياسية الشيعية التقليدية على تشكيل الحكومات، وتوزيع الوزارات والمناصب الخاصة، نظراً لأكثريتهم العددية في التمثيل البرلماني، وبرغم تنوع القوى الشيعية في العراق، فإن هناك قوى مؤثرة في القرارات السياسية والحكومية؛ كالفصائل المسلحة التي تشارك ضمناً في التحالفات الانتخابية وتنضوي تحت مسمى “الحشد الشعبي”.
قواعد المحاصصة مخرجات أثرت في الأحزاب والقوى السياسية
لاتزال الكتل والأحزاب السياسية التقليدية تهيمن على المشهد السياسي التنفيذي والتشريعي النيابي منذ انتخابات عام 2006 حتى الآن، وفقاً لقواعد المحاصصة الحزبية التي رسخها الاحتلال الأمريكي للبلاد، باعتبار أن العراق بلد ذو مكونات متعددة (شيعية، وسنية، وكردية).
وعلى أثرها تم هندسة النظام السياسي وفق نظرية المكونات، وإسقاط النتائج الانتخابية عليها، حيث جرى توزيع الرئاسات الثلاث بوصفه عُرفاً حزبياً وليس دستورياً، لتكون رئاسة الوزراء للسياسيين الشيعة حصراً، ورئاسة الجمهورية للسياسيين الكُرد بعد أن كانت للسنّة، وهو منصب شرفي توفيقي ذو صلاحيات محدودة جداً، ورئاسة مجلس النواب للسياسيين السُّنَّة، بعد أن كان للكرد، وهو الآخر منصب محدود الصلاحية قياساً بالسلطة التنفيذية. وبالعودة الى نسبة المقاعد وسياق التصويت على القرارات للكتل السياسية داخل مجلس النواب، فان الأغلبية الشيعية لها التأثير الأكبر في التصويت؛ ما يجعل اتخاذ القرار داخل المجلس توافقياً، ويخدم الكتلة البرلمانية الكبرى.
ومع ذلك، وفي ضوء تعديل قانون الانتخابات الأخير، فقد برزت خريطة انتخابية مضطربة، مصحوبة بمؤشرات الصراع الانتخابي الأفقي بين الكتل ذات اللون الواحد، كما يظهر فيها حراك انتخابي مختلط لم تألفه الانتخابات السابقة من قبل، وتديره الكتل السياسية نفسها، وإن بدلت أسماءها وتحالفاتها، وتجلى ذلك بتحول بوصلة التحالفات أفقياً بين كتل كردية وأخرى شيعية وسنية، كما يبرز في الخريطة مسار تقارب بين مرشحي الكتل وفق توافقات تقليدية تتعلق بتوزيع المناصب، بعد انتهاء العملية الانتخابية، ومن الممكن أن تتغير التحالفات بعد الانتخابات وعند الدخول إلى البرلمان، وتتحول عصا القيادة نحو الكتلة الكبرى، بالمقارنة مع ما تحققه من نتائج.
وتبين مؤشرات العملية السياسية التي انطلقت بعد عام 2003 الارتباط المرجعي والفكري لكثير من الأحزاب العراقية بالخارج، سواء على مستوى الأهداف أو الشعارات. كما تميزت بعدم وجود تغيير في قياداتها، نتيجة انتخابات داخلية إلا في حالات نادرة. ويمثل رأس كل حزب علامة بارزة يمكن أن يختصر فيها الحزب في كثير من الأحيان، وتسمت بعض الأحزاب بأسماء عوائل أو مناطق أو طوائف أو إثنيات، وبشكل غير موارب.
إن غياب الحوكمة والمأسسة في هياكل الأحزاب العراقية ساعد على ضعف المساءلة الحزبية أو تقييم القيادة، وغياب الشفافية حول مصادر التمويل والجهات المانحة، برغم أن المادة (33) من قانون الأحزاب السياسية قد حصرت مصادر تمويل الأحزاب في الاشتراكات الداخلية والتبرعات والاستثمارات الداخلية، واشترطت الإعلان عن كل موارد الحزب في جريدته والتصريح بها أمام ديوان الرقابة المالية في تقريرها السنوي، الذي يفترض رفعه إلى مجلسي النواب والوزراء ودائرة الأحزاب].
