23 ديسمبر، 2024 1:56 ص

أوجه الشبه بين عمامة الملالي وطاقية اليهود/4

أوجه الشبه بين عمامة الملالي وطاقية اليهود/4

( أبر انجازات النظام الايراني انه أبعد اسرائيل عن مرتبتها وحلٌ محلها كعدو رقم واحد للعرب)
تهديد الأمن القومي العربي
المقصود بالأمن القومي العربي مجموعة الإجراءات المؤثرة والفاعلة لمواجهة جميع التحديات المحدقة بالوطن العربي التي تستهدف النيل من سيادته ومصالحه القومية العليا وتطلعاته وطموحاته سواء كان تهديدها بشكل مباشر أو غير مباشر، حاليا أو في المستقبل. وتؤمِن تلك الإجراءات الإستقرار السياسي والاجتماعي، والتطور الاقتصادي والثقافي، وتعزز القدرة العسكرية تجاه مواجهة التهديدات والتحديات التي تواجه الأمة العربية. يمكن إعتبار مصرف التهديدات للأمن القومي العربي يساهم في رأسماله ثلاثة شركاء مع أختلاف نسبة المساهمة فيه هم: الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني والنظام الإيراني. بلا شك إن الأمن الوطني العراقي جزء لا يتجزأ عن الأمن القومي العربي، قكل منهما يُكمل الآخر، ولكن ما يعنينا في موضوعنا هذا هو التهديدات الإيرانية للأمن الوطني في العراق والأمة العربية تلك التهديدات التي لا تقل خطورة عن التهديدات الإسرائيلية، فكلاهما يعتمد الاستراتيجية الإستعمارية، عن طريق قضم الراضي العربية، في ظل سكوت وتراخي الأنظمة العربية. وتُستخدم وسائل غالبا ما تشكل قاسما مشتركا بين العدون الإيراني والإسرائيلي منها:
ـ الإحتلال والإستيطان: سبق أن أشرنا الى الإحتلال الفارسي للأراضي العربية ومنها الأحواز والجزر العربية الثلاث واراضي عراقية آخرها جزيرة أم الرصاص. فضلا عن إطلاق التهديدات بإحتلال مناطق عربية أخرى. فإيران تهدد بإحتلال جنوب العراق والإمارات والبحرين والسعودية، وكذلك الكيان الصهيوني يهدد بإحتلال شمال الاردن والجنوب السوري ومنطقة شرق البحر الميت.
ـ العدوان يتنصلان من الإتفاقيات الدولية مع الدول المجاورة كأتفاقية شط العرب بين العراق وايران. وإتفاقية السلام مع مصر بإحتلال إجزاء من سيناء بالنسبة للكيان الصهيوني رغم النصوص الواردة في الإتفاقية والتي تتعارض مع ذلك، علاوة على إنشاء المستوطنات من قبل النظامين، وهذا ما جرى في الأحواز، والأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
ـ التدخل في الشئون الداخلية العربية والعبث بمقدراتها السياسية والإقتصادية والثقافية والاجتماعية!
ـ تشجيع الحركات الأنفصالية في الوطن العربي خصوصا في العراق ولبنان وفلسطين واليمن والسعودية.
ـ سباق التسلح المحموم لفرض النفوذ والهيمنة على المنطقة بحجة الحفاظ على الامن الوطني أو تحقيق التوازن الإستراتيجي. علاوة على تطوير السلاح النووي والصواريخ البالستية، علما ان النظام الايراني ما يزال في طوره الجنيني في مجال السلاح النووي، سيما بعد انسحاب الولايات المتحدة من إتفاقية الملف النووي، وفرضت حصارا شديدا على النظام، علاوة على تعرض منشأة نطنز النووية الى ضربة سبرانية قوية، تكتم النظام الايراني عن الجهة التي استهدفته، وتكتم ايضا عن حقيقة الأضرار. فقد كانت تصريحات النظام مشوشة، ولا تخرج منها بطائل، مثلا صرح (غلام رضا جلالي) رئيس منظمة الدفاع المدني بأن طهران” لا تستبعد عملا تخريبيا من قبل مجموعات المعارضة، أو هجوما سبرانيا من قبل الولايات المتحدة”، وهنا تم تحديد الجهة، وهدد جلالي بأن ايران” ستتخذ إجراءات متبادلة ضد أية دولة تتسبب في هجمات الكترونية على المنشأت النووية”. وفي تطور لاحق اتهم النظام دولة عربية بأنها ساهمت في الهجومات السبرانية على منشأتها، وهذا ما تحدث به (أميرموسوي) رئيس مركز الدراسات الستراتيجية في طهران، بالطبع يقصد المملكة العربية السعودية. ولم تخرج نتيجة التحقيق عن سبب التفجير، فقد طمطمموا الموضوع كالعادة.
