لا يكاد يمر يوم في العاصمة بغداد لا يسمع فيه البغداديون دوي الانفجارات التي تهز عاصمتهم لتزرع الموت والدمار في كل مكان , فمنذ سنوات لم يشهد الوضع الأمني انهيارا أمنيا كالانهيار الحاصل هذه الأيام , فبغداد اصبحت عاصمة للمفخخات والكواتم والأحزمة الناسفة , ورائحة الدماء والبارود تنتشر في كل مكان , والسلطات الأمنية عاجزة تماما عن إيقاف هذه التفجيرات وهذا النزيف والدمار الهائل .
ففي الوقت الذي تستباح فيه دماء العراقيين وينعدم الأمن , لا زال قادة البلد السياسيون غارقون في صراعاتهم السياسية ويلهثون وراء مكاسبهم الشخصية ومكاسب احزابهم الطائفية , فأرواح الناس وممتلاكاتهم ليست من أولوياتهم , ولو كانت كذلك لتظافرت جهودهم لإيقاف هذا النزيف وهذا الدمار , فلم يشهد البلد في تأريخه الحديث قيادة أمنية فاشلة وفاسدة أكثر من هذه القيادة الأمنية الحالية , فالفساد وضعف المؤهلات هي من أهم صفات هذه القيادة , والأكثر إيلاما في هذا المشهد الماساوي هو تمسك رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بهذه الشلّة من الفاسدين , وكأنّ الإبقاء على هذه الشلّة الفاسدة أهم من حياة الناس التي أوصلت القائد العام وحزبه للسلطة .
إنّ الانهيار الأمني الحاصل في البلد يستوجب من كل القيادات السياسية أن تتناسى خلافاتها وتتصدى بحزم وبروح المسؤولية الملقاة على عاتقها في إنقاذ البلد من هذا المأزق وهذا الانهيار الأمني و وهذا يتطلب وبشكل سريع القيام بما يلي :
أولا / عزل القيادات الأمنية الحالية واستبدالها بقيادات جديدة كفوءة ونزيهة .
ثانيا / تنشيط الجهد الاستخباراتي من خلال استخدام الوسائل العلمية الحديثة والاستعانة بالعناصر المهنية والكفوءة .
ثالثا / إبعاد الأجهزة الأمنية عن المحاصصات الطائفية وإحالة ضباط الدمج إلى التقاعد .
رابعا / العمل بقانون مكافحة الإرهاب بعيدا عن الاستهدافات الطائفية .
خامسا / إعادة النظر بالخطط الأمنية المتّبعة حاليا وتطبيق سياسة أمنية جديدة تعتمد على عنصر المباغتة والجهد الاستخباراتي .
سادسا / تجفيف بؤر الفساد في وزارتي الدفاع والداخلية والإسراع في تسمية الوزراء الأمنيين .
سابعا / اعتماد آليات جديدة غير الآليات المتّبعة في الكشف عن المتفجرات والتخلي عن الأجهزة الحالية المزيّفة .
ثامنا / الكشف فورا عن كل ملفات الإرهاب التي أعلن عنها رئيس الوزراء والتي تثبت تورط جهات نافذة في مواقع المسؤولية .
تاسعا / دعوة مجلس النواب لاستضافة رئيس الوزراء والقادة الأمنيين لمعرفة أسباب هذا الانهيار الأمني .
عاشرا / دعوة القضاء العراقي للبت سريعا في القضايا المرفوعة إليه وإنزال أقصى العقوبات بمستبيحي دماء العراقيين .
إنّ دماء العراقيين أغلى من كل السياسيين وأحزابهم الفاسدة , وأغلى من المال والسلطة , فمن يحفظ هذه الدماء ويصون المال والعرض جدير بالبقاء والاستمرار .