هناك من تناول موضوع الشخصية وأوضّح أن لا توجد شخصيات تسمى بأوطانها , كأن تقول شخصية عربية أو أجنبية , أو مصرية وعراقية ويابانية وصينية , هذه مسميات إنشائية وليست علمية , فأنواع الشخصية معروفة ومدونة في التصانيف العلمية العالمية , فالبشر هو البشر , ويتفاعل مع البيئة التي يكون فيها وفقا لإرادة البقاء والتواصل.
وتأتيك ردود الأفعال وفقا للوهم المقدس المزروع في الأذهان بأن الشخصية العراقية “إزدواجية” , ولا يمكنك أن تقتلع هذا الوهم من عقول الناس , وكم بينت بأن هذا الوصف مدح , لأن الشخصية البشرية أكثر من إزدواجية بكثير جدا.
وصديقي المهتم بالفن أرسل أغنية لأحد المطربين المعروفين , وعندما بينت رأي في الأداء وعدم توافقه مع قوة كلمات القصيدة , ثارت ثائرته , وراح يفند قولي ولا يريد أن يسمع غير كلمات الإعجاب والتهويل , وهو لا يرى بعيون عقله , وإنما بعيون عواطفه المخمورة بالأوهام.
وهذه حقيقة تفاعلنا مع الواقع الذي نكون فيه , ولهذا لا نأتي بما يساهم في بنائه وتطوره وإنطلاق الطاقات الإيجابية فيه.
فالوهم المقدس ينومنا وكأننا نعيش حالات إنقطاع وثمول مروع , لا نستفيق منه إلا بعد أن نصاب بمقتل , وتتآكل الأحوال من حولنا.
وذلك ينطبق على الواقع السياسي عبر مراحله المتعددة خصوصا في عصور الجمهوريات , التي يتحول فيها المسؤول الأول إلى إله , فمنهم من رأيناه في القمر , ومنهم من صار كذا وكذا , وعندما يتهاوى نراه بعيون مجردة من عدسات العواطف المسعورة , ذات الإطارات المقدسة.
وهذا لا علاقة له بالجغرافية , إنه السلوك البشري الموجود في أي مكان وزمان , ولهذا تجد المجتمعات المتقدمة الواعية تصنع بين فترة وأخرى رموزها ونماذجها , التي تمتص بواسطتها هذه النزعة البشرية اللاواعية , فكم رأيتم من الرموز في جميع النشاطات تبرز وتبلغ ذروتها ثم يؤهل من يأتي بعدها وهكذا دواليك.
أما في مجتمعاتنا فأننا لا نعرف التواصل والتفاعل الإيجابي وصناعة الرموز التي تستوعب طاقاتنا اللاواعية , وهذا يترتب عليه تداعيات سلوكية نبدأ بتوصيفها بأساليب إنشائية خالية من الرصيد العلمي والمنهجية البرهانية المقنعة , وإنما تسعى لتغذية العواطف وتزمينها.
فهل لنا أن نرى بعيون العقل؟!!
د-صادق السامرائي

أحدث المقالات

أحدث المقالات