ـ حرب المياه. فأطماع الكيان الصهيوني في نهر الأردن، والنفوذ الايراني على شط العرب، علاوة على تغيير مجرى الكارون، ونهر الزاب الكبير، وغلق الأنهار الفرعية حرم العراق من المياه، وأثر على الزراعة تأثيرا كبيرا، وهذه السياسيات تتعرض مع القوانين الدولية حول الدول المتشاطئة.
كل هذه الوسائل تعتبر تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي, ولكننا سنتحدث عن موضوعين أساسيين وهما الملف النووي الإيراني والتهديد بغلق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية ونرجئ بقية العوامل في دراسات مستقلة.
الملف النووي
يسعى نظام الملالي الى بناء ترسانة نووية في المنطقة لغرض فرض منطق القوة على دول الجوار بشكل رئيسي، فهي موجهة ضد الأمة العربية وليس ضد الكيان الصهيوني كما يدعي النظام في محاولة بائسة لتسويق عملتة الزائفة على السذج وفاقدي البصر والبصيرة. فهو يعمل جاهدا على إضعاف القدرة العسكرية للأمة العربية وتحجيم دفاعاتها من خلال سباق التسلح وترجيح ميزان القوى العسكرية لصالحه. وينتهج النظام نفس إستراتيجية الكيان الصهيوني لجعل المنطقة العربية ملعبا لصراعاته الدولية، علاوة على سعي النظامين المحموم لتهديد الإستقرار والأمن في المنطقة ومخالفتهما الأتفاقيات الدولية التي تحظر إنتاج أسلحة التدمير الشامل. ومن المستغرب ان الولايات المتحدة الأمريكية بجناحيها الطائرين الدول الأوربية والأمم المتحدة أقامت الدنيا ولم تقعدها عندما حاول العراق إنتاج هذه الاسلحة، وأتخذ مجلس الأمن قرارات تعسفية متسارعة ضد العراق، بل ترك مجلس الأمن شئون العالم كله ليتفرغ للعراق فقط! في حين أنه تصرف بكل تروي وهدوء وشفافية مع نظام الملالي ولم يتخذ تدابير فاعلة بنفس القوة والزخم إتجاه تحديهم وغطرستهم للأرادة الدولية كما فعلوا مع العراق مما يضع الكثير من علامات الإستفهام أمام الشرعية الدولية ويجردها من ورقة التوت الأخيرة. ومن المثير للدهشة أن الكيان الصهيوني لم يوجه ضربة قاصمة الى المفاعل النووي الإيراني كما جرى مع العراق حيث دمر المفاعل الأول قبل أن يصل الى العراق، وفي المرة الثانية دمر مفاعل تموز بأكمله قبل أن يشرع في العمل! وكما حدث لسوريا بعد أن شن الطيران الأسرائيلي في ايلول عام 2007 غارة جوية مدمرة على مفاعل نووي سوري ما زال في طور البناء! هذا يعني ان المفاعلات النووية العراقية والسورية هي التي تهدد الكيان الصهيوني وليس مفاعل بوشهر الإيراني! كما تم إغتيال عدد كبير من علماء الذرة الذين ساهموا في بناء المشروع النووي العراقي من العرب والعراقيين أبرزهم مصطفى مشرفة، وسميرة موسى، وسعيد السيد بدير، ويحيى المشد! ونتساءل بإستغراب لماذا لم يتم إغتيال عالم إيراني واحد؟
