18 ديسمبر، 2024 6:14 م

أول الغيث قطرة وآخر الحكومة سطرة

أول الغيث قطرة وآخر الحكومة سطرة

من أشد الأزمات فتكاً ودماراً للشعب العراقي هي أزمة السكن الخانقة، وكلما تلمسنا بادرة أملٍ لحل هذه الأزمة الخطرة، تأتينا سطرةٌ قذرة…
شددتُ رحالي وصديقي أسعد، نطوف في بغداد وضواحيها بحثاً عن المجمعات السكنية وفيها، لعلنا نجدُ فيها مأوى، يضمن لأولادنا مستقبلاً أفضل من الحياة التي عشناها، وعسى أن نجد بعض الراحة في سكنٍ يوفر الخدمات التي بات ذكر توفرها مدعاةً للسخرية لدى بلدان الجوار، التي تخطتنا بخطوات واسعة في مجال العلم والمعرفة، أما نحنُ فلازلنا نبحث عن مكانٍ يضمن لنا توفر الخدمات!
وصلنا إلى مدينة الكاظمية، ففيها ثلاث مجمعات قيد الإنشاء، بدأنا بمجمع ” جواهر دجلة “، وصراحة القول كان استقبالهم لنا رائع جداً في مكتب المبيعات، وحين تقديم مخططات الشقق وخدماتنا لها رأينا ما يسرنا، حيثُ كانت مساحة الشقق تبدأ من 137م2 وأكبر، وقد بُنيت بخرائط جميلة جداً، مع توفر كافة الخدمات الداخلية والخارجية، فكانت بحق تحفة معمارية من طرازٍ خاص؛ لكن بعد إطلاعنا على الأسعار علمنا أن السكن في هذه المجمعات(في أصغر شقةٍ منها) يُعتبر حلمٌ لنا، حلمٌ لن يتحقق أبداً، فعلى المشتري أن يدفع 70% من مبلغ الشقة الكلي كمقدمة، ثُم يقسط المبلغ الباقي على دفعات شهرية تستقطع من الراتب الشهري مدتها 20 سنة.
قطعنا رحلتنا مع بدايتها ونحنُ نجرُ أذيال الخيبة والخذلان، وبما أننا في مدينة الكاظمية المقدسة فقد توجهنا لزيارة الإمام موسى بن جعفر(ع) للصلاة والدعاء، عسى الله أن يُفرّج عنا وعن جميع مَن يعيش على شاكلتنا، إنهُ سميع الدعاء، ووحدهُ القادر على الإجابة.
أسئلةٌ تُحيرني لا بُدَّ من طرحها، سواءً وجدتُ الإجابة عنها أو لا، فالمهم أن إخرجها من جوفي فلقد باتت تؤرقني وترهقني:
لماذا غلاء الأسعار هذا؟! فأننا نجد المجمعات السكنية في أربيل والسليمانية(المجمعات التي تحوي منازل مستقلة وبمساحة 200م2 وأكثر وليست شقق) والتي صُممت بأحدث الخرائط وزودت بكافة المرافق والخدمات، لا يتجاوز سعر البيت فيها 90000$(تسعون ألف دولار) أي تقريباً ثلث(1/3) سعر شقة بغداد! لماذا؟!
لماذا لا تُستغل الأراضي الشاسعة في بغداد لإنشاء مجمعات سكنية(منازل وبيوت) على غرار ما موجود في اربيل والسليمانية والتعاقد مع نفس الشركات لضمان نفس الأسعار؟!
لماذا لا يكون البيع بلا مقدمة، بمعنى البيع بطريقة الأقساط فقط، ويراعى في ذلك مقدار راتب الموظف؟!
هل حقاً أن الحكومة تريد حل أزمة السكن أم العكس؟! وأن هذه المجمعات ستكون سبباً بإرتفاع أسعار العقارات في بغداد!
مَن المسؤول عن عمل هيئة الإستثمار؟ ما هو دورها في حل هذه الأزمة؟ ما هي خططها؟ كيف تُدار هذه الهيئة؟
بقي شئ…
بدأتُ أشكُ بأن الحلول التي نطرحا إنما تستغلها الحكومة لصنع الأزمات، ولا أدري هل نصمت أم ماذا نفعل؟!