تشير بعض التوقعات السياسية ان الصيف القادم صيف داعش وليس صيف البصرة بالنظر للتداعيات السريعة والتحولات الدراماتيكية التي طرات على ميدان الصراع مع داعش خلال الفترة القريبة الماضية.
من المفترض مراكمة الجهود العسكرية والأمنية بعد احراز الانتصار النوعي الكبير الذي تحقق ضد داعش بتحرير الموصل وبقية الأراضي العراقية التي كانت محتلة لكن ذلك لم يحدث لأسباب تتعلق بوضع القوات المسلحة واستعدادات مهمة وسريعة أجراها داعش بعد هزيمة عام 2017.
كان من المفترض أيضا ان تكون هنالك حلول حقيقية على المستوى الامني تتعلق بالخلايا النائمة لداعش مع الانفراج النسبي في موضوعات الكهرباء والخدمات لكن داعش بدات جيوبها تتوزع على خط عريض لجبهة القتال ما يعني ان هذا الوجود التكفيري بات ورقة مهمة في الصراع الاقليمي فوق الأراضي العراقية.
في مواجهة الملف التكفيري وتأثيراته القادمة ومخاطره المتزايدة على طاولة الحوار الوطني مجموعة مهمة من الأولويات الوطنية التي تقف بقوة في خط الصراع مع هذه المنظمة الإرهابية السرية تستدعي نقاشا في العناوين المحورية واستدراكا مهما للاولويات الوطنية وتاجيلا للخلافات السياسية.
ان الاختلاف في الرؤى وتقاطع المصالح الحزبية والفئوية لاينبغي ان يحول دون وضع استراتيجية ميدانية تضع الحدود والسيادة والتراب الوطني والمصالح العليا في البلاد فوق بقية الاعتبارات وان تكون تلك الأولويات خطا احمر ليس فوق خط لان المسالة مرتبطة بقوة في الجوهر من المصالح والاولويات الوطنية.
على الفريق السياسي الوطني الذي سيلتئم حول طاولة الحوار الوطني ان يتصارح في القضايا العاجلة والاستثنائية والفورية والمحورية وان يطرح تلك الأولويات وجها لوجه وحرص شديد ليظهر امام شعبه وامته بحزمة من المخرجات السياسية والأمنية التي تؤشر على جدية الأطراف الوطنية وحزمها وحسمها وقدرتها على تجاوز التحديات المحيطة بالوطن والأمة والمصالح والنظام الوطني.
ان تغليب المصالح الوطنية على المصالح الضيقة يضع البلاد على سكة العافية التي تقودها نحو انتاج تنمية شاملة ومعالجة الأدواء والمشكلات التي وقفت حائلا طيلة 15 عاما دون تقدم نوعي ملحوظ في خطوط انتاج مشروع تنموي ونهضوي يمس شرايين الحيوية في مستويات البلاد المختلفة السياسية والاقتصادية والخدمية والاجتماعية.
ان الجزئيات التفصيلية ستذوب وتتلاشى عندما تنصهر الأفكار المقابلة وتقترب وتتشابك الرؤى الوطنية.
ما تحقق بعد داعش مهم على مستوى الدبلوماسية العربية والدولية وهو ما يصب عميقا في مجرى مشروع التنمية مرورا بما تم التفاهم عليه مع شركات أجنبية رصينة في مجال انتاج الطاقة الكهربائية كما حدث مع شركة سيمنس الألمانية وأخيرا وليس اخرا حجم الثقة بالعراق من قبل دول العالم ، حيث اصبحت بغداد ساحة خصبة للدبلوماسية العربية الدولية.
ان سبب هذا التقدم التحول النوعي في مستوى الاستقرار الوطني والتراجع الكبير في الخطاب الطائفي ومخرجاته وثقافته السياسية على الأرض والاهم مستوى التراجع في التهديد المباشر للإرهاب حيث كان يتهدد الدولة والمجتمع سنوات طويلة.
لكن الحقيقة الموضوعية التي لا مهرب منها هي ان العراق شاء أم أبى لن يكون بعيدا عن أجواء الصراع المحتدم بين ايران والولايات المتحدة الأمريكية وامتداداتها الخليجية والإسرائيلية.
في المحصلة النهائية فان العراق سيتضرر بقوة ان لم يتفق الفرقاء السياسيون على قرار وحدودي وطني وسديد إزاء ألازمة يصب في المصالح الوطنية ولايغادرها والاهم ان يكون هذا القرار مؤثرا في صميم ألازمة الراهنة.
من المؤكد ان طاولة الحوار الوطني لن تكون لقاء ترفيا بل يجب ان تؤسس لخلية أزمة تنعقد بشكل دائم لمواجهة تأثيرات ألازمة وتكون ساندة للحكومة وداعما لتوجهاتها وإضفاء الشرعية على الخطوات الفاعلة في حكومة الرئيس عبد المهدي .
*مستشار رئيس الجمهورية