23 ديسمبر، 2024 3:44 ص

أنشروا السرطان لتمتلئ جيوبكم

أنشروا السرطان لتمتلئ جيوبكم

هي واحدة من أنواع الحروب التي شنت على العراق ، ولكن بشكل فاضح ومباشر، وتمارس منذ احتلال العراق ولا تزال تتصاعد من دون رادع أو خوف من خالق ، أو أخلاق أو صحوت ضمير ، فقد وضعت أسسها أجندات معروفة كنوع من أنواع الإبادة الجماعية ولكن من دون ضجيج ، وتحول العديد من تجار الفساد ، والجهل اللذين يلهثون وراء الكسب بأي طريقة كانت من دون الالتفات إلى التدقيق بما يقومون به ، أو على الأقل نتيجة لخوفهم على أنفسهم وأجيالهم المقربين ، لأن المجتمعات هي نتيجة لتجمع الأفراد والعوائل والعشائر التي تنتهي إلى قرى ونواحي ومدن كبيرة .

من يطلع ولو بشكل خاطف على تقارير منظمة الصحة العالمية الخاصة بفحوصات الأغذية البشرية بأنواعها ، ويرجع ليطبقها على عشرات ، بل مئات المواد الغذائية وخاصة ما يتعلق بالأغذية التي تستهوي الأطفال والشباب من العصائر الصناعية ، والبساكت والنساتل والشبس بأنواعه ومواد غذائية أخرى عديدة قد غزت أسواقنا ، ولكنها لا تخضع للرقابة الحكومية منذ سنوات ، سيجد وبشكل واضح تحذير حقيقي وثابت لأغذية معينة مكتوب عليها رموز محددة تتعلق باحتوائها على مواد مسرطنة ، وخاصة بمنتجات مستوردة بالدرجة الأولى من الأردن ، ومن يقوم بالبحث والتحري وراء تلك المنتجات سيجد إنها مستوردة من الكيان الصهيوني ولكن تحت واجهة تجارية على أنها صنعت بالأردن ، وهناك أيضاً منتجات سعودية وكويتية وأخرى إيرانية ، وتركية ، وأغلبها منتجات يتداولها الأطفال أو الشباب بالدرجة الأولى وإن اختفاء مؤسسة رصينة لسنوات مضت كانت تراقب وتدقق وتمنع وتحجب أية مواد يتم فحصها بمختبرات خاصة كانت تابعة لمؤسسة حكومية أسمها ( السيطرة النوعية ) مؤسسة حكومية رصينة ومهنية كان عملها يتخصص بحماية المجتمع وكافة المستهلكين ، لأنهم رعاية الدولة وأبنائها ، وعادة ما يشعر المستهلك في أي بلد بالعالم أنه مؤمن برعاية حكومته ودولته لأنه يثق بنهاية المطاف أن هناك رعاية ومسؤولية تمارسها الدولة لحماية أبنائها ليس من خطر العدو الخارجي حينما تتعرض البلدان للحروب والنزاعات فحسب ، بل من أخطار عديدة وفي مقدمتها ، حمايته من خلال التأكد وفحص كافة المستوردات الخارجية وخاصة ما يتعلق بصحة الإنسان وحياته وغذائه ودوائه .

ولكن ما جرى بالعراق اختفاء العديد من المؤسسات الحيوية لسنوات طويلة ، وإهمال دعمها بشكل مقصود ، وبالرغم من عودة تفعيل نشاط السيطرة النوعية منذ بضعة سنوات ، ولكن بشكل خجول لم يعطيها الدور الرقابي الحقيقي الذي يجعلها تمارس دورها المطلوب ، والدليل على ذلك ما تمتلئ به الأسواق في بغداد والمحافظات ، من أنواع الأجهزة الكهربائية الرديئة المنشأ والتي لا تمتلك أية متانة ، فيتم استهلاكها وعطلها بشكل سريع لا يتجاوز سنة واحدة بالوقت الذي يطلق عليها تسمية ( الأجهزة المعمرة ) التي يجب أن تعمر لعشرة سنوات على أقل تقدير كعمر إفتراضي مؤكد ، والذي ساعد في انتشار تلك الظاهرة السيئة هو المواطن المستهلك نفسه ، لأنه أصبح يبحث عن قيمة البضاعة المتدني على حساب الجودة ، فتحول البلد إلى بلد استهلاكي بامتياز ، يوازي ذلك تدمير الصناعات العراقية المختلفة بمجالات

الأجهزة الكهربائية وألألكترونية وصولاً لصناعة السيارات والأجهزة والمكائن ، من خلال تعطيل دور وزارة الصناعة والمعادن ، وكذلك تعطيل دور الزراعة بشكل كبير حتى أصبح البلد يستورد أبسط أنواع الخضروات والفواكه ، وحتى التمور التي كنا البلد الأول عالمياً في أنتاجها ، أصبحنا نستوردها من دول الجوار ، أما الأدوية المصابة بأمراض الايدز وأنواع السرطانات فتلك قصة أخرى .

أن الدور الرقابي الحكومي ضعيفاً للغاية ، ونحن نتساءل ، هل الأمر مقصود ومبرمج كما أريد له أن يكون ؟ حتى تمتلئ جيوب أشخاص بعينهم يملكون مسؤولية القرار الحكومي ؟ أم الأمر مهمل من دون قصد نتيجة لإفراغ الدولة من كفاءاتها الحقيقية التي تمت تصفيتهم أو هجرتهم قسراً والضحية هو الإنسان العراقي الذي لا يزال يدفع فاتورة هو ليس مسؤلاً عنها .

أفيقوا يا عباد الله ولا تتركوا الجهل ينهش فلذات أكبادكم ، من دون صرخة لتصحيح المسار ، فالعراق لا يستحق أن يكون بلداً للجهل والجهلاء بعدما كان معلماً أوجد ألكتابة والقلم وأنشأ الحضارة الخالدة ، لتفتك به ألأمراض المستوردة كما هم السياسيون المستوردون .