ربما يمكن القول , أن الحكام العرب في القرن العشرين ولا يزالون يتبعون تعاليم كتاب الأمير لميكافيلي , وهذا ما يشير إليه سلوكهم وأنظمة حكمهم , وقد يقولون ما يقولون , لكن كتابهم وشرعهم وقانونهم ما جاء بذلك الكتاب السقيم.
فأنظمة الحكم العربية , لا ديمقراطية ولا عربية ولا عقائدية ولا قبلية ولا طائفية ولا ولا , وإنما هي أنظمة حكم ميكافيلية , قلبا وروحا وتنفيذا , ومَن يريد أن يفهم ما يحصل في الواقع العربي عليه أن يقارنه بما جاء في كتاب الأمير.
ومنهجها الأكبر ومذهبها ودينها وعقيدتها تتلخص بعبارة ” الغاية تبرر الوسيلة” , وما حاد نظام حكم في الدول العربية عن هذا السلوك , الذي أفنى قيمة العرب ودورهم وهويتهم , وأمعن في الذل والهوان من أجل عيون الكرسي العتيد , الذي يتوهم الجالس عليه بأنه الصفي المخصوص بتنفيذ أوامر وتعاليم ربه الذي وضعه فيه , وهذا الرب قوة تخيّره ما بين الموت في الكرسي أو تنفيذ ما هو مطلوب منه إلى حين.
وإنْ إدّعى بأنه ينفذ أوامر ربٍّ آخر يعبده , فهو على مقاسات هواه ورغباته الدونية السمجاء.
فالذي لا يتبع الأساليب الميكافيلية في الحكم عليه أن يقدم قدوة أخلاقية ذات معايير نبيلة سامية , يعبّر عنها بفعله لا بقوله وحسب , أما أن يخادع الناس بقول ما لا يفعل , فأن في الأمر غايات ووسائل تبررها للوصول إليها.
فلو نظرتم أحوال الكراسي العربية على مدى القرن العشرين فلن تجدوا سوى سلوك ” الغاية تبرر الوسيلة” , وما حاد كرسي عن ذلك , بل أنهم قد أوجدوا العديد من المنافقين المتزلفين الأنانيين , من الذي يحسبون أنفسهم مثقفين ومفكرين ووعاظ , قد إجتهدوا بتبرير ما يقومون به من الخطايا والآثام بحق بلدانهم ومواطنيهم.
فالكراسي في البلدان العربية قد قتلت من العرب ما لم يقتله منهم ألد أعدائهم , ففي كل يوم عشرات المئات من الأبرياء يموتون في السجون والمعتقلات وسوح الإعدامات , التي يتفاخرون بها ويتوهمون بموجبها أنهم يحكمون وبيدهم القرار والقوة.
وما هم إلا دمى تحركها القوى الفاعلة فيها عن بعد أو قرب , وتستهلكها لتأتي بغيرها , فتعيد اللعبة , والرابح أعداء العرب , والخاسر جميع العرب.
ففي كل كرسي أجير!!
وإلى متى يبقى المآجير يتحكمون بالعرب ؟!!