تودع الشمس أبناء مدينة السلام بغداد الحبيبة يوما آخر اسمه يسبح به الناس لله العلي القدير يبدأ بعبير وتلاوات المسبحين نحو جهة الغروب فإذا بجموع الناس ترفع الأذرع إلى الباري عز وجل وتنقل رائحة السلام والأمان إلى أبناء هذه المدينة حيث بدأت مئات المآذن تدعو الناس إلى صلاة المغرب سرت في شارع طويل بعد صلاة يكاد يفرغ تماماً من الناس بينما كانت الأعداد من السيارات المسرعة تذهب إلى حيث لا ادري .
وفي اللحظة نفسها لا ادري لماذا تذكرت ذلك السؤال : لو أحصينا عدد المآذن والمساجد والحسينيات والكنائس والمعابد الدينية في بغداد لفاتنا الكثير لكنها تبزغ شامخة من بعيد يرفرف الطير فوق أحواض جميع المعابد الدينية ولجميع طوائف هذه المدينة وأهل ( بغداد ) الأصليين منهم يتمسكون بالتقاليد العربية والإسلامية والديانات الأخرى التي ورثوها من آبائهم وأجدادهم لكنهم يتآلفون مع الغرباء حتى ينصهر الغرباء بينهم ,
لكن مع الأسف لا ادري ما حل بهذه المدينة التي لها حضارة انتشرت شواخصها في كل بقاع العالم تحكي قصة شعب عريق مبدع متسلح بالعلم , كان ولا يزال يثير في النفس اعتزازا ,
ومباهاة واعتلاء لناصية الفخر عبر ما تحقق لها ضمن مسيرتها الطويلة الحافلة بالعطاء حتى وصفها احد المؤرخين بأنها قطعة من التاريخ والحضارة والإنسانية , وها هي المدينة التي خطفها الأعداء بعد عام ( الاحتلال ) من الفاسدين والطامعين الذين يعتقدون أن هذه المدينة مزرعة مهجورة لا أصحاب لها ولا أهل يحرسونها ويحمونها من قوات الاحتلال والعفاريت الجديدة التي خرجت للتو من القمقم لهذه الأرض رافعين شعارا لأبناء هذه المدينة يجب أن تغادروها ولكنهم نسوا أن في العاصمة الجريحة عباقرة كثر وشجعان كثر وحكماء كثر لكن الوقت غير متاح للمبارزات بين أولئك العباقرة والشجعان والحكماء بل هو وقت أيجاد المخارج للناس قبل أن تحترق هذه المدينة والسؤال هنا يطرح نفسه أمام الحكومة العراقية وأعضاء مجلس النواب خلال الدورات الثلاث .. ماذا فعلتم لهذه المدينة التي ظلت شوارعها مقفرة أبنية تهاوت وتهدمت ,
أزقة لونتها الشعارات الطائفية , ومآذن ومعابد أتعبها الرصاص , تلك المدينة كانت غافية على حلم دجلة لكن حالها تحول إلى كابوس أطبقت من خلاله قوات الاحتلال على جميع مفاصلها الحيوية وشرايينها التي تؤدي إلى استمرار الحياة فيها ,فهي تعيش اليوم في حصار جديد لم تألفه كتب المصطلحات السياسية والعسكرية وهذا حال لسان أبنائها الطيبين .. على من تقع مسؤولية هذا التدمير المبرمج وفقدان الحياة المدنية العامة وتهجير أهلها المساكين في مدينة كانت عقدة المواصلات المهمة في الشرق الأوسط وتسمى وما زالت ( مدينة السلام ) أهلها يتهمون من يتهمون باصطناع هذا الوضع للحيلولة دون استمرار الحياة فيها وحكومة ( بغداد ) أغلقت أبوابها أمام الجميع وتبقى الأسئلة بلا أجوبة واضحة برغم الحملات الأمنية الاستعراضية , فمن المسئول يا ترى ولماذا .. وها هي بغداد اليوم رجع فيها الأشرار من المليشيات الطائفية الفاشلة التي بعثرت كل جهد يؤدي إلى الإصلاح في هذا البلد .. وان من أغتال مدينة الشرف ( بغداد ) سيدفع الحساب قريبا أن شاء الله وصدقوني أن عاصمتي الغالية الحبيبة ,تمرض دائماً لكن لا تموت !