23 ديسمبر، 2024 1:33 ص

أوّل فساد “قانوني” جديد

أوّل فساد “قانوني” جديد

من المعلوم أن أيّ تعداد سكاني و تحت ظل أيّ نظام في العالم حتى لو كان دكتاتورياً ملكيا أو جمهوريا أو شعبيا أو شيوعيا أو إسلاميا؛ ينفذه وزارة التخطيط بآلتعاون مع باقي الوزارات كآلداخلية و غيرها من خلال دائرة الأحصاء و التنمية, ففي زمن صدام الدكتاتور قد تكرر أيضا هذا الأجراء من قبل الدوائر المعنية كمثال و شاهد على ذلك, حيث يقوم الموظفين المختصين بإجراء المسح السكاني خلال الدوام الرسمي كل بحسب محافظته و منطقته خلال الدوام الرسميّ بآلتعاون مع الجهات المعنية, لكن الذي يجري الآن في العراق و رغم جيوش الموظفين الرسميين العاطلين عن العمل و بخلاف كل القوانين و الدول, حيث إن أوّل خطوة تمّ التوافق عليه؛ هو تخصيص 50 ملياراً للمشروع, و لا أدري ما هو عمل و فعل الوزارات و الدوائر المعنية, مع العلم و كما يعلم الجميع وجود فائض كبير من الموظفين في جميع الوزارات و كلهم يعانون البطالة المقنعة بشكل كبير!؟

جاء هذا الأمر بعد إتفاق أربيل كحكومة منفصلة مع بغداد كحكومة شبه مركزية على اجراء الاحصاء السكانيّ العام وتخصيص 50 مليارا للمشروع, حيث أعلن وزير التخطيط في حكومة اقليم كوردستان علي السندي يوم الثلاثاء عن اتفاق أربيل وبغداد على اجراء الاحصاء السكاني العام، كاشفا عن تخصيص الحكومة الاتحادية 50 مليار دينار عراقي من الموازنة المالية لعام 2019 لتنفيذ المشروع.

وقال السندي في مؤتمر صحفي عقده اليوم في بغداد، إن “الحكومة العراقية تجري تحضيرات لإجراء الاحصاء السكاني العام، وقد خصصت 50 مليار دينار عراقي في موازنة العام المقبل لتنفيذ المشروع”، مردفا بالقول ان المشروع يستغرق وقتا وهو غير سهل وسيتم البدء العمل عليه في العام المقبل”.

واوضح ان اقليم كوردستان قد اجرى التحضيرات والاستعدادات للمشروع منذ عام 2008، و2009، و2010، و2011، ولكن للأسف العمل توقف في عام 2012 بقرار سياسي من قبل بغداد”.

واشار الوزير الى ان الاقليم لديه تجربة بهذا المضمار وبشهادة دولية، ونحن متقدمون على العراق في هذا المجال ومتقدمون خطوة الى الامام في المشروع اذ اجرينا عملية الحصر والترقيم للمباني ودربنا الالاف من الكوادر على الاحصاء اضافة الى اجراء مسوحات جغرافية مع المسح العنقودي متعددة المؤشرات”.

وعزا السندي عدم اجراء الاحصاء السكاني العام الى وجود قرار سياسي يحول دون ذلك وليس قضايا مالية او تقنية، قائلا بعض الاطراف السياسية في العراق تتخوف من الاحصاء وتتصور انه قد يقلل من حجمها”.

واختتم الوزير حديثه بالقول ان “للإحصاء منافع جمة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، واي وزارة لا يمكنها اجراء تخطيط تام ومضبوط من دون ان يكون لديها احصاء دقيق”.
و السؤآل المطروح؛ هل قضية الفساد باتت ستراتيجية متّفق عليها و لا يمكن حلّه و الخلاص منه لوجود قوانين شرعية فُصّلت على مقاس جيوب الحاكمين الذين جعلوا العراق مدينا بأكثر من ربع ترليون دولار لتمرير مثل هذه الصفقات و تأمين رواتب المستحقين و غير المستحقين كجماعة رفحا و الدمج و عشرات المؤسسات الأعلامية و آلسياسية و المراكز المختلفة التي ليست فقط لم تقدم شيئا؛ بل باتت مصدراً للنهب و للقلق وبؤراً لتدمير العراق و لقمة الحرام!؟
بجانب هذا؛ ماذا يفعل مجلس النواب و رئاسة الجمهورية و دوائرهم الخاصة و العامة و نوابهم و هم يشهدون كل هذا الفساد تحت غطاء القانون و العهود و المواثيق الكاذبة النافقة التي سبّبت و تسبب الفساد المالي!؟
هل هو الجهل و الأمية الفكرية التي طغت على العراق و نخرت الشخصية العراقية خصوصا في أوساط النخب و السياسيين و اساتذة الجامعة الذين مازالوا يبحثون بعناد في بواطن الكتب عن قوانين نبوخذنصر و حمورابي و سرجون لتطبيقها بإعتبارها أكبر حضارة “فاسدة” علّمت الناس على الحرب و العنف و الجهل و القتل و السبي و الظلم و الأمية الفكرية و الأبجدية بكل أبعادها, و بعكس ما يدعون بكون السومريين هم أول من إكتشفوا الكتابة, بينما الكتابة كانت موجودة قبل السومريين بأكثر من 5000 عام!؟