لكني أعرف إنهم جميعا يأكلون من ذات الطعام، بعضهم يملك الجرأة، ومايكفي من الوقاحة ليتحدث عن الحلال والحرام. بينما يطبخ في قدره حلالا وحرام، وبعضهم يشتم ويهضم، ويجيد لعبة الأوهام. فالشعب كما يسميه الجواهري (مجموعات من الطغام) يهددون بالإبتزاز، ويظهرون الإعتزاز، لكنهم جديرون كلهم بالسجن، وزنازين الظلام.
جميعهم لصوص، ويحرفون النصوص، مرتباتهم عالية، ونفوسهم غالية وقلوبهم قاسية، وسفنهم على الجانبين راسية. لديهم مايملكون من وثائق، وصريحهم منافق. يحصلون على مايشتهون، وهم بالنهب ملتهون، وجوههم كالحة، وعيونهم مالحة، وفرصهم سانحة، يلعبون بالملايين، ويتحدثون عن فساد الملاعين، وهم اصل الفساد اللعين، لكننا شعب تاه، وبالثرثرة لاه، يفتح بالأكاذيب فاه، ويحرك بالإفتراء الشفاه، يلطم ويشتم، يعدل ويظلم، وقد إختلطت عليه الأمور، فلاهو بالعارف، ولاهو بالجاهل، وكل حزب بمالديهم فرحون.
حين يختلف اللصوص يشتمون بعضهم البعض، ويحلفون للشعب إنهم معه، وله، وضد كل مفسد لايخاف يوم الحساب، وسيكونون مع الشعب على كل فاسد ومنتفع وظالم، لكن حقيقتهم واحدة. فهذا غاضب لأن الآخر سرق أكثر منه، وذاك حانق لأنه يرى سواه تمكنوا من المال الحرام وهو يلف على مؤسسات الدولة مبتزا المسؤولين معتزا بمالديه من أوراق وأختام ووثيقات باهتات، منددا متوعدا، وهم يخافونه فيعطونه، وقد يتمردون عليه فلايحصل على مايريد، ويستاء من الوعد، ويخوفهم بالوعيد.
تمضي ايام العراقيين كأنها ليست أيام، ملتحفين من برد الحاجة بالأوهام، أملين في صيفهم بنسائم الأحلام، فقد إبتلاهم الله عبر التاريخ بأولاد الحرام…. ياحرام.