بشروع بعض القوى بممارسة التظاهر والإعتصام، فإنها سلكت مسلكين متضادين ظاهرا، متحدين بالنتيجة والمآل! الأول أنها أستفادت من النصوص الدستورية، التي تعد التظاهر حقا مشروعا، على ان يمارس وفقا لأليات قانونية، وأن لا يضر بالصالح العام، أو يعطل الحياة الأجتماعية والأقتصادية،الثاني أن هذه القوى وضعت نفسها، في موضع مناقضة الدولة والمجتمع، وفق آليات ليست قانونية، خارجة عن النظام العام، بتحدي شرعية الدولة.إن من المعروف؛ أن التهاون في مواجهة نقائض الدولة، يقود الدولة إلى الفشل وربما التفكك، وفي المجتمعات المتعددة كمجتمعنا، لا يمكن لقوة ما؛ أن تفرض إرادتها على الدولة والمجتمع، إذ أن مقاومة الدولة تدخل المجتمع في صراعات، ستلقي بظلالها على أسس العيش المشترك، التي تتجسد خلاصتها؛ في الدستور والدولة المعبرة عن المواطنين، وربما تولد صراعات السياسية مستقبلية، تأسيسا على صراعات الماضي؛ لا حاجة الواقع.إن المطالب التصعيدية، بإلغاء البرلمان وتعطيل الدستور، وإيقاف العملية السياسية، لهي مطالب تهدد السلم الإجتماعي، وتعبر الخطوط الحمراء، ولذلك فإنه ليس من المنتظر التهاون إزائها، وإذا حصل وأن تهاونت الدولة في مواجهتها، تحت ضغوط خارجية، أو لأسباب تتعلق بالتوازنات السياسية، أو في حالة عجزها، فإن المجتمع لا محالة سيواجهها بوسائله المتاحة، وسيفرز القوة الكفيلة بردع المعتدي، المتحدي لقيم العيش المشترك.الحقيقة أن المواجهة، ليست هدفا مثلما هي ليست مرغوبة، لكن وبرغم مخاطرها، إلا أنها أهون من الاستسلام لنقيض الدولة، لأن ذلك سيقود إلى دمار المجتمع، وفي أحسن الأحوال إعاقة تطوره وتقدمه، ولا يمكن للدولة أن تهادن الى الأبد، لأنها في سعيها لإلغاء البرلمان وتعطيل الدستور، وإيقاف العملية السياسية، تجر المجتمع إلى الفوضى، رغم مطالبها التي قد تبدو عادلة في مظهرها، إلا أن هدفها النهائي ابتلاع الدولة، وفرض إيديولوجيتها.إن توظيف التظاهرات والإعتصامات في الصراع السياسي، أو في مواجهة الدولة، لا يقل خطرا عن العنف الراديكالي؛ ذا الأساس الديني المتشدد، بل نتائجه في بعض الحالات أكثر خطرا، لأنه يلغي المنجز، ويدمر روح الشعب، بإشاعة الكراهية والحقد.إن التعبئة الطويلة، قد تجر إلى قتال دموي ينفي الحياة، ويعيق أي ملمح للتقدم، ويؤسس للفساد الذي تدعي مقارعته، وللخراب العمراني والأخلاقي، والى ما يجر المجتمع إلى صراعات طويلة، لصالح نخب انتهازية، تتصارع على المصالح، وعلى غنائم الدولة والمجتمع.كلام قبل السلام: إن التظاهرات والإعتصامات الراهنة بحقيقتها، تفعيل وعي التخلف العصبوي لا وعي الدولة، سيطيح بكل الذي بنيناه، وهذا بالضبط ما تريده القوى الخارجية، التي تقف وراء الأحتجاجات والتظاهرات..! سلام…..