هناك العديد من المحللين الاوربيين والعرب ممن سَفهَ الرأي القائل بأن إسرائيل تخشى من نتائج تدمير مفاعل بوشهر جراء خشيتها من ردة فعل إيران المتوقعة والتي وصفها الرئيس (أحمدي نجاد) بقوله” نمحو إسرائيل من الخارطة”. وردٌ الأستاذ (سعود المعيقلي) على التصريح” مهما كان ردٌ إيران على ضرب مفاعلاتها مؤلما، فلن يكون أشد إيلاما من حصولها على السلاح النووي”. وهذه حقية لا يمكن التغافل عنها مطلقا. المنطق يقول أن مفاعلات إيران النووية لا تشكل تهديدا جديا تجاه الكيان الصهيوني لأن المفاعل بني أصلا تحت أنظار الشيطان الأكبر، والكيان الصهيوني، ولو كان يشكل تهديدا واقعيا لم سمحا به ليصل الى هذا المستوى المتقدم؟ لاشك أن تصريح (إيهود اولمرت) مؤخرا بأن ليس لبلاده ” مخططات للهجوم على إيران” إضافة الى تصريح وزيرة الخارجية (تسيفي ليفني) ” بأمكان اسرائيل التعايش مع القنبلة النووية الإيرانية”، وتصريح وزير الداخلية (منير شطريت) بأنه ” يحظر على بلاده مهاجمة إيران مهما إشتدت الأحوال”. إن تفجر الفقاعات الاعلامية بشأن التهديد الإسرائيلي لإيران، تكشف بإن الغرض منها هو الأستهلاك المحلي والضحك على ذقون البعض، سيما العرب الذيول، مما يتشدق بأهمية القنبلة النووية الايرانية ويسمونها (القنبلة النووية الإسلامية) على إعتبار ان ستقوي بيضة الإسلام. متناسين أمورا مهما للغاية لعل من أهمها:
ـ ان هذه الزمن الذي نعيشه ليس زمن هيروشما، فقد ولى الى غير رجعة، ولم يعد أحد يجرأ على إستخدام السلاح النووي وإن امتلكة، فأن تمتلك الشيء لا يعني إنه يمكنك أن تستخدمه خصوصا في المجال النووي، كما ان هناك فرق بين التهديد بالقوة وبين إستخدامها.
ـ يكفى ما لقي الإسلام من مساؤي لازمته طوال عقود من الزمن، فالتطرف الاسلامي والارهاب الاسلامي والاسلاموفيا وغيرها من المصطلحات اساءت كثيرا للإسلام، علاوة على تسمية الأحزاب الارهابية بإسم الله والاسلام مثل حزب الله وانصار الله وحزب الدعوة الاسلامية والمجلس الاسلامي الأعلى وتنظيم الدولة الاسلامية وغيرها، الاسلام دين السلام وليس دين النووي. دين المحبة وليس التطرف، فلا تضيفوا اليه ما يزيد الطين بلٌه، كفاكم ما فعلتم به!
ـ من الصعب ان تفهم قول السفهاء (القنبلة النووية الاسلامية) وأهميتها للعالم الاسلامي، ها قد حصلت الباكستان على القنبلة النووية الإسلامية، فما الذي قدمته هذه القنبلة للإسلام؟ هل جعلت الكيان الصهيوني يكف عن عدوانه عن العرب المسلمين؟ هل شكلت قوة إضافية للمسلمين لها هيبتها في العالم؟ هل حققت التوازن في الشرق؟ هل حققت التوازن مع العالم المسيحي؟ بل ما الذي قدمته القنبلة النووية الاسلامية للباكستان نفسها في صراعها مع الهند؟ الجواب: لاشيء؟ من جهة أخرى اليست الباكستان هي التي وقفت مع الولايات المتحدة الأمريكية في غزوها لإفغانستان المسلمة (السنية)؟ ربما حققت للباكستان التوازن مع القنبلة النووية الهندية ( الهندوسية كما تُسمى أحيانا) ولكن ليس مع الدول الاسلامية ولا العربية، ولا يمكن لأحد ان يدعي خلاف ذلك. علما إن القنبلة النووية الباكستانية مُولَت أصلا بأموال عربية تعدت المليار دولار. فقد ساهمت المملكة العربية السعودية بمبلغ (500) مليون دولار والجماهيرية الليبية بحوالي (250) مليون دولار والامارات العربية مع بعض دول الخليج بما يقارب (250) مليون دولار! مع هذا لم تضف هذه القنبلة للأمن القومي العربي، ولا لأمن الدول التي ساهمت فيها أية إضافة.