ولعل التماهي ما بين الديني والسياسي، إلى الحد الذي أضحت فيه بعض الأحزاب ليست إلا واجهات سياسية لرجال الدين، أدى إلى غياب المحاسبة الحكومية لخروقات تقوم بها هذه الأحزاب بسبب تأثير المعممين ونفوذهم في الدولة والمجتمع، وهو ما ترك بصماته على العملية السياسية، التي باتت محط تجاذب بين القوى والحركات السياسية والجماعات المسلحة من جهة، والحكومة من جهة أخرى.
ويواجهنا مؤشر على ضعف الدولة والأحزاب معاً، ويتمثل ذلك في تزايد حضور العشيرة والقبيلة في المجتمع العراقي وفي الساحة السياسية والحزبية، مع تأسيس ما سمي بمجالس الإسناد والدعم العشائري والصحوات، خلال مواجهات الدولة للميليشيات والتنظيمات الإرهابية بعد عام 2007، غير أن اللافت للنظر هو زيادة حضور الشخصيات العشائرية في هياكل الأحزاب، التي ترفع شعار تعزيز الدولة وسيادة القانون، وهو ما يكشف عن اضطرار بعض قادة الأحزاب وأعضائها إلى اللجوء لسلطة القبيلة عند الاحتكام في النزاعات بين السياسيين.
ويستند التنافس بين الأحزاب في كل انتخاب إلى أساس الاتفاق على تقاسم المغانم، والتوافق فيما بينها على توزيع المناصب العليا حسب المحاصصة الحزبية، بغض النظر عن الأداء الانتخابي والفوز أو الخسارة، تحت شعار حكومة توافقية، ولم نجد حتى يومنا هذا معارضة سياسية إلا نادراً، وتعمل هذه الأحزاب معاً تحت مبدأ التخادم وتبادل المصالح].
لقد بات من الواضح دور الأحزاب في انهيار مؤسسات الدولة؛ فالتعيين في الدوائر الحكومية لم يعد مرهوناً بالخبرة الإدارية والوظيفية والاختصاص، بقدر ارتباطه بخدمة الحزب وتنفيذ أوامره وتلبية رغبات زعيمه؛ ما حال دون تعيين الكفاءات واستثمار قدراتها في إعادة إعمار البلاد وتنميتها، لتتشكل طبقة من الموظفين الانتهازيين غير الأكفاء، ومحدودي التعليم، فشلوا في إدارة المناصب التي مُنحت لهم، لينعكس ذلك الفساد على الدولة فشلاً وتراجعاً[].
ستعتمد آليات الانتخابات التشريعية المقبلة في أكتوبر هذا العام على القانون الانتخابي الجديد رقم (9) لسنة 2020، ويحق لـ 25 مليوناً و139 ألفاً و375 ناخباً عراقياً المشاركة في الانتخابات النيابية المبكرة في البلاد، مع تعليق مشاركة العراقيين في الخارج، وفقاً لقرار المفوضية العليا للانتخابات عدم شمول العملية الانتخابية لعراقيي الخارج ، وقد قسم قانون الانتخابات الجديد المحافظات إلى دوائر انتخابية على أساس الأقضية والمدن، ولكل 100 ألف نسمة في تلك المدن مقعد برلماني، وفي حال قلّ عدد سكان القضاء عن 100 ألف يُدمج مع قضاء مجاور لتلافي تلك المشكلة.
