الحكومات العراقية المتعاقبة منذ انقلاب عبد الكريم قاسم ولحد حكم صدام حسين والنظام ما بعد الاحتلال عام 2003 ” نظام بريمر ” كلها أنظمة دكتاتورية انفرادية .تهرّج للديمقراطية ولا تعمل بها كنهج او منهج سياسي . لا يجهلونها ولا يقبلونها ولا يأمنون بها . لأنهم اصلا أنقلبوا عليها , وضلّوا يتهمون النظام الملكي بالعمالة لبريطانيا . وحكام العراق بالتعاقب ” عبد الكريم قاسم و عبد السلام محمد عارف و عبد الرحمن محمد عارف وأحمد حسن البكر وصدام حسن ” ومن يشترك معهم في إدارة ” دست المسؤولية ” كان شاغلهم الأول الحفاض على الحال الذي هم عليه ” هذه حقبة ما قبل الاحتلال الامريكي ” كان العالم ” مشغول ودايخ ” في دوامة الرأسمالية والشيوعية والاشتراكية شمل هذا الحال العالم كله ومن لم ينغمر بهذا ” التسونامي المرير ” تلوّث برذاذه .
قبل انقلاب 14 تموز 1958 يسمّيه البعض ثورة . كان النظام الملكي ودستوره أشبه بالنظام البريطاني في جوانب كثيرة , رغم اختلاف أفكار واتجاهات أدارات هذا النظام ومن يديرونه مختلفين في آرائهم وأتجاهاتهم واضح هذا في سلوكهم بشكل معلن او مخفي . الملك غازي كان مناهض للسياسة البريطانية في آرائه وسلوكه مما انتهى ذلك بقتله . ” ونوري السعيد ” رئيس وزراء العراق أربعة عشر مرة يجنح للجانب البريطاني , كذلك الوصي عبد الإله . ومحسن السعدون وطني رَحَّلَتهُ وطنيتهُ الى العالم الآخر , بسبب انتحاره معترضاً على سياسة بريطانيا بشأن بلده العراق و الثائر الكبير النزيه الفائق الشجاعة الشريف رشيد عالي الكيلاني رئيس وزراء العراق لأربع مرات , تقاطع مع بريطانيا ولم يواليها وأحجم عن السير بركابها عندما حاولت زج جيش العراقي وتسخير خيراته لخدمتها في الحرب العالمية الثانية . قولته المشهورة ” لا نضحي بأبنائنا بحرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل ” . فدخل في حرب معها مدعوم من شعبه حاربها لمدة شهر رغم التباين الكبير الواضح بين القوّتين .
كانت بريطانيا عالمة دارسة لمداخل ومخارج العراق و زواغيله وتعرف تماماً ما يرغبه وما يرفضه شعب العراق عاداته وأطباعه وخوالجه والفاعلين فيه ونخبه الاجتماعية . فأسست الحكم الملكي ودستوره على أعلى مستوى .
النظام الملكي كان ناجحاً بأدارة قيادة العراق , البلد مستقر الى حد بعيد في كل جوانب الحياة المجتمعية , لم يسبق الزمن في تعامله مع الواقع ولم يلتجئ للتطرف ولا للطائفية ولم يغطي الايمان بالكفر ولا النزاهة بالتضليل , كان قوي بأقتصاده المتواضع وقوي بجيشه وشعبه . الثقة قوية ومتجانسة بين الشعب والقيادة الحاكمة الكل متساوٍ في الحقوق والواجبات كل له دوره وما يستحق , القياس الكفاءة والميزان الوطنية . السمة الوطنية هي السائدة والدولة ونظامها ” العلمانية الايمانية ” ترى الاديان والطوائف والاثنيات ومختلف القوميات تعمل بالمقياس الوطني ” ميزان العراق في تلك الفترة . العربي له شأن وغير العربي كذلك والمسلم واليهودي والمسيحي , الكردي والتركماني واليزيدي , الجميع يأكلون من سفرة واحدة ” العراق ” ويخدمونها بأخلاص ونزاهة .
جاء عبد الكريم قاسم وحلت المآسي على العراق فختلط الحابل بالنابل والاسود بالأبيض ليصبح رمادي , فكان ما كان من التناقض والاختلاف الذي كانت نتيجته الاحتدام ولا زال . الشيوعي ضد القومي والتقدمي ضد الرجعي والكردي ضد التركماني . واليهود والمسيحيين والمسلمين مختلفين مع بعضهم , وكان المغذي والمحرّض لهذا بالدرجة الاساس ” ابو ناجي ” الانكليزي كما يلقّبه العراقيين . تليه اسرائيل في ذلك . والبعض من العراقيّون يذهب ابعد من ذلك فيعتقدون بأن البريطانيين هم وراء انقلاب عبد الكريم , لأسباب كثيرة بعضها واضح ومنطقي مثل الاتحاد الهاشمي بين العراق والاردن . وتاريخ النظام الملكي المؤطر بالعصبية وعدم الثقة ببريطانيا . والمؤشرات الواضحة على تغيير توجهات النظام الملكي نحو القطب الامريكي . وغيرها من الامور .
الانظمة التي تعاقبت على حكم العراق ضلت متأثرة بهذا الخليط من التناقض الذي ساد لفترة طويلة. لا نشكك بمن تعاقب على حكم العراق و بستقلالهم لكننا نشكك بأجتهاداتهم , لأن كل منهم يرى الأمور عكس ما يراها الآخرين من الشعب مثقفين ومفكرين وثقات ” وهذه صفة العسكرين في الغالب ” .
الكل يمجد ويعوّل ويهدد ويستغيث بالشعب لكن في الكلام فقط . وغالباً ما كانت بياناتهم تبدأ ” بسم الشعب قررنا ما يلي ” والشعب كمثل شخص مربوط على كرسي مكموم الفم . واليوم العراق بعد الاحتلال ياللهول نظام دكتاتوري مذهبي مقيت . يمر بحال لم يمر به بلد بالعالم , حتى الصومال مضرب المثل لم يمر به ” يا من هجرت ولاتبالي * هل ترجع دولة الصومالِ ” حال اشبه ببالوعة حي سكني . هذا ما فعلته أمريكا وكلاب صيدها . مقولة للزعيم الصيني ” ماو سي تونغ ” عندما تذهب أمريكا للصيد تأخذ كلابها معها . أسرائيل ايران والرجعية العربية . كلاب صيد امريكا في الحقل العربي والعراقي . . . . . . نسأل الله التوفيق أن يزيل هذه الغمّة عن هذه ألأمة . ولا حول ولا قوة إلا به ومنه