أما ما يروج من إشاعات في صناعة القنبلة النووية (الشيعية) لتقابل القنبلة النووية (السنية) اي الباكستانية. فتلك الحجة أكثر تفاهة من سابقتها، لأن عمر القنابل النووية ما صنعت لأغراض دينية أو لتحقيق تعاليم سماوية فهي على العكس من ذلك. ثم لماذ يُجر الإسلام من حرب المذاهب الى حرب القنابل النووية؟ وهل قدمت القنبلة السنية لأهل السنة ما يرفع عنهم الضيم والإرهاب في العراق من قبل الحكومات الشيعية مثلا، هل أفادت عندما قام النظام الايراني بأعمال ارهابية في مكة المكرمة؟ هل حَمت القنبلة النووية السنية مكة المكرمة من صواريخ الحوثيين؟ الجواب: كلا!
كذلك سيكون مصير القنبلة النووية الإيرانية للدول العربية والاسلامية، تهديدا مباشرا لأمنها القومي، فبدونها تحتل إيران أراضي عربية وتهدد دول الخليج العربي وتعبث بالأمن القومي العربي فكيف سيكون الأمر مع وجودها في ظل حكم يفكر بعقلية متحجرة تعود لاكثر من ألف وأربعمائة سنة! الحقيقة أن القنبلة النووية الإيرانية تمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي، اكثر من القنبلة النووية الاسرائيلية. اسرائيل مثلا لم تهدد بإزالة دول عربية من الخارطة، ولم تستخدم القنبلة النووية في حروبها مع العرب، بل لا أحد من زعمائها منذ تأسيسها لحد الآن هدد بحرب نووية ضج العرب، على الرغم من ان الحروب العربية كانت تمثل تهديدا جديا لأمنها القومي. بل ان القنبلة النووية الاسرائيلية لم تخشاها الأنظمة العربية حتى في حروبها من اسرائيل، على العكس من القنبلة النووية الايرانية، لذا بدأت الدول العربية كالسعودية ومصر والامارات بالتوجه لبناء مفاعل نووية لتحقيق التوازن في المنطقة، بمعنى ان ايران هي التي حفزت هذه الدول على هذا التوجه النووي لدعم أمنها القومي.
فإذا كان المقصود بالتوازن الايراني مع الكيان الصهيوني، فتلك نكته سمجة مللنا من سماعها لأن ما في السطح لا يعكس ما في الأعماق من سرية العلاقات بين الطرفين! كما أن هناك دول نووية اخرى في المنطقة كالهند والباكستان وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وغيرها مما يفرغ التوازن من معناه وفائدته، لذلك فأن الغرض منها هو إبتزاز وتهديد دول الخليج بالدرجة الأولى حيث تترسب الأطماع الفارسية فيها!
الحقيقة لا يمكن الإطمئنان لنظام الملالي الذي سبق أن وجه صواريخ أرض- أرض ضد المدن العراقية وقصف القطعات العراقية بالأسلحة الكيمياوية خلال حربه العدوانية معه، كما ساهمت الميليشيات المرتبطة به بقتل عشرات الألوف من العراقيين. فهل يمكن إئتمان جانبه بوجود قنبلة نووية؟ إن نزع الاسلحة النووية من منطقة الشرق الأوسط هو الركن الوحيد الذي يؤمن الأمن والسلام والإستقرار في المنطقة، ولابد من نزع الفتيل النووي من نظام ايران العدواني.