علماً بأن الانتخابات التي جرت بين عامي 2005 و2018 جُعلت من كل دائرة انتخابية، أما القانون الحالي فقد اشترط تقسيم المحافظات الـ 18 إلى دوائر انتخابية صغيرة، وإلغاء قانون “سانت ليغو” لتقسيم الأصوات، الذي كان يُعتبر أداة الكتل السياسية الرئيسية لترسيخ وجودها السياسي. وبرغم ما تقدم فقد أبدى ناشطون مخاوفهم من أن “الصيغة الحالية للقانون ستدفع بالوجهاء الاجتماعيين وشيوخ العشائر وأصحاب الأموال والأحزاب الكبيرة إلى تصدر المشهد من جديد.
ووفقاً للسياق الدستوري، وبعد إعلان النتائج النهائية من قبل المفوضية العليا للانتخابات والمصادقة عليها، يدعو رئيس الجمهورية البرلمان الجديد إلى الانعقاد خلال 15 يوماً من إعلان النتائج؛ لينتخب البرلمان رئيساً جديداً له ونائبين لرئيس المجلس خلال الجلسة الأولى بالأغلبية المطلقة. وجرى العرف أن يكون رئيس المجلس من العرب السُّنَّة وله نائب كردي وآخر شيعي، وينتخب البرلمان رئيساً جديداً للعراق خلال 30 يوماً من انعقاد الجلسة الأولى بأغلبية ثلثي الأصوات، وجرى العرف أن يكون الرئيس كردياً.
ويكلف رئيس الجمهورية زعيم الكتلة الكبرى في البرلمان بتشكيل الحكومة الجديدة، ويمهِل المكلَّف بتشكيل الحكومة 30 يوماً لتشكيل الحكومة، وعرضها على البرلمان لنيل الثقة، ويقوم البرلمان بالتصويت على برنامج الحكومة المقترحة، ويصوّت لكل وزير على حدة، ويجب أن تحصل الحكومة وكل وزير مقترح على الأغلبية المطلقة في تصويت البرلمان، وإذا أخفق رئيس الوزراء المكلف في تشكيل حكومته أو رفض البرلمان منح الثقة للحكومة المقترحة، فعلى الرئيس تكليف شخص آخر بتشكيل الحكومة خلال 15 يوماً.
استجابة لطلب الحكومة العراقية، أصدر مجلس الأمن القرار رقم 2576 في 27 مايو 2021 بتمديد عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي” لعام كامل، وتوسيع نطاق اختصاصها والتفويض المعطى لها، ليشمل مراقبة الانتخابات العامة العراقية المقررة في 10 أكتوبر من العام الجاري، كما طالبت وزارة الخارجية العراقية جامعة الدول العربية بإرسال مبعوثين لمتابعة سير العملية الانتخابية المقبلة، وبرغم أن جميع الدورات الانتخابية الأربع التي مرت على الحياة السياسية العراقية بعد عام 2003 قد سلكت الآليات الدستورية نفسها والإجراءات الانتخابية، وبإشراف المؤسسات القانونية، وتأمين المراقبة الدولية، فإن الانتخابات السابقة لم تتسق ومعايير الديمقراطية من الشفافية والنزاهة واحترام حرية الترشيح، وتكررت الاتهامات الشعبية بتزوير نتائج الانتخابات، مع تصاعد مظاهر الفساد الانتخابي واستخدام المال السياسي، فضلاً عن الاغتيالات وسطوة السلاح غير الحكومي، التي طالت كثيراً من المرشحين.
إن الآليات الانتخابية في العراق تفتقر إلى تطبيق بعض بنود الدستور، وتحديداً المادة التي تنص على “حظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له”، وكذلك الحال بالنسبة للمادة (9) أولاً الفقرة (ب) التي تنص على أنه “يُحظَر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة”، فضلاً عن عدم تطبيق فقرات قانون الأحزاب السياسية رقم (39) لسنة 2015 فيما يتعلق بتنظيم الأحكام والإجراءات المتعلقة بتأسيس الأحزاب وأنشطتها، وحظر الحزب من تكوين جناح مسلح له].
