23 ديسمبر، 2024 2:33 م

أوراق من زمن الحب – 3

أوراق من زمن الحب – 3

السنوات مرت..الخصلات الذهبية طالت..ازدادت الطفلة شبابا…وازدادت ايضا تمردا.كان فقدان الوالد المبكر صدمة قاسية لم تستطع تجاوزها..صدمة حولت الحمامة الوديعة الى نمرة متوحشة..كانت تتلذذ وتستمع بمشاكسة الغير وكأنها بهذا تخفف بعضا من الامها…ولم يتوقف الامر عند هذا الحد..صبت ناديا جم غضبها وشراستها على والدتها التي كانت تقاسي الامرين في فقدان الزوج والحبيب وترويض
الابنة الجاحده.استلمت والدتها ادارة شركة العائلة ورغم خبرتها المتواضعة إلا انها استطاعت بعد فترة ان تعيد التوازن المادي وتدير عجلة العمل.لم تعد الامور كما كانت من قبل فارباح الشركة تغطي بالكاد مصاريف المنزل واقساط المدرسة.لم ترغب الام بأن تنتقل ابنتها الى مدرسة مجانية..ولم ترض بأن تشعر بأي تغيير في حياتها..فكانت تعمل بكد طوال النهار والليل لتوفير هذا..وفي المساء تعود الى المنزل منهكة القوى لتواجه عناد ناديا وتقلب مزاجها.وكان للمدرسة نصيب لابأس به من هذه الزوبعة المراهقة…كثرت الشكاوى..وانحدر المستوى الدراسي واصبح معتادا على الوالدة ان تذهب كل يومين تقريبا للمدرسة لفض نزاعات ابنتها والاستماع الى تأنيبها.كانت لحظات الهدوء والتأمل الوحيدة في حياة مراهقتنا هي حين تذهب نهاية كل اسبوع لزيارة قبر والدها..الملامح القاسية تختفي…يهدأ
بركان الغضب..وترتسم على محياها ملامح طفولتها البعيدة..وكم كان يحلو لوالدتها مراقبتها وهي في تلك الحالة..رغم حزنها.كانت هذه الشخصية الجديدة المهزوزة مرتعا خصبا لأستقطاب صديقات السوء فأحيط بتلك الزهرة اليانعة اجمة من الاعشاب الضارة..وكم حاولت والدتها ابعادها عنهن ولكنها وكرد فعل متوقع ازدادت منهن قربا ولهن محاكاة.تعلمت التدخين..ادمنت السهر …هجرت الكتاب…ورافقت مساحيق التجميل.اكثر ماكان يقلق الوالدة تلك السهرات التي لاتنتهي إلا بإنتصاف الليل.فتجلس الام تغالب نعاسها بإنتظار سندرلتها التي تتسلل للمنزل كنسمة وتثور كعاصفة عند مواجهتها والدتها…وتختم كل ليلة بصوت باب غرفتها يغلق بعنف وقسوة بوجه نصائح الوالدة وتوسلاتها…..احتفت الارض بالثلوج…والكنائس بالأجراس..وكانت ليلة رأس السنة.وكالعادة خرجت ناديا للأحتفال مع صديقاتها .
وتعمدت ان تغادر مبكرا قبل عودة امها من العمل كي لاتضطر للأجابة على السؤال المعتاد….متى سترجعين ؟؟مرحت..سهرت…وراقصت الغرباء حتى الساعة الثانية بعد انتصاف الليل.عادت الى المنزل …جذلى ولكن حذرة تترقب العديد من النصائح والارشادات.فتحت الباب ..بوجل..نظرت الى مكان والدتها على الاريكة..فلم تجدها.اغتبطت واعتقدت انها قد ملت الانتظار ونامت..وستنام هي بدورها هادئة دون لوم او تعنيف.وبينما هي تترقص على اطراف اصابعها..لمحت……………………………..ذلك الجسد الحنون ..ذو الشعر الأشقر الأشيب ملقى على ارض الصالة.غالطت نفسها…وقالت بأن النوم قد غلب والدتها وسقطت ارضا…ولكنها كانت تعلم جيدا ماحصل….امسكت بيديها…وبجبينها…قائلة….امي…الساعة الان الثالثة..وها انا قد عدت متأخرة..الن توبخيني ؟لم
يجبها سوى الصدى..وهمس الساعات على الجدران..امي…امي !!!