23 ديسمبر، 2024 6:07 ص

حين افكر بأبي تلومني نفسي و تتوزع بين قبول او رفض الكثير من العواطف الانسانية التي ينبغي ان تكون صافية واصيلة بين اب وابن …………
هل احببت ابي ذات يوم…؟
هذا هو السؤال …..؟
هنا ترتسم في مخيلتي صور كثيرة اريد ان اهرب منها لكي تكون مشاعري صادقة واصيلة.
اجل اريد ان اهرب منها …اريد ان انفيها الى دوائر بعيدة عن شعوري التام بأن تلك الصور هي لأبي وتلك المواقف التي جعلت منا ايتاما لاب حي هي حقيقة واجهناها وعشناها بلحظاتها وثوابتها …بكل مآسيها
وبكل جبروت اخطارها.
أهو ابي ..؟ هل حبي له اصيل وحقيقي …؟
الصورة الاولى…………………
امتلئ بيتنا الكبير(بيت جدي) بالزائرين وعلقت الزينة في كل مكان واوقدت الشموع معلنة موعد الزفاف…………………
كنا انا وأمي واخوتي منكفئين على انفسنا في غرفة صغيرة بعد اخلائنا الغرفة الكبيرة التي اعدت لاستقبال العروس الجديدة ونقلت لها الموبيليا الجديدة الحديثة وتزاحمت الايادي لترتيب ملابس الخزانة وكانت مفاجئتي وانا ابن تسع سنين نقل ملابس ابي الى خزانة العروس وعند التساؤل عن الامر كان الجواب ان ابي هو(العريس)!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
استفزتني هذه الكلمة رغم صغر سني ورحت اراقب امي عن كثب فوجدتها تجهد نفسها في ضيافة الزائرين تدور بكؤوس الضيافة من المرطبات وبعلب الشكولاتة وكأن الأمر لا يعنيها وهي كعهدها دائما تعتبر عماد بيت جدي كونها الكنة الاولى التي دخلت منزلهم فلا تكاد صغيرة ولا كبيرة في المنزل الا كانت هي المبادرة لتحقيقها ووجدت في عملها ذلك اليوم شبها كبيرا بعملها قبل ثلاث سنوات يوم زفاف عمي الاكبر(ميمون) وكنت يومها فرحا بحق لما تحقق لي من مدخرات الشيكولاتة والملبس وقناني المشروبات الغازية التي كانت توزع على الزائرين.
آه………………….
لليوم اتذكر رغم تلك السن الصغيرة الايام التي تلت يوم زفاف عمي الاكبر والمفارقات التي حدثت حيث اصبحت جدتي تكيد لأمي وتكيل التهم لها بالتقصير والعناد والاهمال وتنتهج طرقا غير محببة لإعفاء زوجة عمي من اداء كثير من الاعمال خاصة بعد ولادة ابن عمي (مجد) بل هي اصبحت لا تطيق وجودنا في الصالة التي هي في واقع الأمر المكان المفترض ان يكون عاما لجميع افراد.
كنت اراقب امي عن كثب واشعر بانها باتت تحتمل من الامر مالا يطيقه اي فرد وهي حين تشكو لابي لا تجد اذنا صاغية بل هو ايضا يزيد الأمر سوءا مما يواجهها به من كلمات ليس للتخفيف عنها بل لإيلامها ولومها وتعريفها.
………
كان صباح يوم الاحد الثامن من شهر ايلول يوما مميزا ومؤلما حفل بأحداث غيرت مجرى حياة عائلتنا وسبب ذلك قيام اخي الصغير(محمود) بتناول عصير العنب في احد الكؤوس المفضلة والاثيرة عند جدتي وحين فاجأته وانتهرته فر هاربا الى خارج الصالة فتعثر بالسجادة الملونة ما تسبب في سقوطه وتحطيم تلك الكأس ….هنا قامت القيامة …قيامة اللوم والتقريع الموجهة الى امي وهي بدورها تحملت ذلك صامتة ملتزمة
الصبر والجلد مادعى جدتي اعتبار ذلك الصمت استهانة ولم تكتفي بذلك بل اندفعت نحو امي ممسكة بها بعنف صارخة بها( انا اعلم انك تحرضين اولادك ضدي…ثم قالت كلمة نائية اشعرتني وانا ابن تلك السن الصغيرة بضآلة هذه الجدة واستشعرت بذرة الحقد التي انبتت في اعماقي وما زاد الطين بلة كلماتها الجارحة التي هددت امي بها مدعية انها ستحطم كبريائها وعزة نفسها واقسمت انها تسعى في تحطيم ذاتها جاهدة ثم قهقهت ضاحكة سترين سأزوج زوجك بأخرى …اذهبي الى اهلك …اخرجي من بيتي …لا اريدك هنا …اذهبي انت واولادك…قلت لك اخرجي…
لم تستطع امي بعد هذا الحدث ان تبقى في البيت فعمدت الى اعداد حقائبنا الجلدية……………..