صادقت المفوضية العليا للانتخابات على 44 تحالفاً، ضمت قرابة 260 حزباً وكياناً سياسياً، ووصل عدد المرشحين المسجلين رسمياً لدى المفوضية إلى 1640 مرشحاً وأبرزها: تحالف (سائرون) برئاسة مقتدى الصدر، وائتلاف (دولة القانون) برئاسة نوري المالكي، الذي ينضوي تحت مظلته حزب الدعوة وحركة البشائر وحزب الله العراقي، و(ائتلاف الفتح) برئاسة هادي العامري والمكون من كتل شيعية تمتلك مجموعات مسلحة، مثل العصائب وبدر والنجباء، وله سطوة ونفوذ على الشارع الشيعي؛ لامتلاكه إمكانات مالية واقتصادية وعسكرية، وتحالف (قوى الدولة الوطنية) وهو تحالف سياسي جديد، بقيادة رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي، ورئيس ائتلاف عراقيون عمار الحكيم وحزب المؤتمر الوطني العراقي، برئاسة النائب آراس حبيب كريم، وائتلاف (الوطنية) بزعامة إياد علاوي، وتحالف (تقدم الوطني) برئاسة محمد الحلبوسي، وتحالف (عزم العراق) برئاسة خميس الخنجر، وتحالف (جماهيرنا هويتنا) برئاسة أحمد الجبوري (أبو مازن)، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف (كردستان) ويترأسه لاهور شيخ جنكي الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني، وهو اندماج لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير، أما (الحركة الإسلامية الكردستانية) فقد أعلنت رسمياً عن مقاطعتها الانتخابات المقبلة؛ معللة ذلك بعدم وجود ضامن لإجراء انتخابات نزيهة في البلاد، الأمر الذي يكشف عن حالة من التشتت الكردي وتخلخل في مركز ثقله السياسي.
أما (تحالف القوى المدنية) فسيضم حركات وأحزاباً علمانية يقف في مقدمتها الحزب الشيوعي، وبحسب تصريح سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، فإن التحالف يضم حالياً “التيار المدني، وحزب الأمة بقيادة مثال الألوسي”، مؤكداً “انفتاح الحزب الشيوعي على جميع الكيانات السياسية الشابة، علماً أن عدداً من الكيانات السياسية التقليدية تواصلت معنا، ولكننا نعمل حالياً على التواصل مع تلك الجديدة”. وائتلاف (حمورابي) برئاسة لآنو جوهر عبدوكا، وتحالف (نصحح) للمجلس الإسلامي الأعلى برئاسة همام حمودي.
كما تظهر في الخريطة الانتخابية بعض الكيانات السياسية الجديدة التي طرحت نفسها ممثلة ومتحدثة باسم “انتفاضة تشرين”، و”ساحات الاحتجاج”. بالإضافة إلى عدد من التحالفات الحديثة التي قامت على اندماج بين التحالفات التقليدية التي شاركت في الدورات السابقة في محاولة لتجديد توافقاتها السياسية، وبعد انحسار مقاعدها الانتخابية، حيث أثرت الاحتجاجات الشعبية عام 2019 على شعبية الأحزاب الشيعية، وأفقدتها كثيراً من وسائل الدعم والتأييد؛ ما غير من بوصلتها التحالفية نحو وجهات لم تكن سابقاً ضمن دائرة تحالفاتها؛ فعلى سبيل المثال يعدُّ التيار الصدري هو الأقوى من ناحية القاعدة الجماهيرية من جهة، وقدرته على التأثير في الحكومة وشغلِه المناصب فيها، فضلاً عن تأثيره الكبير في عملية صنع القرار السياسي من جهة ثانية، ومع ذلك فقد ذهب الى التحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يعد أكبر قوة سياسية كردية.
