يتداول العراقيون في سيناريوهات كثيرة عما سيحدث في البلاد خلال الأسابيع المقبلة، مع استمرار انضاج التحالفات على درجات حرارة مختلفة و صواني عامرة بما لذ و طاب بعيدا عن التفكير بمصلحة العراق و أهله، لذلك نسمع عن تحالفات في بودقة خلافات و تناحر شخصي أكثر منه سياسي، ليختلط الحابل بالنابل على أساس واحد هو البقاء في السلطة، لذلك يتحول أعداء الى أصدقاء في وقت قصير و العكس صحيح، وكأنهم يرسخون مبدأ الفشل السياسي و انعدام التجربة.
لا يحتاج العراق الى كل هذه التصريحات و الاجتماعات و المناكفات الشخصية قبل السياسية ، التي وسعت دائرة الخوف و الهموم، مثلما لم يعد المواطن واثقا من وعود السياسيين بمختلف برامجهم، لأنهم جميعا يشربون من كأس المناصب، لذلك يخسرون الكثير من الصدق عندما يكررون نفس الوعود و المناهج، وبما يتوافق و المثل الشعبي القائل” يفوتك من الكذاب صدق كثير”.
ولك تأخذ الامور شكل المعالجة الحقيقية فانه من السابق لأوانه الاعتقاد بان المعلن من مواقف سيطبق في زحمة التنافس على رئيس الوزراء المقبل، بطريقة لا تختلف كثير عن البناء على رمال متحركة، بسبب فقدان الهدف و اختزال المشاكل بخلاف شخصي و ليس على أسلوب ادارة الحكم، ومن هنا فان المتخاصمين قد تقاسموا مهمة البناء الخاطيء عندما ساروا في طريق المحاصصات و التوافقات لذلك ليسوا من بين المؤهلين لتصحيح المسارات، وهي ورقة يلعبها الجميع على طاولات مختلفة!!
لقد بات المواطن في حيرة من أمره بخصوص منح الثقة لهذا أو ذاك، طالما يشترك الجميع في لعبة خلط الأوراق، فالمشروع العراقي غائب و النرجسية الشخصية حاضرة و دموع التماسيح يراد منها الالتفاف على مشاعر المواطنين طائفيا قبل غيره، بينما يظل صراع الأقوياء هواء في شباك، ليس من باب التقليل من أهميته بل لأن أغلب القائمين عليه يمدون خيوط شراكة و تواصل في جميع الاتجاهات!!
لو كان رئيس الوزراء نوري المالكي قد أصغى للانتقادات غير المدفوعة الأجر و النصائح الصادقة لما وصل الحال بالعراق حد الاختلاف من أجل فرض الرأي ، او ارضاء جهة على حساب غيرها مع الأخذ بنظر الاعتبار اشتراك الجميع في تعميم الفشل العام، لانهم اختاروا السير باتجاهين متقاطعين.. ملذات السلطة و معارضة قراراتها، في مفارقة عراقية ثقيلة الظل أكثر من المتوقع، لذلك تتحول الحوارات الى خلافات شخصية و عائلية و حزبية و تبنى التحالفات على فرضية مؤقتة، أو ما يسمى بجسر العبور الى المسؤولية، لذلك تحول حلم التغيير الى كابوس، و سيجلس الفرقاء على مائدة ذبح العراق من جديد!!
وضمن فشل يؤسس لآخر فانه من الضروري كشف المستور لكي نبتعد عن فكرة المسؤول الوحيد عن الفشل و المشروع الطائفي ” المقيت”، ونحن هنا نؤكد أن أغلب الحوارات ولدت ميتة و سيكون من الصعب الاتفاق على مشروع عراقي حقيقي، لأن الحلفاء فرقاء و لأن مغريات السلطة و توزيع غنائم المناصب يتقدم على غيره، فرئاسة النواب أهم عند بعضهم من وقف زحف الخراب الى أقصى مدن العراق المهملة، مثلما ان الفوز بنيابة الجمهورية يتقدم على ذبح العراقيين في الانبار و بابل و نينوى، بعد ان تحولت أرض العراق الى كربلاء واسعة!!
وتشير ارقام في ردود الأفعال الشعبية العراقية الى أن المواطن أتقن فنون لعبة السياسيين، وبات على قناعة تامة بأنهم يسوفون مطالبه بطرق مخيفة، لا قناعه بوجوب حد الاتكاء على فرضة ” أني شعليه و اللي تعرفه أحسن من غيره”، ما يفتح طريقا معبدا نحو استنساخ الوجوه و تضخيم
عناوين الفشل، لذلك فان نسبة قليلة من الكفاءات ستصل الى النواب و الحكومة برضا رئيس الكتلة لا على أساس المهنية او التخصص العلمي ، و من هنا يبدأ ايضا مشوار الفساد و الابتزازو النتيجة معروفة!!
العراقيون لم يذوقوا العنب و لم يشاهدوا الناطور، لذلك لن يعقلوا الكثير من الأهتمام على المشاورات أو تشكيل الحكومة المقبلة طالما المشروع مستنسخ و المواقف قابلة للتغيير بين لحظة و أخرى، بفعل المغريات و الضغوط أيضا ، لذلك يردد العراقي مع نفسه مفردات كثيرة من بينها ” أني شعليه و اللي تعرفه أحسن من غيره” نعم طالما الفرج لا يرتجى من عملية سياسية فيها انواع التهاب المفاصل، لن ينتظر المواطن حلولا بلا قلب الطاولة على الجميع احتراما للعراق و أهله!!بعيدا عن بصمة انتخابية غير مقروءة و مشاريع سياسية غير مكتوبة!!