هادئة.. متواضعة.. بسيطة.. ما يميز شخصيتها كطبيبة هي مهارتها المهنية.. حققت خلال ممارستها لهذه المهنة الإنسانية.. الكثير من الخدمات لأبناء وبنات الرافدين سواء في بغداد أو كربلاء والسليمانية والشاكرية وغيرها من مدن العراق وأزقتها.. فالتشخيص الطبي للدكتورة وعلاجها تميز بالدقة.. والمهنية العالية.. ما دفع العديد من العراقيين إلى التوجه لها لثقتهم بمهارتها الطبية.. ورعايتها خاصة للمرضى الفقراء والمعوزين.. (إنها نزيهة ألدليمي).
السيرة والتكوين:
ولدت نزيهة جودت ألدليمي العام 1923 في محلة البارودية.. ببغداد العام 1923.. وهي الابنة البكر لعائلة مكونة من أربعة أخوة وأختين.. نشأت في أسرة ذات دخل محدود.. حيث كان والدها مستخدماً في إسالة ماء بغداد.. وسعى الى تنمية الاهتمامات الثقافية لدى بناته وأولاده عن طريق قراءاته للكتب التاريخية والاجتماعية.. إذ كان يقرأ لهم الصحف اليومية في لقاءاتهم المسائية.. فأصبحوا متعلقين بجريدة “حبزبوز”.. الجريدة الساخرة التي كانت تصدر آنذاك.. ونقدها للأوضاع بأسلوبها الساخر.. فنّمت لديهم القدرة على المناقشة والتساؤل وأزداد حبهم للوطن والشعب.
درست الابتدائية والمتوسطة في مدرسة تطبيقات دار المعلمات النموذجية.. وأكملت دراستها في الثانوية المركزية للبنات.
نشاطها الطبي:
ـ دخلت كلية الطب ببغداد العام 1941-1942.. وتخرجت العام 1947 بامتياز.. عينت أولاً في المستشفى الملكي في بغداد.. ثم نقلت الى مستشفى الكرخ.. وفي تلك الفترة تعرضت الى الملاحقة من قبل التحقيقات الجنائية.. بعدها نقلت الى السليمانية.
ـ ثم نقلت الى كربلاء.. وكانت تجربة جديدة تختلف عن بغداد حيث محيط كربلاء ومجتمعها المقيد والمحافظ جداً تجاه المرأة.. فاضطرت الى ارتداء العباءة والى مراعاة أمور عديدة عندما كانت تذهب الى معاينة مريضة في البيت.
ـ العام 1950 كان هناك مشروع لمكافحة مرض البجل.. وكانت عضو ضمن هذا المشروع.. لغرض التقصي عن مرض البجل وهو مرض من أمراض الصحة العامة الشائعة في التجمعات السكانية الواقعة حول المياه مثلا حول دجلة الى الموصل والفرات الى مدينة عانة.. ثم النزول الى الاهوار وكل مناطقها وهي مناطق واسعة.
نشاطها السياسي والنسوي:
ـ تأثرت نزيهة بما كانت تدرسه من علوم وتحاول ربطها بما تشهده من الأوضاع ومن المعاناة المريرة التي يعيشها الشعب.. خلال دراستها الطبية.. وتأثرت بآراء صديقاتها وأصدقائها من الطلبة ذوي الآراء والأفكار الديمقراطية حيث توسعت مداركها عن طريق النقاش معهم.
ـ أتاحت لها فرصة الاحتكاك المباشر بالناس والتعرف على مشاكلهم وأحوالهم التي لا يمكن تصورها اجتماعياً واقتصادياً.. ومن خلال هذه الدراسة والتقصي تكونت لديها معلومات كثيرة تستند عليها لمتابعة الحالات المرضية.. وبعد انتهاء مهمة التقصي الميداني عادت الى بغداد العام 1951 للعمل في المستوصف التابع للمشروع لمتابعة المرضى المصابين بالبجل.. وكان الكراس الذي أعدته تحت اسم (المرأة العراقية).
ـ تعرفت الدكتورة نزيهة.. لأول مرة على نشاط (الجمعية النسوية لمكافحة الفاشية والنازية).. عن طريق إحدى صديقاتها فبدأت بالحضور لكل النشاطات التي تعقدها الجمعية كالندوات والمحاضرات التي تعمل من خلالها على تبيان خطر الحرب والأفكار الفاشية.. شاركت في احد اجتماعات الجمعية التي حضرتها (400 امرأة) وهي جمعية علنية.. ففي هذا الاجتماع تم تبديل اسم الجمعية الى رابطة نساء العراق وذلك بعد انتهاء الحرب.. وكان للجمعية مجلة بأسم (تحرير المرأة).. كانت النزيهة عضواً في الهيئة الإدارية للجمعية.. وهي لازالت طالبة في الطبية.. أغلقت الجمعية ومجلتها في بداية حملة نوري السعيد (رئيس وزراء العراق في العهد الملكي) الإرهابية ضد الحريات الديمقراطية.