……………….
كنت قد اتممت قراءة احدى روايا ت احلام بالتسلسل 253 عنوانها في قبضة التنين للكاتب (داي لوكلير) وتتضمن امنيات طفلة صغيرة تتوجه بتحقيق امنياتها الى التنين والجنية) فتوجهت بدوري لذلك التنين ذي السلطة لتحقيق امنيتي وهي امكانية التخلص من شر جدتي التي جعلت حياتنا سلسلة من المتاعب واذكر اني كنت مساء ذلك اليوم في اشد حالات البؤس وانا ارقب الاحداث التي كنت آمل ان تنتهي الى خير عند عودة ابي عصرا وامكانية التدخل الحسن لأعاده الامور الى مجاريها حرصا منه على حياته الزوجية وسعادتنا كأبناء اذ لا يمكن ان يرتضي لنا العيش بعيدا عنه .
رحت اراقب الطريق آملا الآمال الكبيرة وبانيا عليها احلاما وخيالات بعد ان تألمت لمنظر الحقائب المعدة لأخذ جواز النقل الى بيت جدي لأمي بعد توقيع السيد الوالد والذي اعتقدت جازما انه سوف لا يوافق على ذلك ولهذا وجدتني امسك بيد امي بمجرد ان لاح لي قريبا من النافذة وهمست لها: امي ..ارجوك ..جاء ابي وهو بلا شك لا يوافق على خروجنا ..لا تذهبي يا امي ..لا أريد ترك البيت.
اجابتني والدموع تملئ عينيها لست انا من يريد الذهاب لكن جدتك لا ترضى ببقائنا .
آه …ما اشد عذابي …
قلت لها. لقد جاء ابي وهو سيتحدث الى جدتي …ما عليك سوى الصبر.
قالت :لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وهل وجدتني في اي يوم الا صابرة.
وهكذا ما ان وضع ابي قدمه على عتبة البيت حتى هبت جدتي صارخة في وجهه………..
اقول لك كلمة واحدة …لا اريد زوجتك واطفالك ..اذهب بهم بعيدا عني ..لا اريدهم معي .
امتقع وجه ابي ونظر الينا شزرا وكأننا مجرمين قال القاضي والقضاء بحقهم كلمته وعلى الشرطي تنفيذ الأمر ..اصابتني رعدة وقشعريرة وانا اراقب النار التي تأججت واندفاع والدي نحو امي موجها لها السؤال متجاهلا كلام والدته الجارح ..ماذا ..ماذا هناك…؟ماذا فعلتم لتثيروا غضبها…؟
تطلعت اليه امي بعينين مليئتين بالرجاء وهتفت ..لا شيء سوى ان محمود حطم الكأس الاثيرة وقامت قيامة الغضب التي لا تنتهي ..واضافت وشرقت بريقها انها تريد نا ان نترك البيت ….
كانت تريد جوابا شافيا …ربما املت مثلي ان يقول كلا …ربما كانت تظن ان الكلمة الشافية منه وهي (كلا لن يكون لا يمكن ان تخرجوا من البيت )هي التي ستكون الفيصل والتي يمكن ان تجعل منها انسانة اخرى .
وانا بدوري اوقدت شموعي في حضرت التنين وهتفت سرا بأمنيتي فقول الامنيات سرا هي ما يحققها .وقلت في سري اجعل ابي يتفهم الامر ويحرص على بقاء زوجته وابناءه لكنه ابدا لم يفعل وانا بدوري فقدت ايماني بالتنين وجنيته واستسلمت في تلك الطفولة المبكرة الى عواصف
الحقد الذي كما ذكرت لكم سابقا راح ينمو ويكبر فتلك الليلة المظلمة والظالمة كانت الفيصل بين طفل برئ وصبي حاقد …………………………………………………………
اول حقدي على جدتي ومن ثم ابي كلاهما مجرمان شاركا في جريمة مع سبق الاصرار والترصد ..جريمة ضياع بيت وتهديم اسرة …كلاهما مسؤولان عن مشاعر شريرة ما كانت لتكبر لو انهما بذلا شيء من العطف والحنان وتصرفا تصرف من يشعر بالمسؤولية ازاء اسرة ستواجه قسوة الظروف ومرارة الحرمان في قابل الايام ………………..
انتهت الحلقة الاولى وستتبعها حلقات اخرى بأذن الله تعالى.