اغلاق مضيق هرمز
بين آونة وأخرى يخرج علينا أحد المسؤولين الإيرانيين ملوحا بعصا غليظة ومهددا بإغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي الذي يمر عبره اكثر من 40% من النفط العالمي في حال تعرض المصالح الإيرانية الى خطر مجهول! رغم عدم تحديدهم مصدر الخطر أو حجمه! فقد حذر رئيس أركان الجيش الأيراني الجنرال (حسن فيروزي آبادي) في تموز 2009 عبر وكالة أنباء فارس جميع دول العالم ” عليها أن تعلم بأنه في حال تجاهل مصالح إيران في المنطقة، فمن الطبيعي أن لا نسمح للآخرين باستخدام الطريق البحرية”. أعقبه تصريح آخر أطلقه (يحيى رحيم صفوي) المستشار العسكري للمرشد الايراني الأعلى (علي خامنئي) بأنه في حالة اندلاع حرب سيتم إغلاق مضيق هرمز وقد تلى هذا التصريح تهديدا آخرا من قبل (محمد علي جعفري) قائد الحرس الثوري الإيراني وهذه المرة بلهجه أشد” ان الحرس الثوري مجهزين بأكثر الصواريخ تطورا، وتستطيع توجيه ضربات قاضية لسفن الأعداء وتجهيزاتهم البحرية”، ملمحا بأن ” الجمهورية الإسلامية قد تغلق مضيق هرمز انتقاما من أي هجوم على منشآتها النووية”. وكان ردً الأدميرال (وليام غورتيني) قائد الاسطول الأمريكي الخامس رادعا لنظام الملالي بقوله” إنه عواقب الأخطاء في التقدير”. لكن نائبه (كيفن كوسيغريف( كان أكثر حديه ووضوحا بقوله” إن الأيرانيين لن يغلقوا مضيق هرمز! كما إننا لن نسمح لهم بإغلاقه”!
لاشك أن مثل هذه التصريحات تكثف حالة الاحتقان والتوتر في المنطقة، وتمثل خرقا لميثاق الامم المتحدة وتشكل تهديدا للأمن الدولي عموما والأمن القومي العربي خصوصا، سيما أمن منطقة الخليج العربي، لأنه يحرمها من ممرها المائي التجاري الحيوي ويحشرها في مواجهة ليس لها أي دخل فيها! هذا أن صح بالطبع وجود تهديد امريكي للمصالح الإيرانية رغم ان حجم المشكلة لا يتجاوز فقاعة هواء، لأن المتضرر الأول من إغلاق المضيق سيكون إيران نفسها ودول الخليج العربي. فالنفط يمثل اكثر من 90% من صادرات إيران وغلق المضيق يعني توقفها عن تصديره، ويمثل إنتحارا للنظام، لانها ستقطع وريدها بيدها، وهذه حالة لا يبررها إلا مذهب شمشون” عليً وعلى أعدائي”! ولكن لا يوجد على أرض الواقع ما يستحق هذا الفعل السادي أو يبرره. حتى لوقبلنا جدلا بإدعات جعفري بأنه “بات من السهل لأيران ان تغلق المضيق لفترة زمنية غير محدودة في ضوء إكمال إستعداداتها العسكرية”. سيما ان الحرس الثوري الأيراني هو الذي يتولى حاليا المسئولية الأمنية في منطقة الخليج كما اشار(ماشاء الله شمس الواعظين) المستشار في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية، والذي دعم بدوره تصريحات جعفري بإغلاق المضيق. لكن الوضع الإقتصادي الإيراني الحرج، وبحثها عن قرض من صندوق النقد الدولي، وتآكل عملتها، يُكذب مثل هذه التهدديات الورقية، سيما ان (جيف موريل) المتحدث باسم البنتاغون ذكر بصراحة بأن ” التهديد الايراني بغلق مضيق هرمز، سيكون خطوة تعود بالضرر على إيران قبل غيرها”، منوها بأن بلاده لا تسمح بمثل هذا الأمر.
السؤال: هل فعلا يمكن لأيران أن تغلق مضيق هرمز؟
الجواب بالطبع كلا!
بالإضافة الى الخسائر الإقتصادية الناجمة عن غلق المضيق لإيران، فإن غلقه من شأنه ان يدخل إيران في مواجهة مع الدول الصديقة لها قبل المعادية ولاسيما الصين واليابان والدول الأوربية التي تستورد النفط منها ومن دول الخليج العربي، وسوف لا تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه المشكلة التي تهدد إقتصادياتها. ومن الطبيعي إنها ستتكاتف مع الطرف الذي يحارب إيران. كما أن هذا الأمر من شأنه ان يعقد الملف النووي الأيراني بتعاضد الدول الأوربية وبقية دول العالم للوقوف ضدها، وربما تخرج من الإتفاق النووي كما فعلت الولايات المتحدة الامريكية، وبالتالي ستخسر المواقف المؤيدة او الواقفة على الحياد تجاه ملفها النووي، أي أنها ستحلٌ المصيبة بكارثة! وهذه بلادة وحماقة لا يمكن ان تقوم بها دولة تعرف حقيقة مصالحها، وتتفهم حجم المشكلة التي ستواجهها!
