19 ديسمبر، 2024 4:30 ص

أوجه الشبه بين كتلة الاحرار و القائمة العراقية

أوجه الشبه بين كتلة الاحرار و القائمة العراقية

لم يخلو تاريخ الامم من نماذج سياسية التقت فيها مصالح أطراف سياسية يبدو للرائي وضوح اختلافاتها و تغيب عنه توافقاتها، و لكنها في الواقع متوافقة أكثر من أن تختلف. و ليست المصالح هي تلك الوحيدة التي تتوافق بل حتى طبيعة تكوين هذه الاطراف و إن ظهرت لهذا الرائي على أنها مختلفة كل الاختلاف، فهي في الواقع متشابهة الى حد مذهل.
فتشابه كتلة الاحرار و القائمة العراقية، و هذا يعني التيار الصدري من ناحية، و ما تبقى من التيار القومي السني في العراق من ناحية اخرى، هو نموذج لهذه الظاهرة.
الطرفان تشكلا سياسيا بمظهريهما الحاليين بعد إسقاط النظام في عام 2003. و قد استطاعا تنظيم كتلتين جماهيريتين لم تتميزا بهذين الاطارين السياسيين من قبل. و لا يمتلك أي واحد منهما أي بعد نظري واضح و لا مشترك عقيدي بين يجمع جماهير كل واحد منهما، و إنما هما عبارة عن (بوتقتين) دخلهما أفراد شتى لمصالح شتى، و ذلك حينما رأى هؤلاء الافراد أن الالتزام بهذين الاطارين يعفيهما من الالتزام بالوضوح أمام الاخرين، بل يغطي على حقيقة هؤلاء الافراد و سيرهم الذاتية، بل و يمحو ماضيهم غير المستساغ عند الاخرين، و يوصلهم الى تحقيق أهدافهم من دون عناء كبير، سوى عناء (النفاق)! و لهذا فان هاتين (البوتقتين) تضمان العدد الاكبر من أتباع النظام السابق و أصحاب (السوابق السياسية) التي هي بحاجة الى (غطاء صدري) و (ظل راية قومية سنية) يخفيان سوءات من التجأ اليهما.     
كلا الطرفان يخفيان قيادتين خلف الكواليس و يظهران رمزين غاية في السذاجة و غاية في عدم الاهلية السياسية. حيث لم يأتي إختيار هذين الرمزين بشكل عفوي بل بتخطيط يراد منه تمرير الاهداف و الوصول الى المصالح في ظل رمزين لا يعيان ما يدور حولهما و لا يفقهان من الواقع شيئا، ذلك لانهما سهلا التظليل و الانقياد و ليس القيادة.
علامة هاتين (البوتقتين) هو العمل للوصول الى المصالح الانية حتى و إن تطلب منهما مخالفة شعاراتهما و تبديل طبيعتهما و على حساب المصلحة العامة للوطن. و كذلك فإن من علاماتهما فقدانهما الى النظرة المستقبلية  و فقدانهما الى الستراتيجية بكل أشكالها، و ذلك بسبب الطبيعة (النفاقية) لهذه الكتل.
و مثل هذه الكتل السياسية هي عبارة عن عالة على الحياة الديمقراطية  و معوق لتطور هذه الحياة. و مستقبل هذه الكتل مرهون برقي وعي الانسان و بقوة إيمانه بالديمقراطية، حيث أن تضخم أو ضمور مثل هذه الكتل يعتبر البوصلة التي يمكن قياس صحة الحياة الديمقراطية بواسطتها، فهما يشبهان تطور السرطان و هو ورم خبيث، فتضخمه يعني استفحال المرض و ضموره يعني تماثل المريض الى الشفاء.

أحدث المقالات

أحدث المقالات