18 ديسمبر، 2024 9:43 م

أولى بوادر انهيار الأمم فساد التعليم

أولى بوادر انهيار الأمم فساد التعليم

لم تكن عملية تسريب أسئلة الثالث المتوسط الحالة الأولىالتي تحصل في البلاد ( لا قبل 2003 ولا بعده ) ولا نعتقدبأنها ستكون الأخيرة ما دام  حصولها يمكن أن يقع في ظلعدد كبير من الاحتمالات  ، ولكن في هذه المرة تمت بطريقة استفزازية بتسريب نماذجها الثلاثة وحلولها الكاملة ، كما إن الحالة تختلف لان موضوع تسريب أسئلة مادةالرياضيات في الامتحانات النهائية للثالث المتوسط حظيباهتمام أجهزة الدولة المختلفة ، فقد تم الإعلان عن تشكيللجان تحقيقية متعددة لذات الموضوع ، واحدة بأمر منرئيس مجلس الوزراء وثانية من هيئة النزاهة وثالثة منلجنة التربية والتعليم في مجلس النواب ورابعة من قبلجهاز الأمن  الوطني وخامسة لوزارة التربية ، وبحسب آخرالأخبار عن نتائج عمل بعض هذه اللجان فقد تم الكشف ، إنتسريب أسئلة الامتحان تم في تربية الرصافة الثانية ببغداد، ووفقا لمصدر رسمي  إن النتائج الأولية لأعمال الفريقالمؤلف من هيئة النزاهة الاتحادية للتحري والتقصي عنتسريب الأسئلة الوزارية  ، توصل إلى إنها تسربت فيمديرية تربية الرصافة الثانية وبين إن الفريق قام بتتبعالإجراءات الروتينية في توزيع الأسئلة من قبل اللجنةالدائمة للامتحانات العامة في الوزارة ، مؤكداً أن التحقيقاتالجارية أسفرت عن التوصل إلى صحة المعلومات الخاصةبتسريب أسئلة مادة الرياضيات لهذا اليوم ( الخميس ) ،ومن جانب آخر تم التأكيد بأن لجنة التحقيق  في التربيةتوصلت  إلى إن تسريب الأسئلة تم من خلال التعرف علىالكود الخاص بها  ، فكل  جهة تستلم الأسئلة لها كوداًخاصاً بها ، والتحقيقات قادت إلى أن الكود الذي تسربتالأسئلة عبره هو الكود الخاص بمديرية تربية الرصافةالثانية  ، وتابع إن الفريق توصل أيضاً إلى أن أول موقعإلكتروني قام بتسريب الأسئلة يعود لصفحة احد أعضاءاللجنة ، لافتاً إلى أن المعلومات تشير إلى أن الجهة التي تممن خلالها تسريب الأسئلة هي اللجنة المختصة بحفظوتوزيع الأسئلة في دائرة التربية .

ورغم إن معالي وزير التربية لم يعلق على تسريب الأسئلةأثناء وجوده بمؤتمر في الاقليم ، فقد اصدر وكيل الوزارةأعماما لمديريات التربية أشار فيه إلى تأجيل ما تبقى منالامتحانات الوزارية للثالث المتوسط في المحافظات كافة ( عدا إقليم كردستان ) وحتى إشعار آخر ، وأكدت وزارةالتربية إلى عدم وجود توجه لإعادة الامتحانات لمادتي اللغةالعربية والانكليزية التي أجريت قبل امتحان الرياضيات ( رغم الشكوك التي أثيرت قبل يومين بشان تسريب أسئلةامتحان مادة اللغة الانكليزية ) ، وذكرت الوزارة أنّ تأجيلالامتحانات جاء حرصاً على عدم ضياع جهود الطلبة ،  كماأكدت أن تحقيقاتها العاجلة بدأت منذ ساعات الفجر الأولىداخل وزارة التربية وتمت بمشاركة جهات أمنية عليا ولا تزالمستمرة لاستكمال التحقيق في هذا العمل الخطير، وقدوصفت تسريب الأسئلة بأنه يمس أمن الدولة والمجتمعبشكل كامل ، كما طمأنت بالوصول إلى خيوط تخص بعضالمتورطين الذين تعمدوا تسريب أسئلة الرياضيات للثالثمتوسط لغايات ( رخيصة ودنيئة ) ، وان الوزارة ستقومبعرض الفاعل أمام القضاء لينال جزاءه العادل وإنزال أشدالعقوبات التي يستحقها جراء فعله الآثم  ، كما أعلنت أنهالم تحدد لغاية الآن موعد استئناف امتحانات الثالث متوسط، فيما أشارت إلى إن تأجيل الامتحانات كان اضطرارا بهدفعدم إرباك الطالب .

ومع الاحترام الشديد للجهود التي بذلت وتبذل في هذاالمجال والتي ربما ستكشف عن مزيدا من الإسرار ، ومنهامثلا قيام الأمن الوطني بإلقاء القبض على اثنين في مكاتبالانترنيت أسهموا في تسريب الأسئلة ، فان ما سيتمالتوصل عليه يكشف حقيقة مهمة وهي عدم متانة الإجراءاتالاحترازية التي تستخدم في تمرير وتوزيع أسئلةالامتحانات النهائية ( البكالوريا ) للمراحل الدراسية كافة ،وهناك عوائل تسال إذا أسهمت بعض العوامل ( او الصدف ) في اكتشاف التزوير اليوم فكم من الحالات التي مرت فيالسنين الماضية وكم من الطلبة غير المستحقين حصلوا علىمعدلات ومقاعد أهلتهم للوصول إلى كليات تقبل أعلىالدرجات والمعدات ، اخذين بنظر الاعتبار إن أنظمتنا فيالقبول بمختلف القنوات تعتمد المركزية وتعول على المعدلاتدون غيرها من العوامل كالاختبارات التنافسية المعمول بهافي اغلب دول العالم ومنها دول الجوار ، وإذا آل التحقيقلاكتشاف إهمال وتعمد في تسريب الأسئلة موضوعة البحثفهل ستكون هذه هي النهاية لمعالجة الفساد والإهمال فيتداول وتسريب الأسئلة بغض النظر عن هوية ومواقعوتأثير وقوة الجناة ، فهناك من يعتقد إن تسريب الأسئلةليست مسالة عابرة وتتعلق بالنجاح والمعدلات فربما تكونورائها غايات للمس بسمعة وشفافية الامتحانات في البلاداو لأهداف أخرى ربما تتجاوز المنظور لتكون احتمالاتهابأجندات خارجية او لأغراض تسقيطية او سياسية في ظلالظروف الحرجة التي تمر بها البلاد لإكمال متطلبات انتخابات تشرين الأول 2021 ، مما يعني إن التحقيقاتالجارية يجري أن لا تتوقف عند حد الكشف عن الجناةوإنما الكشف عن نواياهم الحقيقية ، وفي هذا السياق فمنالضروري التوصل إلى آليات وسياقات بجودة عاليةللحؤول دون تكرار هكذا حالات مستقبلا ، لمنع الفساد فيالتعليم باعتباره واحدا من المؤشرات المهمة في انهيار الأمم ،بمعنى إن القضية اكبر بكثير مما يعتقده البعض في إفادةأبناء فلان او فلانة للحصول على النجاح والدرجات اوالانتفاع من بيع الأسئلة بالأموال .