ولهذا، جرت لقاءات دورية بين الطرفين مؤخراً لبلورة المسار السياسي فيما بعد الانتخابات، وتشير التسريبات إلى أن هناك رؤية مشتركة في تشكيل الحكومة القادمة؛ وقد عُقدت الاجتماعات على مستوى رفيع بين الطرفين في أربيل وبغداد وأخرى في النجف، بحسب بيانات رسمية للطرفين. ويبدو أن الحزب الديمقراطي هو الآخر قد تراجع عن التحالفات التقليدية مع الحزب الديمقراطي الكردستاني أو الأحزاب الشيعية التقليدية، مثل “حزب الدعوة” و”تيار الحكمة” و”منظمة بدر”، التي بموجبها تشكلت أغلبية الحكومات العراقية السابقة.
وتشير بعض التصريحات إلى أن هناك رغبة لدى الحزب الديمقراطي في الحصول على مجلس النواب بدلاً من رئاسة الجمهورية التي أصبحت بعد 2018 من حصة حزب الاتحاد الكردستاني، بعد أن كانت للحزب الديمقراطي، وقد نفى الأخير تخليه عن المنصب. وبالمقابل، لم يخفِ التيار الصدري سعيه لتشكيل الحكومة، واختيار رئيس الوزراء المقبل.
ولوحظ أيضاً بروز تحالف جديد تحت مسمى “قوى الدولة الوطنية” بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي رئيس ائتلاف النصر، ورئيس ائتلاف عراقيون عمار الحكيم، ومن المرجح أن يطمح التحالف إلى الحصول على مقعد رئيس الوزراء؛ نظراً للنجاح النسبي الذي حققه العبادي قياساً بالآخرين خلال ترؤسه الحكومة عام 2014، كما برز تحالف كردي تحت مسمى “تحالف كردستان” ويرأسه لاهور شيخ جنكي، الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني، وهو اندماج بين حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير، ومن المرجح أن يسعى للتحالف مع القوى الشيعية، كائتلاف دولة القانون والفتح وقوى الدولة، بغية الحفاظ على منصب رئيس الجمهورية وعدم التخلي عنه لصالح تحالف (الصدر-البرزاني)، ومن الصعب التكهن بعدد المقاعد التي ستحصل عليها التحالفات في ظل تباين التوقعات واختلاف النتائج في الانتخابات السابقة لكل تحالف.
ويبرز تنافس شديد بين تحالفَيْ الساسة السُّنَّة (العزم ، تقدم) لتحقيق الصدارة السياسية، ويبدو أن تيار “تقدم” أقرب للتحالف مع محور (الصدر-البرزاني)، وخاصة بعد التصريح الذي أدلى به رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي رئيس (تحالف تقدم) بأن رئاسة الجمهورية يجب أن تعود إلى السُّنَّة، وجاءت تصريحات رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، في لقاءات تلفزيونية عدة خلال الأيام الماضية، لتؤكد وجود تحرك من الزعامات السُّنَّية لاسترجاع منصب رئيس الجمهورية بالاتفاق مع القوى الشيعية والكردية، ويقول الحلبوسي: “إن من مصلحة العراق أن يكون رئيس الجمهورية سُنّياً؛ لكي يحظى العراق بدعم عربي كبير ويستعيد حاضنته العربية التي افتقدها منذ سنوات طويلة”، مبيناً أن “هذا المنصب من استحقاق العرب السُّنَّة في بداية تشكيل العملية السياسية بعد 2003 ، لكنه تغير بتوافق سياسي بعيد عن الاتفاقات التي جرت لتقاسم السلطة في البلاد” ، بينما يميل “تحالف العزم” خوض الانتخابات وفقاً للتفاهمات مع المسار السياسي التقليدي، والتوافق مع التحالفات الشيعية التقليدية، بما فيها الفصائل المسلحة ضمن الحشد الشعبي، الممثلة في التحالفات السياسية، ومن المرجح أن يوافق على إبقاء منصب رئيس مجلس النواب للسُّنَّة دون تغيير .