ـ إعادة نزيهة نشاط (رابطة النساء العراقيات).. وشرعت بتجميع النساء حيث بلغ عددهن (30 امرأة) منهن خريجات الكليات.. ومنهن من عوائل سياسية.. وباشرت بمناقشة ورسم أهداف الرابطة وبرنامجها واستغرق هذا الإعداد من الاتصالات والزيارات والاجتماعات سنة كاملة حيث تقدمن بعدها بطلب الإجازة الرسمية تحت اسم “جمعية تحرير المرأة”.. وخلال فترة انتظار الموافقة حصلت الجمعية على تأييد واسع من قبل النساء في عموم العراق.. إلا أن الطلب رفض “بناءً على مقتضيات المصلحة العامة” الكليشة المعروفة للرفض.
ورداً على الرفض جمعت نزيهة النساء وناقشن الرفض وقررنً بالإجماع مواصلة العمل لتحقيق الأهداف والبرنامج المتفق عليه بشكل سري وتغير الاسم الى “رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية”.. وتم نشر الأهداف والبرنامج والنظام الداخلي لها ومن أهدافها:
1- النضال من اجل التحرر الوطني والسلام العالمي.
2- الدفاع عن حقوق المرأة العراقية.
3- حماية الطفولة العراقية.
ـ في العاشر من آذار 1952 أعلن عن تأسيس رابطة الدفاع عن حقوق المرأة.. التي بدلت اسمها في المؤتمر الثاني في آذار 1960 الى “رابطة المرأة العراقية”.
شاركت نزيهة في المؤتمر النسائي العالمي في كوبنهاكن العام 1953 لأول مرة.. وفي هذا المؤتمر أصبحت الرابطة عضو في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في برلين.. وأصبحت الرابطة عضو دائم في سكرتاريتها.. وانتخبت الدكتورة نزيهة عضواً في مجلس الاتحاد.. ثم في مكتبه.. وفيما بعد نائبة رئيسة الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي.. ولعبت دوراً مميزاً في نظام الاتحاد وبرنامجه وعمله فيما يخص موقف الاتحاد من الحركة النسائية سواء العربية أو من بلدان العالم الثالث.. وبقت الدكتورة تنتخب لهذه المناصب في الاتحاد حتى عام 1979 حيث تأزمت المواقف بين السلطة والرابطة.
بناءاً على قرارات هذا المؤتمر أعدت نزيهة كراساً بأسم “المرأة تحل مشاكلها” تحت اسم مستعار.. تضمن الكراس أمثلة وتجارب وأساليب عمل لحركات نسويه أخرى تحث المرأة على أن تأخذ قضيتها بيدها دون الانتظار من الآخرين أن يقوموا بحلها.. وبقيت الرابطة تحضر مؤتمرات الاتحاد منذ 1953 والى اجتماع المكتب الإقليمي العربي للاتحاد العام 2003.
ـ حضرت وساهمت بنشاط في اجتماع نسائي عراقي (الرابطة والجمعيات النسائية العراقية) خارج الوطن في هولندا للعمل والتنسيق بينهما لما فيه خدمة النساء والحركة النسائية وعملت مع عضوات السكرتارية وغيرهن من عضوات الرابطة على استمرار الحركة النسوية والرابطة.. رغم بطش الدكتاتورية التي كانت تقمع كل حركة غير حركة منظمات السلطة وحزب البعث ورغم تعرض كثير من عضوات الرابطة الى الاعتقال والتعذيب والإعدام والتصفية الجسدية.
– دور الدكتورة نزيهة في حركة السلم:
ـ ساهمت نزيهة مساهمة فعالة وجدية ضمن الجهود العامة للتحضير لعقد المؤتمر الأول لأنصار السلام وضمن اللجنة التحضيرية للمؤتمر.. كان في حركة أنصار السلام شخصيات اجتماعية مختلفة الاتجاهات منهم: الدكتور صفاء الحافظ والدكتور طلعت الشيباني الدكتور محمد ألجلبي.. عبد الكريم الماشطة.. والشيخ محمد الشبيبي وجلال الأوقاتي.. ونائل سمحيري.. وخدوري خدوري.. توفيق منير وغيرهم من الشخصيات الكردية الشاعر عبد الله كوران وإسماعيل شاويس.
