في بداية مقالي أود أن أشير أن هؤلاء الذين كرسوا جهودهم من أجل تحقيق سيادة دولة فلسطين، وانهاء الاحتلال، والتصدي لخطة تصفية المشروع الوطني، يستحقون منا كل التقدير، وهم بكل تاكيد ليسوا وحدهم ، بل جزءا اصيلا من موقف وطني شامل يرفض الخطة الأمريكية التي أطلق عليها “صفقة القرن”، وتستهدف في حقيقتها تصفية القضية الفلسطينية بأبعادها المختلفة السياسية والانسانية وتزييف التاريخ وتشويه الهوية الفلسطينية، وفرض الدولة القومية اليهودية بحدود لم ترسم بعد لأن الخطة تستهدف الخط الواصل بين القدس وبغداد وبين القاهرة والخرطوم وبين الأقصى المبارك والكعبة المشرفة، وبالتالي فهذه أحلام “اسرائيل الكبرى” قد بدأت بإعلان ترامب أن القدس عاصمة لدولة “اسرائيل”، كما قال، ونقل لاحقا السفارة الأمريكية الى قلب القدس في اشارة الى تنفيذ خطته حتى قبل الاعلان عنها، فأمام كل هذا ومن أجل مواجهة التحديات انطلقت قبل أيام، ومن غزة ” الحملة الوطنية لإسقاط صفقة القرن”، واهمية ذلك أنها من غزة التي تحاول ادارة ترامب وعبر مبعوثيه تقديم الاغراءات الاقتصادية تحت مسميات “الدعم الانساني” وكرست مؤتمرا لذلك في واشنطن، وسجل فشلا كما سجلت زيارات غرنبيلات وكوشنر الفشل ذاته ولم يتمكنا من اختراق الصمود الفلسطيني القيادي والجماهيري.
الحملة الوطنية لإسقاط صفقة القرن، هي إحدى أهم أدوات النضال الفلسطيني، وهي تترافق مع برنامج وطني تكاملي، ولقد نجحت القيادة الفلسطينية مبكراً في انتزاع العديد من القرارات المهمة في كافة المستويات العربية والاقليمية والدولية وعلى صعيد الأمم المتحدة، وبالتالي جاءت الحملة ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعي، كحملة اسنادية للموقف الفلسطيني وتفاعلية مع تطلعات الجماهير، وتقنية من خلال كافة البرامج الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، لتحقيق اهداف عدة منها، تعزيز الصمود الجماهيري ضد خطة ترامب، واسقاطها، واشراك اوسع عدد من الفلسطينين في كل أماكن تواجدهم، وكل احرار العالم المتضامنين مع الحق الفلسطيني المشروع في الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحق العودة والسيادة واستحقاق العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وزوال الاحتلال من فوق الأرض الفلسطينية المحتلة وفق كافة القرارات الدولية ذات الصلة.
الحملة الوطنية لإسقاط صفقة القرن تضعنا بصورة واضحة أمام فاعل فلسطيني يمتلك زمام المبادرة على الرغم من الانقسام وتداعياته، وقلة الإمكانيات، واشتداد الضغط الأمريكي للاعلان عن خطته وتطبيقها، ويسعى القائمين على الحملة الى تعبئة الرأي العام واشراكهم في مقاومة هذه الخطة ورفضها واعتبارها خطرا جسيما على مستقبلنا الفلسطيني، ورفضا ومقاومة لفصل غزة عن جغرافيا الدولة الفلسطينية، والعمل على تعزيز الصمود والحراك السياسي وانهاء الانقسام والوصول الى الوحدة الوطنية، بإعتبارها صمام الأمان ضد كل المؤامرات والحلول المؤقتة او البديلة او الالتفاف على الارادة الفلسطينية والحق الأصيل في الحياة الكريمة المستقلة فوق أرضنا المحتلة.