23 ديسمبر، 2024 12:21 م

أهو الغباء أم التغابي أهو الغباء أم التغابي

أهو الغباء أم التغابي أهو الغباء أم التغابي

-1-
جاء في بعض المصادر :

إنّ عمر بن عبد العزيز كتب الى عامله قائلا :

{ اذا أَمَرتُك ان تعطي فلانا شاةً ،

سألتًني أضأنُ أم معز ؟ ،

فإنْ بينّتُ لك ، قلتَ :

أَذَكرٌ أم أنثى ؟

فإن أخبرتُكَ قلتَ :

أسوداء أم بيضاء ؟

فاذا أمرتُك بشيءٍ فلا تراجِعْني فيه }

والسؤال الان :

هل تعتبر هذه الحالة حالة خاصة، اتسم بها أحد الولاة أيام عمر بن عبد العزيز، أم أنها حالة ملموسة عند الكثيرين، ممن يعمل في اجهزة الدولة ومؤسساتها على مدى العصور وفي مختلف البلدان ؟

والجواب :

انها ليست حالة محصورةً بفرد معيّن وهي موجودة في العديد من الدوائر الحكومية .

-2-

ان النص يشي بانّ مَنْ وَبَّخَهُ عمر بن عبد العزيز – وهو من ولاته – كان

غبيّاً وكان يخاف من المساءلة والعقاب .

كيف ؟

انه لم ينطلق لتنفيذ اوامر رأس الهرم في الدولة، واَكْثَر من التشقيق والتدقيق ، ولم يفعل ذلك مع المواطنين .

فالشكوى جاءت من السلطان لا من الناس .

والسبب يكاد يكون محصوراً بالعاملين الذين أشرنا اليهما ( الغباء أو الخوف ) .

-3-

وقد تشهد بعض الدوائر الحكومية اليوم ، أمثال هذه التساؤلات والتشقيقات التي تتضمنها المخاطبات المتبادلة بينها وبين غيرها من أجهزة الدولة ومؤسساتها .

والغرض إمّا التظاهر بالحرص الزائد على الصالح العام ،

وإمّا ان يكون الدافع سياسيا يستهدف الإعاقة والهرب من التنفيذ .

وقد مارس أيتام الطاغية المقبور ومحبّوه هذا الدور المحموم ، وبرع بعضهم فيه ..!!

وما زال البعض – حتى اليوم – مستمراً في هذا المسلك الخبيث .

-4-

ومن المحزن ان يتحول (الموظف) في هذه الدائرة الحكومية أو تلك – والذي لم يُعيّن في هذه الوظيفة الاّ لخدمة المواطنين والإسراع في انجاز معاملاتهم – الى عنصر خبيث لئيم ، يبتكر اساليب التاخير لابتزاز المواطنين والاستحواذ على المال العام .

-5-

المثال العلمي :

وصلتنا قبل اسابيع، قائمة من دائرة الكهرباء تضمنت وجوب دفع مبلغ كبير، وحيث أننا كنّا قد دفعنا قائمة الكهرباء المتعلقة بالدار ، كلّفنا من توّلى مراجعتهم للوقوف على السبب، فطالبوا أولاً بكشف ميداني تقوم به لجنة معينة .

وبعد الكشف طالبوا بالمستمسكات الاربعة ( ولم يكونوا قد طالبوا بذلك ابتداءً ) وبعد تقديم المستمسكات الأربعة طالبوا باحضار سند الملكية..!! (كأنهم كانوا قد نسوه ..!!)

وفي المرة الرابعة : طالبوا دفع المبلغ بالكامل مع غرامة اضافية لا ندري ما هو محلها من الإعراب ؟ ..

-6-

وللأسف الشديد :

فانّ المسافات الطويلة التي تقطعها معاملات المواطنين، يمكن اجتيازها في كثير من الأحيان، بالدفع الفوري لمن يُطلق الاشارة المطلوبة ، ليتم تقاسم المبلغ المدفوع بين رئيس الدائرة وموظفيه ..!!

هذا هو حال الكثير من الدوائر الحكومية اليوم …

وهذا هو أحد مظاهر الفساد المالي والاداري الذي يعاني منه العراق الجديد .

إنّ الفساد المالي والاداري قد أضرّ بالبلاد والعباد ايما اضرار .

وتكمن المفارقة في أنَّ الكثير من السلطويين أصبحوا من كبار الاثرياء في العالم ، فيما خزانة الدولة تشكو من الخواء ..!!

-7-

والتمهيدات للمفسدين مستمرة ، ولكّن الحيتان الكبرى لم تمتد لها يد المحاسبة حتى الآن …

وعلى هذه المحاسبة يتوقف النجاح في المرحلة الراهنة .

فلا بُدَّ من الضرب بيد من حديد ،وانتزاع المنهوب من المال العام من ايدي اللصوص والمفسدين ، ومقاضاتهم وفق الموازين وطبقاً لمقتضى القوانين .

*[email protected]