ـ اتسعت حركة أنصار السلام.. وأصبحت حركة جماهيرية واسعة.. وفي السنوات اللاحقة أصبحت الدكتورة نزيهة عضواً في مجلس السلم العالمي.. وحضرت المؤتمرات المنعقدة لهذا الغرض كافة.. خاصة مؤتمر موسكو للسلام وندوة عدن للسلم.
ـ كما كانت الدكتورة عضواً في السكرتارية العليا لتحرير مجلة (قضايا السلم والاشتراكية).. التي كانت تصدر في براغ / جيكوسلوفاكيا سابقاً.
موقفها من ثورة تموز 1958:
فيْ ساعات الفجر الأولى ليوم الرابع عشر من تموز 1958.. أذيع بيان الثورة الأول من إذاعة بغداد.. وعلى إثر سماعها.. نزلت الدكتورة نزيهة ألدليمي من بيتهم.. متوجهة إلى الشارع العام هدفها تنفيذ تعليمات حزبها.. التي تضمنها التوجيه الداخلي الصادر يوم الثاني عشر من تموز 1958.. إذ تقول عن ذلك: “خرجتُ أنا من بيتنا في شارع المغرب.. وتوجهتُ إلى الشارع العام.. وبعد عدة خطوات كنت وسط المظاهرات القادمة من الأعظمية.. ومن الكاظمية عبر الأعظمية.. وقبل أن نصل إلى البلاط الملكي.
شاهدتُ سلام عادل “سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي”.. وهو يرتدي سترة وبنطلوناً.. وبالنسبة ليً رأيته أول مرة بتلك الهيئة.. وليس بالملابس العربية التي كان يتنكر بها.. واقتربً مني قائلا:
“أنني الآن قادم من البريد حيث أرسلتُ برقية باسم اللجنة المركزية تهنئة بانتصار الثورة.. وبعد ذلك قال: “عليكم أن تنشطوا من أجل نشر شعارات الحزب في هذه المظاهرة.. وأن لا تكونوا سلبيين”.. لان مختلف القوى السياسية في الشارع.. وأشار إلى مجموعة قليلة من المتظاهرين تحمل صور عبد الناصر.. فأكد ما جاء في التوجيهات الحزبية.. ضرورة تجنب إبراز شعارات مبهمة أو متطرفة أو تلك التي تمجد هذا الزعيم أو ذاك من قادة الحركة الوطنية أو العربية.. على حساب طمس شعاراتنا الأساسية.
ـ نشطت ألدليمي بالدعوة إلى الانخراط في لجان المقاومة الشعبية.. وطالبت بإشراك المرأة فيها.. وذلك من خلال زيارة وفد رابطة الدفاع عن حقوق المرأة برئاستها إلى الزعيم الركن عبد الكريم قاسم في الثاني عشر من تشرين الأول العام 1958.. إذ طالبنً من الأخير ضرورة إشراكهن جدياً في فصائل المقاومة الشعبية بالتدريب الفعلي والعملي الواسع النطاق.
أول وزيرة:
في الرابع عشر من تموز 1959 صدر التعديل الوزاري الذي ضم تشكيل وزارة باسم وزارة البلديات.. وتعين نزيه ألدليمي وزيرة لها.
ـ الدكتورة نزيهة ألدليمي.. المقربة من عبد الكريم قاسم.. الشيوعية.. لكنها غير مرتبطة بالتزامات تجاه الحزب الشيوعي كوزيرة.. حسب ما أكدته البرقية التي بعث بها السفير البريطاني في بغداد همفري ترفليان إلى حكومته في التاسع عشر من تموز 1959.. إذ يقول: “أطلعت على تقارير سرية تشير إلى أنه في أيار من هذه السنة.. عدها قاسم (“ويقصد نزيهة ألدليمي”.. شيوعية.. لكنها غير مرتبطة بالتزامات تجاه الحزب الشيوعي في الوقت الحاضر.. لذلك فقد يكون صحيحاً أيضا أنها أبعدت نفسها عن الحزب بشكل وقتي أو دائمي.. وأنني أنقل إليكم هذه المعلومات لأنني أعتقد بأنها صحيحة على الأكثر.. وقد تكون هذه المعلومات متطابقة مع خطة قاسم الواضحة بأن يضع في حكومته عدة أشخاص من ذوي الميول الشيوعية.
قانون الأحوال الشخصية:
كان لها دورها في الدفع بتشريع قانون الأحوال الشخصية ذي الرقم 188 لسنة 1959.. الذي ضمن حقوق المرأة العراقية.. وكان قانوناً متقدماً في حينه وما يزال حتى أن بعض الباحثين يؤكدون بأن ذلك القانون يعد من أرقى قوانين الأحوال الشخصية في الشرق الأوسط وأكثرها تقدمية.
