23 نوفمبر، 2024 10:54 ص
Search
Close this search box.

أهكذا يُعامل أهل ( الأنبار ) أيها : العراقيون !

أهكذا يُعامل أهل ( الأنبار ) أيها : العراقيون !

ضمن عقائد وأسس التنمية البشرية في العصر الحديث يبقى الاهتمام المطلق بالمواطن وتوفير سبل العيش الرغيد أو على الأقل الكريم له من السلطة الحاكمة أهم الأهداف التي يجب تحقيقها .. وهذا ما تسعى إليه الدول المتقدمة وحققت به نمواً متوازناً في هذا المجال رغم التحذيرات المستمرة من المعاهد والمؤسسات المتخصصة بموضوع التنمية البشرية للحد من التباطؤ الخطير في أوربا وآسيا وأفريقيا بطبيعة الحال ..  سألتُ زميلاً لي قبل أيام حين عبرت هذا الجسر الخشبي الآيل للانجراف قبل أحداث الرُمادي بأيام عدة .. عن معنى اسم بزيبز كونه يسكن قريباً جداً في الضفة الأخرى من الجسر فأخبرني أنَّ معنى التسمية تعود إلى أحد أنواع الأسماك الكبيرة التي تكثر في الفرات وهو سمك البز ولكثرته وكثرة الصيادين سُمي ..
( بزيبز ) وكان جسراً ثانوياً غير ذي أهمية يربط بين منطقتي العامرية ( الفلوجة ) في الأنبار ومنطقة صدر اليوسفية في العاصمة بغداد وكان الطريق الذي يوصل بين الرُمادي وبزيبز معبَّداً بالكامل ولا يتجاوز ( 45 )  دقيقة ، أما الآن فإن الطريق من الرُمادي إلى هذا البزيبز فيتجاوز
(3) ساعات على الأقل في الأيام العادية وأغلب الطريق ترابي طويل يمر بعشرات السيطرات والأسئلة وفي أيام الهجرة الأخيرة وصله المهاجرون مشياً وزحفاً أو بأيام معدودات.. وبزيبز أصبح اليوم أشهر من الجنائن المعلقة وأهرامات مصر وناطحات السحاب وبرج خليفة .. لأنه سيشهدُ مَنْ أهلنا في الأنبار من الأطفال والعجائز والنساء مشى وسار مرتعباً فوقه هرباً من الموت ثم يُواجه بموت آخر .. موت   للكرامات .. موت   للصدق .. موت   للحائرين .. التائهين .. السائحين بحثاً عن أرض   وسقف  ينقذهم من موت أسود .. سيشهد بزيبز من   المنافقين ارتدى بدلة كذبه ولؤمه وألتقى بأهلنا من الأنبار حين عبروا بزيبز ثم بدأ يصرخ في وجوههم بدلاً من أن يمسح عرق جبينهم ويُقدم لهم قنينة ماء .. سيشهد بزيبز من هو الكذاب الذي أرتدى بدلةً عسكرية ثم بدأ يعيد بالنساء والأطفال والشيوخ مستهزأ بعذابهم .. سيشهد بزيبز من   الأحزاب والكتل وأعضاء مجلس المحافظة وأعضاء مجلس النواب والباحثين عن الشهرة تعالت هتافاته قرب بزيبز ثم أخفى وجهه عائداً إلى فندقه أو عرشه أو صومعته وترك النازحين في خيام   نُصبت لهم لا تليق بأسرى الحروب فكيفَ توضع لأهل الأنبار .. سيشهد بزيبز بلا أدنى شك .. كم دعاءٍ دعته الأمهات .. وكم آه  خرجت من قلوب النساء والأطفال وهم يتراكضون فوقه .. سيشهد بزيبز على تصريحات أحد مسؤولي محافظة بغداد وهو يؤكد ويقسم ويؤكد مرةً أخرى أنهم لا يطلبون من النازحين كفيلاً له .. ثم ما لبث أن غير تصريحه بعد دقائق ليؤكد أنَّ مجلس محافظة بغداد لم يحسم الأمر بعد !
 سيشهد بزيبز عن عذابات أهلنا وهو يطوفون بين جروح تؤلم وديار تركوها بلا وداع .. أهكذا إذن ؟!
أهكذا يُعامل أهل الأنبار أيها العراقيون !
أهكذا يُعامل أهل الرُمادي ويطلب منهم كفلاء ولم يطلبوا من أحد  كفيلاً حين استقبلوا أكبر موجةِ نزوح , كردية بين عامي ( 1974 – 1975 ) حين هاجرت آلاف العوائل الكردية من أربيل والسليمانية ودهوك وخانقين وغيرها هرباً من أتون الحرب المشتعلة آنذاك واستقروا وعاشوا وذابوا بين أهلهم في الرُمادي .. أهكذا يعامل أهل الأنبار لم يطلبوا كفيلاً من أهل البصرة حين وصلت عوائل أهلنا من البصرة في ثمانينيات القرن الماضي بعد اشتداد القصف الإيراني على البصرة، واستقبلهم أهل الأنبار وسكنوا في بيوتهم وانصهروا بين أخوتهم في الأنبار حتى يومنا هذا .. أهكذا يُعامل أهلنا من الرُمادي أقولها لكل العراقيين ويُطلب منهم كفلاء وإثباتات بلا حياء وبلا خجل .. أما في عام 1991 وفي حرب الخليج الأولى استقبلت كل مدن وأقضية ونواحي وقصبات وقرى الأنبار العراقيين بابتسامة الطيبين وصمت الشجعان .. وفي عام ( 2003 ) أيتذكر العراقيون من فتح أبوابه وقلبه وروحه لكل من لجأ إلى الأنبار وتحديداً إلى الرمادي هرباً من قصف المحتل .. أليسوا من أهلنا في بغداد ومدن أخرى .. أقول فقط السلام على العراق وأهلنا في العراق .. والخزي والعار والخذلان ( للسياسيين )

أحدث المقالات

أحدث المقالات