22 ديسمبر، 2024 8:36 م

يقول المثل اليوناني :” على باب رجل اصم ، يمكن أن تطرق الى الأبد” ، ويبدو اننا ابتلينا بحكومة صماء لذا فلن تجدي طرقاتنا على ابوابها ولن تستمع الى صراخ الاطفال وعويل الامهات وأنين المرضى وهتافات المتظاهرين مهما علت..ستنجح الحكومة دائما بادعاء الصمم ثم تعمل على تحويل اتجاه الغضب الشعبي الذي ربما يرافق أزمة ما لوجهة أخرى والهائه بأزمة جديدة وهكذا ..وبالتدريج سيجد نفسه يدور في حلقة مفرغة من الازمات ولن يجرؤ على الخروج منها لأن هنالك من يعيده اليها صاغرا بربطه بقيود تعليم سيء يعمل على تسطيح افكاره وانهيار في القطاع الصحي لايتناسب وحاجته الماسة الى الدواء وضعف في الاقتصاد الوطني يجعله اسيرا للاستيراد والغلاء وغياب للخدمات الاساسية يرهقه ويسلب منه راحته طوال أيامه ولياليه ..لن يكون الشعب قادرا بعد كل ذلك على الاستيقاظ من حالة التخدير التي تضعه السلطة تحت تأثيرها وسيضطر الى الاستسلام والخضوع لكل العمليات الجراحية التي تجريها له الحكومة وهدفها المعلن هو علاجه وشفائه من اسباب معاناته اما الهدف الخفي فهو الايغال في تخديره وابقائه حيا ميتا الى اطول وقت ممكن ..
منذ أن بدأت ازمة ازالة التجاوزات والكل يتبادل الاتهامات فهنالك من يتهم الحكومة بانها تستهدف الفقراء ولاتحاسب الاحزاب والمسؤولين الكبار الذين يحتلون مناطق كبيرة تعود للدولة ، وهنالك من يتهم سكان التجاوزات ويقول بأن اغلبهم يملكون دورا سكنية لكنهم عملوا على تاجيرها والسكن في مناطق التجاوز، كما اتهمت حكومة البصرة سكان التجاوزات بالعمل في تجارة المخدرات والسرقة وكل الممارسات المخالفة للقانون والقت باللوم على الطارئين على مدينة البصرة داعية الى اخراجهم من المحافظة واعادتهم الى مناطقهم ماحدا بفريق آخر الى اتهام محافظ البصرة بالتفكير ( المناطقي ) ..
في مايخص الفقير المعدم الذي وجد في العشوائيات حلا لمشكلة السكن فلم يكن امامه الا الخروج في تظاهرات والصراخ مطالبا بحقه في الحصول على سقف يأويه في زمن فقدان الثقة بوعود الحكومة ومرشحي الانتخابات..لكن الزوبعة التي حدثت لم تتخط الفنجان الذي أعد لها فهي مجرد ازمة كسابقاتها وستتضاءل وتضمحل بالتدريج بانتظار ظهور ازمة اخرى ولن تستمع الحكومة لصراخ الفقير او تحاسب الكبار الذين يستولون على املاك الدولة ولن تجد حلولا بديلة او تتناول القضية بشكل جدي ..وبعد حرق عدة دور وهدم أخرى وتشريد عوائل عديدة ستتريث الحكومات المحلية في ازالة التجاوزات لأنها لن تجد لها حلولا ولن تجعل منها شرارة يمكن ان تتسع وتصبح حريقا ، وهكذا ، سيكتشف المواطن انه يدور في حلقة الازمات ولن يخرج منها ابدا ، وخلال ذلك ، سيكتشف ايضا انه سيظل مضطجعا الى الابد على طاولة السلطة وهو في حالة تخدير أو موت سريري !