22 ديسمبر، 2024 8:13 م

أوجعني ليرجعني لأنه يحبني

أوجعني ليرجعني لأنه يحبني

“المرض لاأجر فيه ولكنه يحت الذنوب حتا ”
هكذا عبر عنه إمام المتقين علي ابن أبي طالب(عليه السلام )
جميعنا يتذوق مرارة المرض، جميعنا تحت تأثير قسوة الطبيعة، لكن هنالك سلطانان للمرض، مرض يجعلة الله، ومرض سببه عوارض الطبيعة، وهو أغلب مايصيب الأطفال، فالطفل ليس له ذنب؛ او إدراك او شعور؛ لكي تبتليه السماء بمرض مؤقت أو دائم، جعل الله للطبيعة قوانينها الخاصة، فهي تؤثر بالمخلوقات كافة، لها اثرها في إصابة المحاصيل الزراعية، مالم يتكفل الفلاح برعايتها المستمره، والدليل أن الله تعالى أشار في محكم كتابه لهذه الظاهرة بقوله(وإذا مرضت فهو يشفين) فتبين أن العبد يتعرض إلى الأمراض او غيرها وهي خارج دائرة الإبتلاء.

أما النوع الآخر من الأمراض، فهي بأمر السماء؛ وهي أمراض إبتلائية، كما ابتلى الله بها نبيه أيوب (عليه السلام ) وغيره.
يسرع الإنسان إلى الطبيب لأبسط عارض جسدي، طالبا إسعافه ونجدته، لكنه لايعلم أن أغلب الأمراض، التي يسلطها الله على عباده، هي نعمة كبيرة!
كيف تكون نعمة كبيرة؛ وهي تهدم الجسد وتضعف القوة ؟
لم يتصرف الله تعالى في قوانين الطبيعة عبثا، إلا لإجل حكمة تقتضي ذلك، نعم يراها العبد في الظاهر إنها نقمة،
لكن خفيت
عنه حكمتها، قال تعالى(إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)
طبيعة الإنسان ميال إلى رغباته النفسية، ويحب الأموال والجاه والسلطان قال تعالى(وتحبون المال حبا جما) ولديه القدرة والجرأة على خرق نواميس الحياة، ولديه ملكات شريرة تؤهله أن يكون جبارا في الأرض، لاسيما إذا أعطاه الله الصحة والاموال والأولاد، ولم يبتليه ببلاءات تجعل له حدا لطغيانه وتعيده إلى توازنه.

هنا تأتي الحكمة من قبل السماء لردع بعض المتجبرين رأفة بهم، فيضرب الله تعالى بعض عباده؛ بمرض أو عارض آخر؛ يوقفهم عن تقدمهم، وتحقيق مئآربهم وطموحاتهم الشريرة، والتي هي كمال غايتهم المنشودة، فيتململون بعدها ويصرخون ويبكون ويشكون، يعترضون على الله تعالى!
لكنهم يجهلون حكمة الرب الحكيم، وإن الله قد إبتلاهم بمرض عضال او إبتلاء آخر رحمة وحبا بهم.
بمعنى أن الله أوجع عبده ليرجعه إليه، ويوقفه عن طيشه ورغباته ونزواته، فليس كل بلاء نقمة، ولا كل رخاء نعمة.

قال إمامنا الصادق(عليه السلام )
“لن تكونوا مؤمنين حتى تعدوا البلاء نعمة والرخاء مصيبة ”
للسماء قوانين خاصة، وسارية المفعول، وليس فيها ضلم ولاعجلة ولا غفلة، وهي دقيقة للغاية، يجهلها أمثالنا، ونتعامل
معها على الظاهر، ونر أن من كان الأكثر فينا صحة وأموالا وأولاد؛ هو المفضل والمقبول عند الناس، وعند الله لأن ربه هو من اعطاه هذه النعم وهو الذي فضله، إذن هو يحبه.
هذه النظرة الدنيوية القاصرة بعيدة كل البعد عن نواميس السماء، فالسماء تعمل وفق ما تقتضيه الحكمة والمصلحة، ولم يكن هنالك ميزان ثابت في تمييز العباد الإ التقوى.