نشاطاتها البلدية:
ـ كانت الوزيرة نزيهة ألدليمي تجوب كافة مناطق العراق.. وتعقد الاجتماعات مع كل رؤساء البلديات.. ففي العشرين من آب العام 1959.. عقد مؤتمر مهندسي مشاريع الماء والكهرباء في الجمهورية العراقية.. وكان الهدف منه وضع دراسة فنية لمشاريع الماء والكهرباء في كل لواء وقضاء وناحية.. سـواء من ناحية تأسيس مشاريع جديدة أو من ناحية توسيع المشاريع التي كانت قائمة.. إذ أن تلك المشاريع كانت تنفذ بشكل ارتجالي وعلى أساس تقدير غير دقيق.. وتنفذ بكثير من التبذير.
ـ كان هَمْ الدكتورة نزيهة ألدليمي ينصب في أن يكون رؤساء البلديات وأعضاء هيئاتها منتخبين من قبل الشعب.. وليسوا معينين من قبل الحكومة.. وسعت إلى تحقيق ذلك من خلال دعوتها لعقد مؤتمر في الخامس من أيلول العام 1959.. لرؤساء ومهندسي البلديات.. لدراسة ميزانيتها وإدارتها ومشاريعها.. كما جاءت بهيئة قانونية من أجل وضع قانون ينظم عملية انتخاب أعضاء المجالس البلدية باعتبارها مستقلة عن الحكومة.. وقدمت ذلك القانون إلى الزعيم عبد الكريم قاسم لكنه رفضه ولم يسمح به.
ـ أما فيما يتعلق بتوجهها لترسيخ أسس الديمقراطية في الجمهورية العراقية هو إصدارها لقرار عممً على كافة المديريات التابعة للوزارة.. وعلى رؤساء البلديات.. منعت بموجبه منعاً باتاً فصل عمال البلديات لمجرد أنهم أعضاء في النقابات الخاصة بهم.. كما نص القرار على إعادة جميع العمال الذين فصلوا قبل ذلك للأسباب آنفة الذكر.
ـ قدمت نزيهة ألدليمي خدمات كثيرة إثناء مدة تسلمها لوزارة البلديات على الرغم من قُصر تلك المدة.. إذ أنها لم تدم سوى عشرة أشهر.. حاولت خلالها تقديم الخدمات البلدية إلى كافة المناطق.. من خلال النزول إلى ميادين العمل والإشراف المباشر على تنفيذ المشاريع.
كما كان لها دور في إنشاء مدينة الثورة شرق بغداد.. حالياً “مدينة الصدر”.. ووزعت قطع الأراضي في منطقة الشعلة.
ـ سعت الوزيرة إلى تطوير خدمات البُنى التحتية.. لاسيما ما يتعلق منها بصحة الناس.. إذ أنها قدمت طلباً إلى مجلس الوزراء في الخامس من آب 1959.. اقترحت فيه تعيين الدكتور محمد ألجلبي.. رئيس الصحة القائم بأعمال مدير الصحة العام عضواً في هيئة إدارة مصلحة ماء بغداد.. ووافق المجلس على ذلك الطلب.
ـ تم تعيين عبد المهدي القيم مديراً عاماً لمصلحة المجاري في العاصمة بغداد.. كونه من المهندسين الأكفاء.. ويحمل شهادة الماجستير في الهندسـة الصحية وهندسة الإنشاءات من جامعة مشيكان الأمريكية.
ـ بعد خلاف عبد الكريم قاسم مع الشيوعيين.. أصبحت نزيهة وزيرة بلا حقيبة وزارية.. ففي الثالث عشر من أيار 1960.. صدر المرسوم الجمهوري بتعيين الدكتورة نزيهة ألدليمي بمنصب وزيرة دولة بدلاً من وزيرة البلديات.. وتعيين السيد عباس ألبلداوي بدلاً عنها.
مغادرتها العراق:
نتيجة لتلك الممارسات وشعوراً من قيادة الحزب الشيوعي العراقي بالخطر على حياة الدكتورة نزيهة ألدليمي.. صدر أمر من قيادته في آب العام 1961.. بإرسال وفد من كوادر الحزب للدراسة في المدرسة الحزبية في الاتحاد السوفيتي.. وكانت هي من ضمن أعضاء الوفد.. وبقيت هناك حتى قيام انقلاب الثامن من شباط 1963.