حذرت منظمة (هيومن رايتس ووتش) من خطورة استغلال الميليشيات العراقية للانتخابات، وتحقيق اختراق كبير في الطبقة السياسية، وحذرت كذلك من مناخ الخوف الذي يخلقه تصاعد عمليات اغتيال الناشطين الداعين إلى التغيير؛ ما يؤدي إلى الحد من مشاركتهم فيها، وقالت: “في حال لم تكن السلطات العراقية قادرة على اتخاذ خطوات عاجلة لوقف عمليات القتل خارج نطاق القضاء، فإن مناخ الخوف الملموس سيحدّ بشدة من قدرة أولئك الذين كانوا يدعون إلى التغيير عبر المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة”.
وفي الواقع السياسي العراقي هناك مخاوف أكبر من ذلك، تتمثل في حصول الميليشيات على مقاعد برلمانية موازية للكتل السياسية، وبذلك فإنها تحقق تكامل الشرعية السياسية للسلاح غير الحكومي، ويبعث برسائل عدم اطمئنان تشير إلى مخاطر حالية وأخرى محتملة تتعلق بمستقبل الدولة العراقية، ونمط النظام السياسي فيها، فلا يمكن إجراء انتخابات نزيهة تلبي متطلبات المرحلة في ظل سطوة الميليشيات، وفرض إرادتها بقوة السلاح، ومن المؤكد أن الفصائل المسلحة أصبحت ذات سطوة تفوق مقدرة الحكومة العراقية على إنفاذ القانون، وتحقيق الاستقرار، وخاصة أن تلك الفصائل ترتبط عقائدياً بدولة إقليمية، وتتبع نهجها الاستراتيجي لتحقيق مشروعها الإقليمي الذي من المؤكد أنه يفقد العراق تأثيره وسيادته واستقلال قراره.
تتباين آراء الشارع العراقي حول نتائج الانتخابات المقبلة، حيث يعتقد البعض أن آلية الانتخابات لم تحقق نتائج إيجابية، وهي بمثابة سياق روتيني يجري التلاعب به من قبل ممثلي الأحزاب والكتل لضمان بقائهم بالسلطة، ويرى قسم آخر – وفقاً للدعوات في مواقع التواصل الاجتماعي – بضرورة مقاطعة الانتخابات، وعدم المشاركة فيها كما حصل في انتخابات 2018، وبذلك سيتيح فرصة كبيرة لعمليات التزوير، بينما يرى آخرون أن خيار المقاطعة ليس حلاً؛ لأن نسبة المشاركة مهما تدنت لم تعد عائقاً، ضمن سياق احتساب النتائج الانتخابية في العراق، وفي دول أخرى مجاورة أخرى، ويتم قبول النتائج بأي شكل كان.
وبرغم تشريع القانون الانتخابي الجديد، بعد الاحتجاجات الجماهيرية الكبرى عام 2019، الذي يقوم على الدوائر المتعددة، فإن هناك تأثيرات سبق أن استخدمت في الانتخابات السابقة لاتزال فاعلة؛ كالمال السياسي، والولاءات العشائرية والمناطقية، بالإضافة إلى النفوذ عبر السلطة أو الفصائل المسلحة.
ومع اقتراب الموعد المقترح للانتخابات، فإن التحديات تتمثل في كيفية تأمين البيئة الانتخابية، وضمان عدم التلاعب بالأصوات، ومنع تزوير النتائج، فضلاً عن العامل الأساسي وهو عزوف الناخب عن التصويت في ظل العوامل التي تم ذكرها، مضافاً إليها التحديات التي تواجه الحكومة في ضبط العملية الانتخابية، وتهيئة الأرضية المناسبة. والمحصلَّة لكل ما سبق ذكره أن هذه الانتخابات، سواء أجريت بموعدها في أكتوبر المقبل أو تم تأجيلها إلى موعدها التقليدي والدستوري خلال شهر مايو عام 2022، لن تحقق التغيير المنشود لدى قطاع واسع من الجماهير.