من جهة ثانية فأن اكثر من 40% من النفط العالمي يمر عبر مضيق هرمز وأن 90% منه يذهب الى الولايات المتحدة الامريكية والدول الأوربية والصين واليابان ومن شأن إغلاقه إشعال فتيل أزمة نفطية دولية حادة تدفع ثمن حماقتها جميع دول العالم بلا إستثناء. وهذا سيجعل الرأي العام الدولي الرسمي والشعبي يتخذ موقفا حازما ضد إيران. يعلم نظام الملالي أن الحرب مع الولايات المتحدة من شأنها أن وقعت فإنها ستتضمن عدة محاور لايمكن ان تواجهها! فإذا تجاوزنا التفوق الجوي بين الدولتين فإن القوى البحرية الايرانية لم تبلغ سن الرشد بعد لتواجه التفوق الأمريكي واسطولها الخامس يتربص للانقضاض عليها. والمعارك البرية ستتعدد محاورها من العراق وافغانستان إضافة الى القواعد المنتشرة في تركيا ودول الخليج العربي بمعنى إنها ستكون محصورة بين كفتي كماشة، وستضطر الولايات المتحدة الى أحتلال إراضي إيرانية مشرفة على مضيق هرمز بشكل يمنع تكرار إغلاق المضيق ثانيه فيما إذا حصلت الحرب فعلا! ولو افترضنا جدلا ان إيران أغلقته لفترة محددة فإن حرب إستنزاف امريكية طويلة الأمد من شأنها ان تدمر الأقتصاد الإيراني بحرمانها من الحصول على المورد الرئيسي من النفط.
ما يجب قوله ان التهديدات الايرانية ستبقى حبرا على ورق! فمن المعروف أن مثل هذه الورقة الضاغطة لا يجوز الإعلان عنها مطلقا من قبل نظام الملالي، وكان من المفروض أن تبقى في خزانة الملفات السرية، لإنها تمثل حالة من الانتحار ولذلك فأن اعلانها بغلق المضيق يهدف الى الإستهلاك المحلي ومنطقة الخليج العربي، ليس من المعقول ان تقدم إيران للولايات المتحدة مثل هذه الخطة على طبق من ذهب، مفوته على نفسها مبدأ المباغتة وهي من أهم مباديء الحروب القديمة والحديثة! وتقدم ايضا الفرصة والوقت الكافي لقوى الإستكبار العالمي للبحث عن البدائل الإستراتيجية لإفشالها وإجهاضها في المهد! فقد مهد إعلان هذه الخطوة دول الخليج العربي من توجيه ركلة قوية غير محسوبة في مؤخرة الملالي من خلال البدء بإنشاء مرفأ إستراتيجي مهم كبديل في حال إقدامها على غلق مضيق هرمز قادرعلى تأمين تصدير(1.8) مليون برميل نفط يوميا عبر مد أنابيب في البحر دون الحاجة للمرور في مضيق هرمز. وانتهت المرحلة الأولى من المشروع في حزيران عام 2010. ذكر (عبد العزيز بن صقر) مدير مركز الخليج للأبحاث ( يفترض تسميته مركز الخليج العربي للأبحاث) للعربية نت بأن المشروع جاء كرد فعل تجاه تهديدات إيرن بإغلاق المضيق! من الطريف ان الحَجَرة العمياء التي رمتها إيران الى الأعلى وقعت على رأسها، فالمرفأ الجديد سيوفر إضافة الى توفيرعامل الأمن والحماية جدوى إقتصادية لأنه سيقلل من تكاليف الإبحار للدول المصدرة بإختصار المسافات، علاوة على إختصار عامل الزمن بما يقارب (36) ساعة من دخول السفن وخروجها من المضيق الى موانئ جبل علي وأبو ظبي. كما أنه سيقلل من كلف التأمين على الشحن. بمعنى أدق إن إقدام إيران على غلق مضيق هرمز أشبه بحالة من يضع نفسه خلف بغل شرس.