ـ ثم انتقلت من موسكو إلى براغ.. وساهمت في تشكيل حركة الدفاع عن الشعب العراق مع الشاعر محمد مهدي ألجواهري.. والدكتور فيصل السامر.. وشاكر خصباك.
ـ في 4 نيسان 1964 أصدرت محكمة الثورة حكما بإعدامها.. ثم خفف الحكم إلى المؤبد مع الأشغال الشاقة.
العودة للعراق:
ـ تم تبرئتها من الحكم المؤبد الصادر بحقها.
ـ العام 1968 سمح لها بالعودة إلى العراق.. كبقية العراقيين السياسيين المنفيين والهاربين في خارج العراق.
ـ وعملت ضمن كوادر الحزب الشيوعي بشكل سري.. وفجعت بموت شقيقها.. ومن ثم مرض والدتها وموتها.
ـ العام 1979 غادرت العراق ثانية.. وعاشت في ألمانيا.. بمدينة بوتسدام.
أيامها الأخيرة:
كان آخر نشاطات الدكتورة نزيهة هو قيادتها لسيمنار عقد في الثامن عشر والتاسع عشر من كانون الأول العام 1999.. في مدينة كولن الألمانية.. تحت عنوان “نحو عام 2000.. المرأة العراقية.. الواقع والتحديات”.. أشارت فيه الى إننا على مشارف الألفية الثالثة تواجهنا عراقيل ومصاعب تتنافى وروح العصر.. وتمنعنا حتى من عقد سينمار أكثر سعةً من الناحية العددية.. وأكثر تنوعاً في التركيب”.
ـ واصلت الدكتورة نزيه جهودها للإعداد وتنظيم عقد المؤتمر الخامس لرابطة المرأة العراقية.. الذي كان مزمعاً عقده في العام 2002.. لكنها أصيبت بجلطة دماغية في آذار من العام نفسه جعلها طريحة الفراش.
راتب تقاعدي:
في نيسان العام 2004 اتخذ مجلس الحكم المؤقت في العراق قراراً بمنح الدكتورة نزيه ألدليمي راتبا تقاعدياً شهرياً قدره “750 دولار” اعتباراً من نيسان 2004.. تثميناً لجهودها في خدمة الوطن ونضالها الطويل.
وفاتها
ظلت في المنفى.. وأصيبت بمرض عضال.. وتوفيت في التاسع من تشرين الأول العام 2007 في ألمانيا.. عن عمر يناهز ال84.. ونقل جثمانها إلى بغداد.. ودفنت في مقبرة الشيخ معروف ألكرخي.. بناء على وصيتها بأن تدفن في العراق.. وفي نيسان العام 2009 اقر مجلس الوزراء توصية أمانة العاصمة بإقامة تمثال لها في بغداد.
نزاهتها:
ـ لا تملك داراً.. ولا أرضاً.. ولا أي شكل من أشكال العقار.. لا في العراق.. ولا خارج العراق.
ـ ليس لها حساب مصرفي.. أو أي شكل من الحسابات والأمانات.. لا في العراق .. ولا خارج العراق.
ـ كانت تعيش على راتبها.. فعيادتها الخاصة كانت شبه مجانية للعناية بالفقراء والمعوزين.
ـ في لقاء معها نشرته جريدة الشرق الأوسط في السادس والعشرين من تشرين الأول العام 2007 تقول: “اتصل بيً مرافق الزعيم في ذلك الصيف القائظ من العام 1959.. طالباً مني الحضور إلى وزارة الدفاع.. لم أكن أملك أجور التاكسي.. لذلك ركبتُ الباص رقم (4) الذاهب إلى الباب المعظم.. حيث تقع وزارة الدفاع.. ثم نزلتُ وسرتُ مسافة طويلة تحت الشمس الحارقة.. من البوابة الخارجية حتى بلغت مكتب قاسم.. وأنا أتساءل عن سبب استدعائي.. وبعد لقائي به قال انه بصدد استحداث وزارة جديدة للبلديات.. وطلب مني اقتراح هيكل لها.. وان أكون وزيرتها.. نظرتُ له بدهشة.. وقلتُ أنا مواطنة بسيطة.. وطبيبة لا تفهم شيئاً بالوزارات.. لكنه ضحك وشجعني.. قائلاً: انه يثق بيً وبقدرات النساء على المشاركة في بناء البلد”.
ـ لا تملك سيارة خاصة.. وتتنقل في إشغالها في الباص.. وليس في التاكسي.
ـ لم تستغل منصبها للإثراء.. أو لأية مصلحة خاصة لها أو لأسرتها.
ـ كما إنها لم تعين أحد من أهلها أو أقاربها أو معارفها.