22 نوفمبر، 2024 11:55 م
Search
Close this search box.

أهم القواعد العقلية في البحث الميتافيزيقي

أهم القواعد العقلية في البحث الميتافيزيقي

المعقولات الثلاثة: لا يخلو للعقل من أن يكون له تجاه كل قضية أو مقولة تطرح عليه موقف من ثلاثة مواقف، أو حكم من ثلاثة أحكام؛ إما الوجوب، وإما الامتناع، وإما الإمكان. أحكام العقل الثلاثة هذه يُطلق عليها المعقولات الثلاثة، وأراها تسمية غير دقيقة، وربما يكون الأصح أن يقال (العقليات الثلاثة)، أو (أحكام العقل الثلاثة)، بمعنى الواجب العقلي، والممتنع العقلي، والممكن العقلي.

1. الواجب العقلي: هو ما يكون ضرورة عقلية يوجبها العقل، ويسمى بالواجب العقلي أو الضرورة العقلية.

2. الممتنع العقلي: هو ما يكون مستحيلا عقليا يقرر العقل امتناعه، ويسمى بالممتنع أو المحال أو المستحيل العقلي، أو اللاممكن العقلي.

3. الممكن العقلي: هو ما يقف منه العقل موقف الحياد، فيقبل العقل ابتداءً إمكانية ثبوته وإمكانية انتفائه على حد سواء.

والواجب العقلي والممتنع العقلي ليسا متناقضين كالوجود والعدم، لكنهما متضادان، أحدهما ينفي الآخر، يعني ما يوجبه العقل يكون عدمه ممتنعا، وما يكون ممتنعا، يوجب العقل عدمه، ولذا لا يُتعقَّل اجتماعهما في شيء واحد، ولكن يُتعقَّل انتفاؤهما سوية، ليحل مكانهما الإمكان العقلي الذي يتساوى فيه إمكان الوجود والعدم، وإمكان الصدق والكذب، أو لنقل التحقق وعدم التحقق.

ولكن حيث أن هناك خلطا عند البعض بين ما هو عقلي وما هو عقلاني أو ما هو عقلائي، فيتوهم هذا البعض أن الممتنع عقلانيا أو عقلائيا هو ممتنع عقليا؛ لذا يجب تثبيت حقيقة أن الامتناع العقلي هو الامتناع الفلسفي، أو المنطقي كامتناع اجتماع النقيضين، وامتناع أن يكون الجزء أكبر من الكل أو مساويا له. أما الامتناع العقلاني أو العقلائي – مع الفرق بينهما – فهو من نوع الامتناع العملي، وهو ليس دائما امتناعا مطلقا، بل قد يكون امتناعا نسبيا، وإنما يعبر عنه غالبا بالممتنع أو المحال مجازا، ومن قبيل المبالغة، وحتى لو كان امتناعا حقيقيا وقطعيا، فهو في كل الأحوال لا يساوي الامتناع الفلسفي. كما إن الامتناع العقلي هو غير الامتناع العلمي، الذي يمكن أن نسميه بالامتناع الطبيعي. وآخر مراتب الإمكان أو الامتناع هو العملي منهما. فالامتناع العملي من قبيل أن أسافر أنا شخصيا إلى القمر بواسطة مركبة فضائية، وهذا امتناع عملي خاص أو تعييني، رغم أنه يمثل إمكانا عمليا عاما أو مجردا، أي مجردا عن خصوصية الأفراد، وأما الامتناع العلمي أن أسافر إلى القمر على ظهر طائر كبير، والامتناع الفلسفي أن أكون أنا نفسي وحقيقة وليس مجازا، في اليقظة وليس في النوم، واقعا وليس توهما بسبب مرض الهلوسة أو سواه؛ أن أكون موجودا على الأرض وعلى القمر في آن واحد. وقبل مواصلة التفصيل عن مستويات التعقل الثلاثة في كتابي، قدمت رسما توضيحيا للواجب والممتنع والممكن، مقترنا بالوجود والعدم، أو الصدق والكذب بالنسبة لكل مقولة يواجهها العقل، للأسف يصعب عرضها على المواقع الألكترونية.

أحدث المقالات