تؤكد المؤشرات الحيوية وتفاعلات المجتمع العراقي وجود حالة من عدم ثقة شعبية بالمخرجات الانتخابية، بالرغم من الإجراءات الإدارية والقانونية الجديدة، ومن المرجح أن تنعكس سلبياً على المشاركة في الانتخابات، ومن المحتمل أن يقاطع الجمهور العراقي هذه الانتخابات، أو تكون نسبة المشاركة متدنية جداً ومقتصرة على الجمهور الحزبي فقط، نظراً لهيمنة الكتل والأحزاب التقليدية على المشهد السياسي؛ ما سيجعل مخرجات الانتخابات المقبلة مشابهة إلى حد كبير لمخرجات الانتخابات السابقة.
المشكلة المزمنة في كل انتخابات هي تأمين البيئة الانتخابية، وما تقدم أعلاه من تحديث التشريعات واعتماد الدوائر المتعددة بدلاً من الدائرة الواحدة كإجراءات إدارية وقانونية، لم يستطع وحده أن يحقق بيئة انتخابية مقبولة ترضي الشارع العراقي نحو انتخابات نزيهة؛ نظراً للواقع السياسي والأمني المتذبذب، وعوامل تغوُّل الفصائل المسلحة على الدولة، والتأثيرات الخارجية على سير الانتخابات، وتململ الإرهاب، فضلاً عن محدودية المعالجة الحكومية لهذه العوامل.
يشير الحراك السياسي للتحالفات المشاركة في هذه الانتخابات إلى رؤى ونظريات حول هندسة سياسية لواقع ما بعد الانتخابات، بعد فرضيات الفوز بمقاعد تؤهلهم لتصدُّر المشهد السياسي، ويبرز تنافس شديد على منصب رئاسة الوزراء بين الكتل السياسية الدينية الشيعية، ويتوقع ممثلو التيار الصدري أن يحصلوا على (60-67) مقعداً؛ ما يمنحهم أفضلية لتشكيل الحكومة المقبلة مع تحالفات قريبة منه. ومن الصعب التكهن بعدد المقاعد لكل كتلة سلفاً، وخاصة في حال عزوف الناخب العراقي عن المشاركة، أو تدني نسبة المشاركة أو عدم إجرائها؛ وعليه فستكون النتائج غير مُرضية.
تتنافس الكتل السنّية (العزم / تقدم) ضمن محوري تحالف مختلف عن الآخر، ولا ترجح المؤشرات الحالية أن يكون لتلك الكتل دور فاعل في رسم السياسة العراقية واتخاذ القرار، ومن المرجح أن يتم القبول بمنصب رئيس الجمهورية بدلاً من منصب رئيس مجلس النواب، في حال فوز تحالف (تقدم) واتفاقه مع الائتلاف الصدري الكردي.
لم تستطع الحكومة العراقية الإفلات من طوق التأثير الخارجي، الذي يُعدُّ عاملاً مؤثراً في نتائج الانتخابات وتشكيل الحكومة، حيث تفرض الدول الإقليمية نفوذها من خلال الميليشيات التي أضحت تؤثر بشكل كبير في الحياة السياسية وفي اتخاذ القرار العراقي، ومن المرجح أن تشارك هذه الفصائل في الانتخابات ضمن القوائم التقليدية، ومن المحتمل أن تحقق أصواتاً مقاربة للتيار الصدري المنافس لها.
غالبية الانتخابات التي جرت خلال الفترة 2006-2018 كانت بمشاركة الفرق الأممية وممثلين دوليين وعرب، ولم يحقق هذا الحضور تأثيراً ملموساً في سير الانتخابات السابقة، أو عدم انحرافها أو احتساب الأصوات ومنع التزوير، ومن المرجح أن قرار مجلس الأمن رقم 2576 بتاريخ 27 مايو 2021، لمراقبة الانتخابات من خلال بعثة الأمم المتحدة، لن يحقق النتائج المرجوة منه، في ظل بيئة انتخابية يسود فيها السلاح غير الحكومي والمال السياسي
3 مُرفقات
صفحة 1 من إجمالي 7