منذ إنطلاق فكرة أنظمة الحكم الزئبقية , المتمثلة بإنشاء عدة مراكز حكم قوية في دولة واحدة , حتى ليحتار المتعامل معها ويضطرب , لأنه لن يتمكن من الإمساك برأسها
ففي بعضها نظام جمهوري ومليشياوي و ديني وعسكري وأكثر , فيصاب المتعامل معها بعدم القدرة على تغيير السلطة فيها.
إذ يبدو أن تغيير نظام الحكم في هكذا دول , سيكون عسيرا أو مستحيلا.
هذه آلية إستحكام القبض على السلطة , ومستقاة من دراسة نابهة لما مرت به أنظمة الحكم عبر العصور.
فكيف تتمكن أية قوة السيطرة على كينونات سرابية , ذات سلوكيات زئبقية فائقة التملص من الإصطياد.
النظام السياسي الزئبقي وجد ليبقى , ولا توجد وسيلة للتخلص منه , إلا أن تنشأ في داخله إرادة التدمير الذاتي , أي أن عناصره تتولد فيها طاقات الفناء الداخلي , التي ستصنع أنفاقا لكرات الزئبق لتنتهي إلى حفرة الغياب الأبيد.
ومن أهم أسباب إستمرار بعض الإمبراطوريات لعدة قرون , كيننوناتها الزئبقية التي ما تمكن أعداؤها من القضاء عليها جميعا , بل تتحقق هزيمة هنا وإنتصارات هناك , تسقط قوة وتنهض قوى , فيجد عدوها أن أذرع القوة لا تنتهي مادام الرأس حيا يرزق.
ومن الواضح أن الدولة العباسية إنتهت عندما سُحق رأسها , أما التفاعل مع أذرعها أصابها بقليل من الأذى , الذي تراكم حتى إنحنى رأسها وداسته أقدام الوعيد.
وتجدنا في واقع الدولة الزئبقية الساعية للهيمنة , المسخرة لأذرعها الممتدة في دول عديدة , ورغم إنفصال بعضها عن رأسها , لكنها لا تزال مؤثرة في صناعة الأحداث , وتدرك القوى المستهدفة لها أن لا بد من الرأس لكي تموت الأذرع , وتنتهي الهيمنة واللإستعباد المخادع المضلل للمغفلين المثمولين بالبهتان المبين.
فهل لكرات الزئبق الإندساس بالطين؟!!