18 ديسمبر، 2024 7:10 م

أيــران ومشاكل المياه شرقــاً وغربــاً

أيــران ومشاكل المياه شرقــاً وغربــاً

المياه في مجال السياسة الخارجية، سبب في التعاون بين الدول كما هي سبب الخلافات والنزاعات. ومن هنا يُعتبر الأمن المائي على المستوى العالمي ذا أهمية كبيرة إلى جانب الأمن الغذائي، والعلاقة المائية بين أي دولة وجيرانها تلقي بظلالها على العلاقات الدبلوماسية والاستراتيجية.
تعد مسالة الأنهار الدولیة، من المسائل التي تدخل في نطـاق معالجات القـانون الـدولي، لمـا تثیره مسالة الأنهار من أهمیة بجوانبها القانونیة والفنیة، ومسالة استخدام أو اسـتغلال الأنهـار المشتركة للـدول المتشـاطئة بمـا یثیر أهمية حقـوق الـدول وواجباتهـا تجـاه بعضـها الـبعض فـي كیفیـة اسـتخدام میـاه الأنهـار فيما بينها بشرط عدم الإضرار بحصة الدول المجاورة.
وعلاقات ايران مع جيرانها وخاصة شرقاً مع افغانستان وغرباً مع العراق تتسم بالتذبذب و الرفض والتأخير والمماطلة وعلى مر سنين طويلة .
فخلافها مع افغانستان حول نهر ( هلمند ) مستمرة منذ اكثر منذ 140 عاماً . ونهر هلمند ينبع من جنوب أفغانستان الذي ويتدفق داخل إقليم سيستان وبلوشستان الإيراني وهو مصدر مياه مهم للسكان في كل من أفغانستان وإيران. والخلافات حول مياه نهر هلمند له تاريخ طويل من المناقشات والمفاوضات حول تقسيم المياه بين البلدين. حاولت إيران وبشتى الطرق أن تثبت حقها في المياه ولم تدخر جهدًا في الوصول إلى هدفها، وهو ما قوبل بمعارضة من الحكومات التي تعاقبت على أفغانستان.
ففي عام 1882 في شهر آب لم يتوصل الطرفان الى ترسيم الحدود بينهما وفي 1905 عندما كلف السير( هنري مكماهون ) لرسم حدود جديدة بين أفغانستان وإيران, وبعد ذلك حدث تغيير مسير نهر هلمند عام 1896، والذي كان سببًا لظهور العديد من الخلافات الجديدة بين الطرفين . ولعدم ثقة الطرفين ( الحكومة الافغانية والايرانية )بحياد بريطانيا في قضية المياه فقررت كابل وطهران اللجوء إلى تركيا للتحكيم بينهم عام 1934، وقد وافقت الأخيرة على ذلك، وأرسلت (الجنرال فخر الدين آلتاي) على رأس لجنة تحكيم الا ان اللجنة فشلت حتى عام 1939 بسبب اصرار ومطالبة ايران بالحصول على نصف المياه في النهر.
وفي عام 1956 رفضت ايران نتائج دراسة هي قدمتها في نفس العام وادعت انها تحرمها من حقها في مياه نهر هلمند، ومرة أخرى فشلت المفاوضات حول تقاسم مياه نهر هملند بين البلدين
والتقى ممثلو أفغانستان وإيران بعد سقوط حكومة حركة طالبان عام 2001 بعد الغزو الامريكي لأفغانستان (19 ) تسع عشر مرة للنظر في قضية المياه بين الطرفين ولكن هذه اللقاءات باءت بالفشل لأن الجانب الإيراني رفع سقف مطالبه واعتراضاته على السياسة المائية للحكومة الأفغانية.
وقال احد اعضاء الامن القومي الافغاني مرة (“لا أتذكر أن وفدًا إيرانيًّا جاء إلى كابل ولم يتطرق إلى ملف المياه”. )
و اتهم وزير الداخلية الأفغاني السابق، ( حياة الله حياة) ، والصحافة في افغانستان الحكومة الايرانية بمساعدة طالبان في سنوات الحكومات السابقة أي قبل الانسحاب الامريكي من افغانستان عام 2021 على عرقلة بناء السدود المائية لضمان التدفق الحر للمياه الأفغانية إلى إيران .
اما غرباً فمع العراق كان لها مشاكل واتفاقات ومعاهدات الا ان العلاقة بين البلدين كان يشوبها عدم الثقة واستغلال الفرص سياسيا وعسكرياً واجتماعياً كلما سنحت الفرصة لذلك .
فمن دعم ايران اللامحدود للأكراد في حروبهم مع الحكومة العراقية وخاصة بين عام 1974 – 1957 والتي انتهت بتوقيع العراق معاهدة الجزائر عام 1975.
والعراق يشهد منذ سنوات أزمة مائية ارتفعت حدّتها خلال العامين الماضيين جراء قيام إيران بقطع أكثر من 42 نهراً ورافداً مما تسبب بموجة جفاف غير مسبوقة، قضت على آلاف الدوانم وارتفاع نسبة التصحر، وأدى إلى نزوح مئات العوائل ممن يمتهنون الزراعة.
كما انها – أي ايران – تعمل ومنذ سنوات على جعل خط التالوك (Thalweg ) أو (خط القعر )الاعمق لشط العرب يميل الى جانبها ويزحف نحو الجانب العراقي بتنفيذها عمليات كري مستمرة وبأعماق تخدمها هي وكما يقال { لغاية في نفس يعقوب } بحيث اصبح حوالى 65% من هذا الممر المائي المهم ضمن حدودها المائية
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية بدأت منذ أواخر العام الماضي، بتدويل ملف المياه وأزمتها مع إيران بعد تمسك الأخيرة بخنق المياه عن الأنهر العراقية. وترفض ايران الدخول في اية مفاوضات تخص الوضع الحالي للمياه بين البلدين الا بعد رجوع العراق الى معاهدة الجزائر عام 1975 والتي وقع عليها العراق مجبراً للظروف المعروفة في ذلك الوقت والتي الغيت عام 1980 .